هوية الفيلم الغائبة

منذ 10 ساعة 17

‫> ما يُعرض في المهرجانات هذه الأيام هو في الغالب نتاج جماعي مشترك بين دول عدَّة. على سبيل المثال، فيلم وولتر سايلس «I’m Still Here»، هو ثمرة تعاون مشترك بين البرازيل والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهولندا. وبالمثل، يجمع فيلم «Kill the Jockey» بين مساهمات إنتاجية من الأرجنتين وبريطانيا والولايات المتحدة والدنمارك والمكسيك وإسبانيا.

> لقد ولَّت تلك الأيام التي كان فيها الإنتاج سمة بلدٍ واحد، كأن تقول بثقة: هذا فيلم لبناني، وذلك برتغالي، أو ذاك إيطالي، أو فرنسي، أو أميركي.

> لم يكن غياب الإنتاج المشترك في السابق يعني عدم الحاجة إليه، بيد أنه لم يكن بهذه الكثافة وهذا التعدد الكبير. أما الآن، فكل شركة تساهم في تمويل الفيلم تُصرُّ على إدراج اسمها في مقدمته، فتجد نفسك تتنقّل من اسم شركة إلى أخرى، حتى تمرَّ دقيقتان من زمن الفيلم من دون أن تبدأ المشاهدة الفعلية.

> السبب الرئيسي وراء ذلك، هو ارتفاع تكاليف الإنتاج؛ ما كان يُنتج في أحد البلدان الأوروبية بخمسة ملايين يورو، صار اليوم يحتاج إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم، وذلك إن كان الفيلم بسيطاً ولا يتطلب مؤثرات خاصة أو نجوماً باهظي الأجور أو ديكورات مكلفة.

> لهذا السبب، فضّلت مهرجانات عدّة، تغييب اسم الدولة المموِّلة، لأن ذلك يتطلب تدقيقًا ومن ثَمَّ مساحة كبيرة لتوثيق مصادر التمويل.

> من يحب التوثيق والتدوين والتحقيق التاريخي هو مَن بات عليه الآن بذل الجهد للبحث عن هوية الفيلم. وهذه ليست عملية اعتباطية، بل تتطلب معرفة في الممول الرئيسي الذي ساهم بالنسبة الأعلى، ومعرفة الجهة الإنتاجية الأولى التي انطلق منها المشروع.

> الحل الذي يعتمده بعض النقاد هو نسب هوية الفيلم إلى هوية مخرجه، باعتباره «صانع الفيلم»، بيد أن هذا غير دقيق، أولاً لأنه ليس الصانع الوحيد، وثانياً لأن الهوية يجب أن تنتمي إلى الجهة الممولة الأكبر.

> لا يزال من الممكن العثور على إنتاجات محلية بالكامل، بيد أن هذا يحدث فقط إذا كانت الميزانية محدودة، أو إذا كان البلد يتمتع بسوق محلية كافية أو بأسواق عالمية مفتوحة.