مواجهات في وسط بيروت خلال احتجاج على تدهور الوضع المعيشي

منذ 1 سنة 213

هدأ التوتر في وسط بيروت بعد ظهر أمس (الأربعاء)، بعد مواجهات اندلعت صباحاً بين القوى الأمنية وعسكريين وموظفين متقاعدين اعتصموا في ساحة رياض الصلح، احتجاجاً على تدهور الوضع المعيشي، قبل أن يتلقوا وعداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بإدراج مطالبهم على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي يتوقع أن يعقد الأسبوع المقبل.

وشارك مئات اللبنانيين، غالبيتهم عسكريون متقاعدون، في تظاهرة في وسط بيروت احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية، مقابل السراي الحكومي. ورفع بعضهم العلم اللبناني مرددين هتافات مناهضة للسلطة. وحمل أحد المتظاهرين، وهو مرتد زياً عسكرياً، لافتة كتب عليها: «نناشد المجتمع العربي والدولي أن يخلصونا من الطبقة الحاكمة الفاسدة»، ممهورة بتوقيع «متقاعدي الجيش اللبناني».

وسجّلت الليرة خلال الأسبوعين الأخيرين انهياراً تاريخياً مقابل الدولار، ما تسبب بارتفاع أسعار السلع كافة، خصوصاً المحروقات والسلع والمواد الغذائية التي باتت تسعّر بالدولار بعد رفع الدعم عنها. وتوقّفت محطات بنزين عدّة عن بيع المحروقات. وعليه، تراجعت قيمة رواتب القطاع العام إلى مستويات قياسية، حيث لم يعد يتقاضى الموظفون العامون المتقاعدون أكثر من 100 دولار مع المساعدات التي تقدمها الحكومة، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين متطلبات الحياة اليومية.

وتصاعد التوتر ظهر أمس، حين حاول عدد من المتظاهرين تخطي الأسلاك الحديدية أمام السراي محاولين اقتحامه، مما دفع القوى الأمنية لإلقاء قنابل مسيلة للدموع لإبعادهم، ما أدى إلى تسجيل حالات إغماء في صفوف المتظاهرين. ولاحقاً، تدخل الجيش اللبناني الذي فصل بين المتظاهرين والقوى الأمنية. واستقدمت القوى الأمنية أعداداً إضافية من عناصر مكافحة الشغب لتعزيز مداخل السرايا الحكومي ومحيط مجلس النواب.

وأفادت الوكالة الوطنية بحالات إغماء في صفوف المتظاهرين. وقالت إن عناصر من الجيش فصلوا بين المتظاهرين والقوى الأمنية، لاحتواء التوتر بعد إطلاق القنابل المسيلة للدموع بكثافة. وقال شهود عيان إن بعض المحتجين حاولوا عبور إحدى نقاط التفتيش المؤدية إلى مبنى حكومي، مما دفع قوات الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لمنعهم.

واندفع المتظاهرون بعيداً عن سحب الغاز البيضاء المنبعثة حول السرايا. وشوهد أحد الجنود وهو يعالج طفلاً تأثر بالغاز المسيل للدموع.

وتدخلت الحكومة لتهدئة التوتر، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن وفداً من العسكريين المتقاعدين، من ضباط ورتباء يمثلون الأسلاك العسكرية كافة، اجتمع مع ميقاتي وتم عرض مطالبهم. ووعد ميقاتي الوفد بإدراج مطالبهم على الجلسة الأولى التي يعقدها مجلس الوزراء في الأسبوع المقبل.

وأعاد هذا التحرك إلى الأذهان التظاهرات غير المسبوقة التي شهدها لبنان في خريف 2019 احتجاجاً على بدء تدهور الأوضاع الاقتصادية مطالبين برحيل الطبقة السياسية التي لا تزال تمسك حتى اليوم بزمام الأمور من دون أن تقدم أي حلول.

ودفعت الحاجة العسكريين المتقاعدين إلى الشارع. وقال العميد المتقاعد خالد نعوس (70 عاماً) لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «كان راتبي حوالي أربعة آلاف دولار قبل الأزمة، وهو يعادل 150 دولاراً اليوم». وأضاف: «نشعر بالذل بينما نحاول أن نعيش حياة كريمة لأننا غير قادرين على تأمين مستلزمات منازلنا... بلغنا مرحلة اليأس، إذ أخذت المصارف تعويضات تقاعدنا ولم تبق لنا رواتب، ولهذا ننزل اليوم إلى الشارع».

وقال متظاهر عرّف عن نفسه باسم حاتم (73 عاماً) وهو أستاذ متقاعد من التعليم الثانوي: «أقبض راتبي بالليرة، وكل من ينالون رواتبهم بالليرة انهارت معيشتهم ولم يعد بإمكانهم توفير الحد الأدنى» من احتياجاتهم. وأضاف: «كيف أعيش؟ يعادل راتبي مائة دولار بينما فاتورة المولّد مائة دولار»، في إشارة إلى المولدات الخاصة التي تغطي ساعات انقطاع الكهرباء طوال اليوم وتطلب من الزبائن الدفع بالدولار أو وفق سعر صرف السوق السوداء. وتابع حاتم: «بتّ مضطراً لأن أكون نباتياً باعتباري غير قادر على شراء اللحمة أو قارورة الغاز»، موضحاً أنه يتنقل منذ أسابيع سيراً على الأقدام في بيروت لعجزه عن توفير الوقود لسيارته. ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وقيود مصرفية مشددة، لم يعد بإمكان المودعين معها الوصول إلى مدّخراتهم العالقة.

اجتماع أمني

في غضون ذلك، عقد مجلس الأمن المركزي اجتماعاً برئاسة وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الذي أكد أن «أمان البلد مسؤولية مشتركة بين القوى الأمنية والعسكرية من جهة والمواطنين من جهة أخرى، ونمرّ بظروف حسّاسة وبالتالي أي تفلّت أو طابور خامس قد يؤدّي لنتيجة سيئة». وقال: «القوى الأمنية ستكون جاهزة لحماية الأملاك العامة وأملاك المواطنين وحفظ الأمن». وأشار مولوي إلى أن «موضوع أمن المطار مهمّ بالنسبة إلينا ونتحمّل المسؤولية كي نؤمّن الأمان في البلد».

وأعلن أنه «تم البحث في زيادة مخالفات البناء على المخالفات العامة وبخاصة في الجنوب»، معتبراً أن «التعدي على الأملاك العامة يضر بالناس وبالمواطنين كافة، واتفقنا على أن نكون على جهوزية لمنع المخالفات».