بعد مرور أيام قليلة على الذكرى الـ«105» لميلاد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، توفي مساء الإثنين سامي شرف، «خازن أسراره»، الوزير الأسبق لشؤون رئاسة الجمهورية، وسكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات، عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد صراع مع المرض، وسوف تشيع جنازته بعد صلاة ظهر الثلاثاء من مسجد أبو المكارم الزغل، بمدينة نصر (شرق القاهرة).
وشرف من مواليد 1929 بحي مصر الجديدة بالقاهرة، وهو الطفل الرابع والذكر الثالث من بين 6 أطفال لعائلة مصرية من الطبقة المتوسطة، والتحق بالكلية الحربية عام 1946، وتخرج فيها في الأول من فبراير (شباط) عام 1949. وجرى تعيينه في سلاح المدفعية برتبة ملازم، وبعد قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 بأيام التحق بالمخابرات الحربية.
ومع التحاقه بالمخابرات الحربية، أظهر «نبوغاً ونجاحاً» في المهام المكلف بها، وفق كُتاب مصريين، وهو ما أهّله للاقتراب من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يكلفه بمهام خاصة، إلى أن تم اختياره لإنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات، وتم تعيينه سكرتيراً للرئيس للمعلومات، وقبل وفاة عبد الناصر صدر قرار تعيينه وزيراً للدولة، ثم وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية في أبريل (نيسان) 1970.
وكان شرف من بين رموز حكم الرئيس عبد الناصر، الذين جرى اعتقالهم في أحداث 13 مايو (أيار) عام 1971، التي عرفت باسم «اعتقالات مراكز القوى»، وبقي في السجن نحو 10 سنوات، حتى صدر قرار الإفراج عنه هو وزملاؤه من دون أوامر.
ويحكي شرف قصة الإفراج عنه وعن زملائه في كتابه «سنوات وأيام مع عبد الناصر»: «وجدنا باب السجن مفتوحاً، وقد اختفى الضباط والجنود، فرحنا نتشاور فيما بيننا، وأخيراً قررنا الخروج، ووضعنا احتمالين، إما أن نتعرض للاغتيال أو نذهب إلى بيوتنا، وكان الاحتمال الثاني هو الصحيح، فذهبنا إلى بيوتنا».
ولقّب سياسيون شرف بـ«خازن أسرار الرئيس الراحل عبد الناصر»، وهو ما جعله هدفاً لجهات حاولت استخدامه في جمع معلومات، ويحكي بنفسه في أحد اللقاءات التلفزيونية عن إحدى هذه المحاولات قائلاً: «بعد خروجي من السجن، قررت التوجه للتعليم مرة أخرى، وانتسبت إلى الجامعة الأميركية بالقاهرة، للحصول على الماجستير في الإدارة العامة، لكنني فوجئت بأن أحد أساتذة الجامعة من عناصر المخابرات الأميركية، وكان يضايقني، أملاً في معلومات عن جمال عبد الناصر، لعلمه بقربي من عبد الناصر، فقررت ترك الجامعة».
ونعى سياسيون وإعلاميون الراحل، في مقدمتهم عضو مجلس النواب مصطفى بكري، الذي كانت تربطه صداقة مع شرف، وكان أول من نشر خبر وفاته على حسابه بموقع «تويتر»، وقال بكري: «ظل صوته يتواصل معي معلقاً على الأحداث رغم المرض، وعندما زرته في مستشفى (وادي النيل) قبل أن تمنع عنه الزيارة كان يوصي بالحفاظ على تراث عبد الناصر حتى تعرف الأجيال الجديدة حقيقة دور الزعيم الذي واجه التحديات وانتصر للوطن».
واعتبر محمد فايق، مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر، ووزير الإرشاد القومي خلال الفترة من 1966 حتى 1970، وفاة شرف «خسارة كبيرة للفكر الناصري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فقدت الناصرية حارساً قوياً وأميناً».
وأوضح أن «أهم ما يميز شرف كان ولاؤه وإخلاصه التام لبلده وللرئيس عبد الناصر»، مضيفاً: «لم أرَ في حياتي شخصاً مخلصاً بنفس درجته؛ حيث كان لا يغادر مكتبه إلا عندما يطمئن أن الرئيس قد خلد إلى النوم».
وأضاف أن شرف «كان يملك كماً هائلاً من المعلومات، ذكر بعضها في 7 كتب، تعتبر توثيقاً للثورة، ولفترة عمله مع الرئيس عبد الناصر».