دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كيف يمكن لفئة من الناس التلذّذ بالأطعمة الحارة جدًا الموضوعة في خانة سلوكيات التطرف البشري؟ تجيب دراسة جديدة، أنها قد تكون ناتجة عن كيفية تشكيل التوقعات للتجارب الحسية.
وبحسب الدكتورة سوزان ألبيرز، اختصاصية علم النفس السريري لدى عيادة كليفلاند في أوهايو، غير المشاركة في الدراسة: "التوقعات قوية. يمكنها تحويل الإحساس بالحرق إلى تجربة ممتعة أو غير سارة، اعتمادًا على ماهية توقعنا للطعم".
مستوى حر أعلى في الذهن من الواقع
في الدراسة التي نشرت في مجلة PLOS Biology الثلاثاء ، قام باحثون صينيون بمسح أدمغة 24 شخصًا يحبون الأطعمة الحارة و22 شخصًا لا يحبّونها.
أثناء تصوير الدماغ، تلقى كل شخص 30 رشة من الصلصة معتدلة وعالية الكثافة بالحر، تليها المياه، بينما تم عرض فلفلين أزرقي اللون. لم يمنح الفلفل المشاركين أي فكرة عن مدى حرارة الصلصة الحارة.
ثم تكرر الاختبار بذات الصلصات الحارة. ومع ذلك، هذه المرة، تم عرض فلفلين أحمرين على المشاركين عندما تم رش الصلصة الحارة أكثر في أفواههم، وفلفل أحمر وفلفل أزرق عندما تم إعطاؤهم الصلصة الأكثر اعتدالًا، وفلفلان أزرقا اللون عندما تم تقديم الماء لهم.
أضاءت أجزاء من الدماغ مرتبطة بالمتعة لدى الأشخاص الذين قالوا إنهم يحبون الأطعمة الحارة والتوابل، وفي كثير من الحالات، كلما كانت التوابل أكثر حرارة، زادت شدة المتعة.
لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لأدمغة من لا يحبون التوابل، إذ أضاءت مراكز الألم لديهم عندما تم إعطاء الصلصة الحارة في التجربتين. ومع ذلك، زادت تجربة الألم بشكل كبير في التجربة الثانية عندما علم المشارك أنه سيُعطى الصلصة الحارّة أكثر.
وأفاد المؤلف الرئيسي يي لوه، الباحث بكلية علم النفس والعلوم المعرفية في جامعة شرق الصين العادية في شنغهاي: "لقد فوجئت بمدى قوة تضخيم التوقعات السلبية لاستجابة الدماغ للألم، رغم أن الحافز كان ذاته".
وأوضح لوه في بيان: "هذا الأمر يُسلّط الضوء على كيف يمكن لتوقّعنا للانزعاج أن يكثف بشكل كبير تجربة الألم".
هناك أسباب أخرى، مثل الجينات، مثل لِمَ نفضّل نوعًا من الطعام على آخر. في هذا الصدد علّق ألبيرز كالتالي: "قد يكون بعضها توقعات، لكن بعضها الآخر قد يتعلّق بالطريقة التي تم بها إعدادك بيولوجيًا لتجربة الطعام".
وتابع: "نحن جميعًا نتذوق ذات الأطعمة بطرق مختلفة تمامًا. تفضيلات الذوق الخاصة بك تشبه بصمة الإصبع، فريدة تمامًا".
هل تريد تناول طعام حارّ أكثر؟
إذا كنت تريد تغيير رأيك بشأن التوابل أيضًا، فإليك اقتراحات ألبيرز:
أعد صياغة الارتباطات السلبية: إذا كنت لا تحب الطعام الحار، فحاول التعامل معه بفضول عوض النفور منه،
وأضافت ألبيرز أنّ "هذا التحوّل في العقلية قد يؤدي إلى تغيير إدراكك وتجربتك".
جرّب توابل مختلفة: ركز على التجربة الحسية الكاملة. ولاحظ النكهات، والملمس، والإحساس بمستوى حر التوابل المختلفة من دون حكم.
ونصحت ألبيرز باستخدام الإشارات المرئية بعناية، إذ أنّ الانتباه إلى كيفية تأثير الإشارات المرئية للطعام، مثل أوصاف القائمة أو عرض الطعام، على توقعاتك. واستخدم هذا الوعي لإدارة توقعاتك للتجربة الحارة.
وأضافت ألبيرز: "تناول الفلفل الحلو. لأنه أحمر، يعتقد بعض الناس أنه سيكون حارًا، فيما الواقع ليس كذلك. الكاري نوع مختلف من التوابل عن الفلفل الحار. تذكر أن التوقعات يمكن أن تؤثر بشكل كبير على تجربتك".
استمع إلى جسدك: أثناء تناولك للطعام الحار، تحقق من استجابات جسدك. لاحظ أين تشعر بالحر وكيف يتغير الأمر بمرور الوقت، حتى تفهم مدى تحمّلك الشخصي ومستوى استمتاعك.
ونصحت ألبيرز في حال كان المرء يرغب بزيادة تحمله للتوابل، أن يفعل ذلك ببطء ووعي: "إبدأ بالتوابل الخفيفة وزدها تدريجيًا. لا يوجد مستوى "صحيح" للتوابل، الأمر يتعلق بما تشعر به جيدًا".
اقرن الأطعمة الحارة بذكاء: فكر في موازنة النكهات الحارة مع العناصر المبردة، مثل قطعة من الجبن أو الخبز. قالت ألبيرز: "تناول قضمات صغيرة بداية".
وقالت: "يمكن أن يعزز هذا من استمتاعك العام ويجعل التجربة أكثر قابلية للإدارة".
عشاق التوابل احذروا
ماذا عن عشاق التوابل؟ من الممكن أن يكون بعضها حارًا جدًا.
وعلى مقياس سكوفيل الذي يقيس مدى حدة التوابل في الفلفل، يبلغ معدل شدة التوابل في فلفل كارولينا ريبر حوالي 1.7 مليون وحدة سكوفيل، في حين يبلغ معدل شدة التوابل في فلفل ناغا فايبر حوالي 1.4 مليون وحدة. ويبلغ متوسط معدل شدة التوابل في فلفل جالابينو بين 3500 و8000 وحدة على مقياس سكوفيل.
ولفتت ألبيرز إلى أنه "يمكن للأطعمة الحارة أن تزيد من معدل التمثيل الغذائي، ومعدل ضربات القلب، وتسبب القيء واضطراب المعدة، لذا فهناك بالتأكيد استجابة فسيولوجية تحدث".
وخلصت إلى أنه "إذا لاحظت أنّ معدل ضربات قلبك يتسارع بشدة، أو أنك بدأت تتعرق بغزارة، فقد يعني هذا أن الطعام الحار قد لا يكون مناسبًا لك".