مياه الصرف الصحي والقمامة تحاصران الفلسطينيين في غزة وتتسبب بمخاطر صحية كبيرة

منذ 4 أشهر 74

عبر المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي يشق أطفال فلسطينيون في غزة طريقهم، ويتسلقون أكوام القمامة المتزايدة بين الخيام المزدحمة بالعائلات النازحة. ويقضي الناس حاجتهم في حفر مغطاة بالخيش، دون وجود مكان قريب لغسل أيديهم.

يقول أهالي القطاع في المخيمات إن القذارة التي تحيط بهم هي مجرد واقع آخر لا مفر منه تحت القصف الإسرائيلي - مثل آلام الجوع أو أصوات القصف.

وبسبب القصف الإسرائيلي الدامي على الفلسطينيين في غزة منذ نحو تسعة أشهر، انهارت قدرة القطاع على التخلص من القمامة، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتوفير المياه النظيفة، وقد أدى ذلك إلى تفاقم الظروف المعيشية القاتمة وزيادة المخاطر الصحية لمئات الآلاف من الأشخاص، المحرومين من المأوى والغذاء والدواء، وفق منظمات الإغاثة.

الإصابة بالتهاب الكبد

وتتزايد حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي "أ"، ويخشى الأطباء أنه مع ارتفاع درجات الحرارة الصيفية، أضحى من المرجح بشكل متزايد تفشي الكوليرا دون تغييرات جذرية في الظروف المعيشية غير الصحية.

أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تفشي مرض التهاب الكبد الوبائي "أ" الذي أدى، حتى أوائل يونيو/حزيران، إلى الإبلاغ عن 81,700 حالة إصابة باليرقان - وهو أحد الأعراض الشائعة، وينتشر المرض في المقام الأول عندما يستهلك الأشخاص غير المصابين الماء أو الطعام الملوث بالبراز.

وبسبب إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي، تتسرب مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الأرض أو يتم ضخها في البحر الأبيض المتوسط، حيث يتحرك المد والجزر شمالاً نحو إسرائيل.

وتسعى الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة والمسؤولون المحليون جاهدين لبناء المراحيض، وإصلاح خطوط المياه وإعادة تشغيل محطات تحلية المياه، لكن القصف الإسرائيلي المستمر والقتل والتهجير والتجويع والتعطيش، وتدمير المرافق الصحية وعرقلة القوات الإسرائيلية وصول المساعدات إلى أهالي القطاع ينسف ما تبقى من تلك الجهود.

قال عادل دلول، البالغ من العمر 21 عامًا، والذي استقرت عائلته في مخيم خيام على الشاطئ بالقرب من مدينة النصيرات وسط قطاع غزة، إن الذباب كان في الطعام. وقد انتهى بهم المطاف هناك بعد فرارهم من مدينة رفح الجنوبية التي حطوا فيها بعد مغادرتهم منزلهم في شمال غزة، ويقول دلول: "اليوم أبلغ من العمر 21 عامًا. من المفترض أن أبدأ حياتي، لكن حياتي أصبحت أمام القمامة"، قال دلول.

في انتظار الأسوأ

كان أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في مخيمات، تم تجميعها على عجل في رفح قبل الاجتياح الإسرائيلي في مايو/أيار.

ومنذ فرارهم من رفح، لجأ الكثيرون إلى مناطق أكثر ازدحامًا وغير صحية في جنوب ووسط قطاع غزة، والتي يصفها الأطباء بأنها أرض خصبة للأمراض، خاصة وأن درجات الحرارة تصل بانتظام إلى 32 درجة مئوية.

وقال سام روز، مدير في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الذي زار غزة هذا الشهر: "الوضع مزرٍ للغاية... سيصبح الوضع أسوأ بكثير في الأسابيع المقبلة ما لم يتم التوصل إلى حل."

وتقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 70% من محطات المياه والصرف الصحي في غزة قد دمرت أو تضررت، بسبب القصف الإسرائيلي العنيف، ويشمل ذلك جميع مرافق معالجة مياه الصرف الصحي الخمسة في القطاع، بالإضافة إلى محطات تحلية المياه ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي والآبار والخزانات.

موظفون شردوا أو قتلوا

ويقول المسؤولون إن الموظفين الذين كانوا يديرون أنظمة المياه والصرف الصحي التابعة للبلدية قد شردوا وقُتل بعضهم. وفي هذا الشهر، قتلت غارة إسرائيلية في مدينة غزة خمسة موظفين حكوميين، كانوا يقومون بإصلاح آبار المياه.

ورغم نقص الموظفين والمعدات التالفة، إلا أن بعض محطات تحلية المياه ومضخات الصرف الصحي تعمل، لكن نقص الوقود يعيق عملها، كما يقول عمال الإغاثة.

وقد وجد تقييم أجرته الأمم المتحدة لمخيمين من خيام دير البلح في أوائل يونيو أن متوسط استهلاك الناس اليومي من المياه - بما في ذلك الشرب والغسيل والطهي - أقل من 2 لتر، وهو أقل بكثير من الكمية الموصى بها وهي 15 لترًا في اليوم.

وقف أبو شادي عفانة البالغ من العمر 62 عاماً حافي القدمين في أحد شوارع مخيم النصيرات للاجئين، وشبّه كومة القمامة التي تقف بجانبه "بشلال من المياه"، وقال إن الشاحنات تواصل إلقاء القمامة رغم أن العائلات تعيش في خيام قريبة.

"حشرات القمامة"

تجذب القمامة حشرات لم يسبق له أن رآها من قبل في غزة - حشرات صغيرة تلتصق بجلده. وقال إنه عندما يستلقي على الأرض يشعر وكأنها تأكل وجهه.

هناك القليل من الأماكن الأخرى التي يمكن أن تنقل إليها القمامة، فعندما سيطرت القوات الإسرائيلية على منطقة عازلة بطول كيلومتر واحد على طول الحدود مع غزة، أصبح مكبّان رئيسيان للنفايات شرق مدينتي خان يونس ومدينة غزة محظوران.

وفي غيابهما، تعددت مكبات النفايات غير المرخصة، ويقول النازحون الفلسطينيون الذين لم يعد لديهم مناطق للإيواء إنه لم يكن أمامهم خيار سوى نصب الخيام بالقرب من أكوام القمامة.

خشية من الكوليرا

تُظهر صور الأقمار الصناعية من مختبرات بلانيت التي حللتها وكالة أسوشيتد برس أن مكب النفايات غير المرخص في خان يونس، الذي ظهر بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، قد تضاعف طوله منذ يناير/كانون الثاني.

ومنذ إخلاء رفح، انتشرت مدينة خيام حول مكب النفايات، حيث يعيش الفلسطينيون بين أكوام القمامة، ويخشى الأطباء في غزة من احتمال انتشار الكوليرا في الأفق.

وقالت جوان بيري، وهي طبيبة تعمل في جنوب غزة مع منظمة أطباء بلا حدود، إن ظروف الازدحام ونقص المياه والحرارة وسوء الصرف الصحي كلها شروط مسبقة للكوليرا.

وأضافت الطبيبة قولها إن معظم المرضى يعانون من أمراض أو التهابات ناجمة عن سوء الصرف الصحي، مثل الجرب والأمراض المعدية المعوية والطفح الجلدي شائعة. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 485 ألف حالة إسهال منذ بداية الحرب.