بدت الأسابيع القليلة الماضية إيجابية لكرة القدم السعودية على صعيد المنتخبات، وذلك عقب نجاح منتخب الشباب في التأهل لكأس العالم للشباب بعد فوزه بوصافة كأس آسيا. وفي حين حقق ناشئو الأخضر حضوراً لافتاً، ببلوغ المونديال بعد غياب 36 عاماً، كان منتخب السعودية لكرة القدم الشاطئية على أعتاب التأهل لبطولة العالم، لكنه تعثَّر أمام إيران حاملة اللقب الآسيوي مرتين، والمشاركة 7 مرات في المونديال الشاطئي.
منتخب السعودية للشباب الذي غاب عن مونديال 2023 كان حاضراً 9 مرات في هذه البطولة منذ أول مشاركة عام 1985 حتى 2019، ليُكمل عقد وجوده للمرة العاشرة في مسيرته التاريخية، أما منتخب السعودية للناشئين فسجَّل حضوراً جديداً في كأس العالم بعد 3 مشاركات متتالية أعوام 1985 و1987 و1989، والأخيرة كان حامل لقبها في إنجاز لم يحطمه أي منتخب عربي أو آسيوي منذ ذلك العام.
ما زلت عند رأيي الذي يقول إن أهمية منتخبات البراعم والأشبال والناشئين والشباب يجب ألا تتجاوز صناعة اللاعبين وتطويرهم واكتشاف مواهبهم؛ بمعنى أن تكريس مبدأ الفوز يجب ألا يكون هو الأهم في أهداف بناء هذه المنتخبات، مع العلم بأن هذا مشاهد عالمياً.
في سن البراعم والأشبال والشباب مهم تعظيم دور الانضباط التكتيكي والاحترام والجماعية والجهد البدني في عقلية اللاعبين أكثر من جعل الفوز وحده غاية كل مباراة في هذا العمر؛ لأن فعل ذلك فيه تدمير لنفسياتهم وعقلياتهم الكروية.
وفق تقرير نشرته شبكة «The Athletic» و«الشرق الأوسط» في 31 مارس (آذار) الماضي، يُصرّ نيك كوكس، مدير «أكاديمية مانشستر يونايتد»، على أنه «لا جدوى من بناء فريق فائز تحت 18 عاماً».
ويتابع قائلاً: «ما نسعى إليه هو ضمان وجود مجموعة جيدة من المواهب الواعدة تحت قيادة الفريق الأول، حتى إذا ظهرت حاجة إلى لاعب فإنه يُمكن البحث داخل النادي لمحاولة ترقيته... هذه هي أولوية (الأكاديمية) وهدفها».
ويُوافق كولين ليتل، مساعد لورانس، على ذلك، ويقول: «إذا أُقيم نهائي دوري أبطال أوروبا، فيجب أن يكون لدينا بعض لاعبينا القادرين على إحداث الفارق فيه. فالفوز ليس سوى نتيجة ثانوية».
منذ توليه مسؤولية فريق تحت 18 عاماً في بداية الموسم الماضي، ركَّزت الرسائل الرئيسية التي غرسها لورانس في لاعبيه على تطويرهم الفردي بدلاً من أهمية الفوز.
أتصوَّر أن هذه المبادئ التي تغرسها «أكاديمية مانشستر يونايتد» في لاعبيها تعكس أمراً ملحوظاً في غالبية أوروبا؛ لذا تجد أن 13 لقباً في كأس العالم للناشئين توزع على الأرجنتين والبرازيل وغانا والمكسيك فقط، فيما فازت بها ألمانيا وإنجلترا وفرنسا 3 مرات فقط.
الحال ذاتها في بطولة كأس العالم للشباب التي فازت بلقبها البرازيل والأرجنتين 11 مرة، مقابل 4 ألقاب؛ ولقب واحد لكل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا!
هذا يقودنا إلى أن استراتيجيات البناء في الأكاديميات والفرق السنية في الأندية والمنتخبات السعودية يجب أن تُعظّم التكتيك في عقليات اللاعبين وزرع الانضباط والجهد البدني في أجسادهم لينافسوا نظراءهم في أوروبا.