بطولة كأس العالم لكرة القدم، المونديال، ليست كرة قدم فقط، بالنسبة للغرب؛ هي مناسبة لترويج قيم معيّنة مصنوعة في العالم الغربي.
منذ أمدٍ ونحن نشهد وقاحة وإزعاجاً متتالياً من الغرب الليبرالي المتطرف في ليبراليته، حيال «تطبيع» الشذوذ الجنسي، بين الجنسين، الإناث والذكور، وبلغ بهم الحال، إلغاء النوع البشري القائم على ثنائية الذكر والأنثى، والعبث الرهيب في نواميس الحياة والطبيعة الإنسانية... بل وتلقين الأطفال الصغار هذه السموم الأخلاقية، وهذا أخطر ما في الأمر، فهم يشتغلون من تحت، من الدرجة الأولى في التجربة الحياتية للبشر.
حسناً فعل «الفيفا»، الاتحاد الدولي لكرة القدم، بمنع ارتداء شارات الشذوذ التي يطلقون عليها شارة «حب واحد» في مباريات كرة القدم الجارية حالياً بمونديال قطر.
هذا الأمر أغضب بعض المنتخبات الأوروبية، وشهدنا وضع لاعبي المنتخب الألماني أيديهم على أفواههم لدى التقاط صورة قبيل انطلاق مباراتهم الأولى في كأس العالم، وذلك على خلفية خلاف مع الاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن ارتداء شارة «حب واحد».
انهزم الألمان في هذه المباراة، أمام المنتخب الياباني الآسيوي، وكان التعليق اللاذع على هذا الأمر من طرف بعض الساخرين، رسماً كاريكاتيرياً يظهر لاعبي المنتخب الألماني وفي رؤوسهم صورة علم الشواذ «الرينبو» أو قوس قزح، بينما كانت صورة كرة القدم، وكرة القدم فقط، في رؤوس اللاعبين اليابانيين!
حسب تقرير «بي بي سي»، فقد كان من المتوقع أن يرتدي سبع قادة لمنتخبات أوروبية شارة «حب واحد» خلال البطولة، وقال اتحاد كرة القدم الألماني عبر تويتر إن «حرماننا من ارتداء الشارة مثل حرماننا من الكلام. نتمسك بموقفنا»، لذلك ظهرت صورة أعضاء المنتخب وهم يضعون أيديهم على أفواههم.
قصارى ما سمح به «الفيفا»، لقادة الفرق، هو وضع شارة «لا للتمييز»، طوال فترة البطولة. وهذا ما فعله كابتن منتخب ألمانيا، حارس المرمى مانويل نوير في المباراة ضد اليابان.
هذه الوقاحة الغربية، ليست معبرة حتى عن كل اللاعبين في المنتخبات الغربية، فمثلاً، قائد منتخب فرنسا، هوغو لوريس، أعلن أنه لن يرتدي الشارة لأنه يريد إظهار الاحترام.
ربما يجرب الغربيون هذه المرة، أنهم ليسوا نهاية الكون، ولا مصدر الحقيقة، ولا نبع اليقين، ولا مصنع القيم، ولا هداة البشر، فثمة قيم أخرى، ومجتمعات مغايرة، لا توافق على هذا العبث الغربي العالمي.
هم قانعون بما هم عليه، ذاك شأنهم، ونرثي لهم، ولأطفال وأمهات وآباء تلك المجتمعات، لكنْ مرفوض كل الرفض، أن يصل بهم الغرور إلى تخنيث العالم كله.