شجر الدر الملقبة بعصمة الدين أم خليل، واحدة من السيدات اللاتي حكمن مصر، وهى المرأة الوحيدة التي استطاعت تولى عرش مصر وحكمها من بعد الفتح الإسلامي وإلى الآن، ليوضع اسمها جنبًا إلى جنب مع حتشبسوت وكليوباترا.
شجر الدرّ ملكة مصر، وهي خوارزمية الأصل، وقيل أنها أرمينية، كانت جارية تتمتع بالجمال والذكاء الكبيرين، وقد ساعدها ذلك على الظفر بحب السلطان نجم الدين أيوب الذي اشتراها السلطان ، فوقع في حبها وأعتقها وتزوجها، وبعد وفاة أم توران شاه استحوذت شجر الدر على قلب السلطان، وأنجبت منه ابنها خليل الذي توفي في 2 من صفر 648 هـ، مايو 1250م.
تولت شجر الدر عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، بعدما قضى السلطان الصالح ايوب السنوات الأخيرة من عمره في محاربة الصليبيين وفى ذلك الوقت كانت شجر الدر هي المسئولة عن بيت المال وكان لها نفوذاً كبيراً على الجيش وانتهى بها الأمر بأن شاركت زوجها في حكم البلاد بعد ان داهمه المرض.
وقررت إخفاء خبر وفاة زوجها، بعدما وافته المنية اثناء مقاومة البلاد للغزو الصليبى بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، ق حتى لا تتأثر معنويات الجيوش والى ان تطمئن لتأييدهم تولى ابنه توران شاه للحكم، الذي قتل على يد مماليك أبيه واتفقوا على اختيار شجر الدر ملكة عليهم، وما أن جلست شجر الدر على العرش حتى قبضت على زمام الأمور وأحكمت إدارة شؤون البلاد، وكان أول عمل أهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد وإدارة مفاوضات معه انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع، القدّيس لويس، كما يسمّيه قومه، الذي كان أسيرًا بالمنصورة على تسليم دمياط وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله والباقي بعد وصوله إلى عكا مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل البلاد الإسلامية مرة أخرى، إلا ان دولة الخلافة العباسية في بغداد استنكرت ذلك وأرسلت إلى المماليك ما نصه: "إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيِّر لكم رجلاً".
اختارت شجر الدر عز الدين ايبك لتتزوجه ويشاركها الحكم، ثم تنازلت عن العرش لزوجها سنة 648 هـ، 1250م، لعبت دوراً تاريخياً هاماً أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر وخلال معركة المنصورة، وعندما علمت انه ينوى الزواج بأخرى دبرت لقتله، غير أن أيبك انقلب عليها بعدما أحكم قبضته على الحكم في البلاد، وتخلص من منافسيه في الداخل ومن الأيوبيين في الخارج، وتمرس بإدارة شئون البلاد، بدأ في اتخاذ خطوات للزواج من ابنة "بدر الدين لؤلؤ" صاحب الموصل، فغضبت شجر الدر لذلك وأسرعت في تدبير مؤامرتها للتخلص من أيبك، فأرسلت إليه تسترضيه وتتلطف معه وتطلب عفوه، فانخدع لحيلتها واستجاب لدعوتها وذهب إلى القلعة حيث لقي حتفه هناك في 23 ربيع الأول 655 هـ (1257م).
أشاعت شجر الدرّ أن المعزّ لدين الله أيبك قد مات فجأة بالليل، وتأكدت شجر الدر أنها لن تخرج من القصر وهي على قيد الحياة، وسحقت كل جواهرها ولآلئها الثمينة إلى ذرات، حتى لا يستفيد منها أحد بعد موتها، وقبض مماليك أيبك علي شجر الدر وحملوها إلى زوجته الأولى التي أمرت جواريها بقتلها بعد أيام قليلة، فقاموا بضربها بالقباقيب على رأسها وألقوا بها من فوق سور القلعة في القاهرة في يوم 3 مايو عام 1257 الموافق 23 ربيع الأول لعام 655 من الهجرة، ولم تدفن إلا بعد عدة أيام، بعد أن دام حكمها ثمانين يوما ثم تنازلت عن العرش لوزيرها بعد زواجها منه.
اتخذت سيرة شجر الدر موضوعا لفيلم سينمائي كان من أوائل الأفلام السينمائية في مصر، وقد اضطلعت فيه بدور شجر الدر الممثلة السيدة آسيا، وعرض في كثير من الأقطار العربية في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي.