ابنتي تريد الفسخ بعد عقد القران

منذ 2 أيام 42

ابنتي تريد الفسخ بعد عقد القران


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2025 ميلادي - 23/10/1446 هجري

الزيارات: 21


السؤال:

الملخص:

أبٌ يريد حلًّا لمشكلة ابنته، التي تريد الفسخ بعد عقد القران؛ فهي تكره خطيبها، وتجد "دمه ثقيلًا"، وتتهرب منه، إما بمحاولة منعه من الزيارة، أو تقصير وقت زيارته، إن أتى إليهم، بافتعال المعاذير والتعلات، وقد أخبرت أباها بذلك، لكنه يخشى إن حدث من قلة فرص زواجها في المستقبل؛ لأنها ستحمل لقب مطلَّقة، ويسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

أرجو أن يتَّسِعَ صدركم لي والرد على سؤالي للضرورة؛ أنا أبٌ ولي ابنة وحيدة، طالبة جامعية في الثالثة والعشرين من عمرها، تقدَّم لخِطبتها شابٌّ في الثلاثين من عمره، غير متعلِّم، لكنه مجتهد في عمله، ووافقنا، ووافقت ابنتي عليه، وبعد مدة عقدنا القران، وخلال الشهر الأول حدثت بعض المشاكل اليسيرة بينهما؛ حيث كان يطلب منها أن تتحدث معه في كل وقت، ويغضب إذا لم تحدِّثه، حتى لو كانت مع صديقاتها، أو أقربائها، أو في الجامعة، وينفعل ويُغلِق الهاتف في وجهها، وابنتي غير معتادة على مثل هذه المعاملة، أيضًا ظهرت بعض الغَيرة منه عليها، حدثتني ابنتي في الأمر، واستدعيته، وتحدثت معه، واعتذر، وبدأ يُغيِّر من أسلوبه، ويقدم لها ما يستطيع، وتعهَّد بالتغير، وتغير للأفضل حقًّا، وبعد مدة بدأت تظهر تغيرات في سلوك ابنتي تجاهه؛ حيث لاحظتُ إهمالها وتجاهلها له، حتى إذا جاء لزيارتها، تحاول التهرب من الجلوس معه، أو إذا اتصل بها للمجيء، تحاول منعَهُ، وتأجيل الزيارة، وهو يحاول التقرب منها، استمر هذا الحال لمدة، أنا كأبٍ لاحظت أن ابنتي غير سعيدة بخِطبتها، وكلما ذُكِرَ خطيبها تتوتر وتقلق، وتحاول تغيير الموضوع، حتى جاءت ابنتي وطلبت مني ألَّا أزوِّجها إياه، وأنها تُحِسُّ - على حد تعبيرها - أن خطيبها "نكدي ودمه ثقيل"، ولا تستطيع تقبُّله، وأنها تدعو في صلاتها أن يخلِّصها الله من هذا الزواج، وأخبرتني أنها غير سعيدة معه، وقد شرحت لها أن فسخ العقد يعطيها لقب مطلَّقة، والمطلَّقة تكون فرصها في الزواج أقل، ورغَّبتها في الشابِّ؛ بأنه شاب جيد ومكافح، وسوف يُسعدها في المستقبل، فتراجعت عن قرارها هذا، لكني أحس أنها تراجعت خوفًا أن تُغضبني؛ فهي متعلقة بي جدًّا، وما أكَّد لي الأمر أنها ما زالت تتهرب من خطيبها، وقد لاحظ الشابُّ ذلك، وشكا لي، وأخبرني أنه يحبها ولا يستطيع التخلي عنها، وهو على استعداد لفعل كل ما يُسعدها، أرجوكم ساعدوني، هل أفسخ العقد وأتركها تتحمَّل ونتحمل معها تبِعات هذا القرار، أم أكمل المسير؟ دلُّوني جزاكم الله خيرًا عني وعن ابنتي.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فأسأل الله أن يُيَسِّر لأختنا ما فيه الخير، وبارك الله في أبيها؛ حيث أراد الاستشارة، لعله يجد ما يفيد وينفع في هذا الأمر، وأسأل الله التوفيق والسداد.

أولًا: حتى يكون الزواج ناجحًا لا بد فيه من التكافؤ.

أختنا جامعية، فالأفضل لها أن تأخذ من نفس مستواها التعليمي، فموافقتكم على خاطب ليس متعلمًا، كان ينبغي التفكير في هذا جيدًا، ولا أُقلِّل أبدًا من شأنه، لربما هو أفضل عند الله من كثيرين متعلمين، لكن جرت العادة أن عدم التكافؤ في التعليم، أو المستوى الاجتماعي، أو المادي، وغيرها يُسبِّب المشكلات.

كذلك أشعر أنكم تسرعتم في العقد؛ فالعقد يكون خطبة امتدت مدة زمنية استطاعت من خلالها الابنة أن تعرف عنه أكثر، وتعرف طِباعَه؛ حتى تحكم: هل تستطيع أن تكمل معه أم لا؟ فالخطبة غاية في الأهمية، وإن لم تكن هكذا، لَما شرعها الله سبحانه وتعالى.

ثم يأتي بعدها العقد، ويكون كلا الخاطب والمخطوبة قد غلب على ظنِّهما أنهما يستطيعان إكمال الحياة معًا، وأن أهدافهما واحدة، وأنه قد فهم أحدهما الآخر جيدًا، ويستطيعان حلَّ مشكلاتهما بشكل سليم، وشعرا حقًّا أنهما قادران على إقامة أسرة، وغير ذلك من الأمور.

بالنسبة لأختنا، وقد عقدت بالفعل، لكنها لا تريد إتمام الزواج، وكما تفضَّلتم لديها نفور شديد، وتدعو في صلاتها بألَّا يتم الله زواجها، فأنا أرى أن تستخير الله عز وجل فيما تريد، ثم تمضي فيه؛ لأن هذه حياتها، وهي التي ستعيش، وإن كانت الآن في فترة العقد التي هي من أفضل الأوقات كارهة لهذا الزوج كما وصفتم، فكيف تكمل معه؟! وكيف نضمن لها السعادة معه مستقبلًا، وهي الآن تعيسة معه، لا تريد أن تراه، وتتهرب منه؟!

أنتم الآن على البَرِّ كما يقولون، وفسخ العقد الآن أفضل ألف مرة من أن يتم الزواج، ولَربما حملت، ثم تتفاجؤون بها تريد الطلاق ومعها أطفال، وحينها ستقولون: ليتنا فسخنا العقد قبل الدخول، ولن ينفع الندم.

أعلم أن فسخ العقد الآن صعب، لكننا أحيانًا نضطر لفعل الصعب؛ حتى لا نقع في الأصعب بعد ذلك.

أما مسألة أنها ستحمل لقب مُطلَّقة، فاثنتان من بنات النبي صلى الله عليه وسلم طُلقتا بعد العقد، ففسخ العقد ما دام لسبب قويٍّ، فلا إشكال في ذلك.

أما قولكم: إن هذا يُقلِّل من فرص زواجها، فالرزاق هو الله سبحانه وتعالى، والحمد لله أن الرزق بيده وحده، وفسخ العقد الآن ليس نهاية الحياة، ولعل الله يخلف عليها خيرًا، ويخلف عليه خيرًا؛ والله عز وجل قال: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130].

أسأل الله أن ييسر لكم الخير حيث كان، وأن يرضيكم به.