منحوتة كأس العالم: صممها إيطالي ورممها مغربي آخر 5 دورات

منذ 1 سنة 227

في عام 1930 أبحرت سفينة كونتي فيردي Conte Verde القادمة من فرنسا إلى الأورغواي حيث ستقام بطولة العالم الأولى لكرة القدم، حاملة على متنها المنتخب الفرنسي ورئيس "فيفا" جول ريميه، ومعه كأس النصر الذي ستتنافس عليه كل من الأرجنتين والأورغواي، ليحصل عليه في نهاية المطاف البلد المستضيف.

مر الكأس بمراحل عدة وكان بتصميمين، الأول اختفى إلى الأبد والثاني ما زال معتمداً حتى اليوم، وبدءاً من النسخة الأولى وصولاً إلى الحالية هناك كثير من التفاصيل المتعلقة بالكأس الحلم الذي يراود كل الفرق المنافسة على لقب بطل كأس العالم.

الكأس الأول

سميت النسخة الأولى من الكأس الذي صممها النحات الفرنسي أبيل لافلور بـ"كأس النصر"، لكن استبدل بالاسم لاحقاً اسم "جول ريميه"، تكريماً لرئيس الـ "فيفا" وصاحب فكرة البطولة والأب الروحي لها، وكان ذلك في عام 1946 .

صمم كأس النصر بتفاصيل محددة الخطوط والمعالم، باستخدام مادة الفضة المطلية بالذهب وبوزن 3.8 كيلو جرام وارتفاع 35 سنتيمتر13.7)  بوصة)، حيث يجسد شخصية مجنحة تمثل "نايكي "Nike، إلهة النصر اليونانية القديمة، يعلو رأسه المحاط بأكيل كأساً مثمناً تسنده الأذرع المرفوعة، ويقف على قاعدة مثمنة الأضلاع مصنوعة من حجارة اللازورد.

وامتد اعتماد هذا الكأس ليشمل تسع نسخ من البطولة، فازت به خلالها إنجلترا وألمانيا مرة والأورغواي وإيطاليا مرتين والبرازيل ثلاث مرات، وتعرض لمحاولتي سرقة، الأولى عام 1966 في إنجلترا، وأفشلها كلب يدعى بيكلز عندما وجده في إحدى حدائق لندن ملفوفاً بورق جرائد، ليصل الكأس إلى يدي المنتصر في المباراة النهائية بين إنجلترا وألمانيا، إذ فازت إنجلترا 4/2 وتحول الكلب بيكلز إلى بطل قومي.

وجاءت المحاولة الثانية بعد 17 سنة، فبعد أن احتفظت البرازيل للمرة الثالثة (1958-1962- 1970) بلقب البطل الذي لم يخسر أية مباراة خلال البطولة، أصبح من حقها الاحتفاظ بكأس ريميه مدى الحياة، لكن في أواخر عام 1983 سرق الكأس، ولم يعثر إلا على قطعة واحدة منه، وهي القاعدة الأصلية حيث احتفظ بها "فيفا" في قبو من مقر الاتحاد في زيورخ، ويقال إنه بيع بعد أن صهر ليتحول إلى كيلو غرامين من الذهب لا أكثر.

النسخة الحالية

وبدءاً من عام 1974 استبدل كأس جول ريميه بعد أن صمم الإيطالي سيلفيو غازانيغا نسخة جديدة، أصبحت موضع منافسة بين تسع فرق أوروبية، وخمس أميركية إضافة إلى أستراليا وزائير، وكان أول من حمل كأس العالم الجديدة هو القيصر الألماني فرانس بيكنباور، بعد فوزها بلقب المونديال في ذلك العام.

وخضعت كتلة الكأس وأبعادها إلى تغيير طفيف جعلها أكبر حجماً وأثقل وزناً من سابقتها وبتصميم أكثر انسيابية، فأصبح طولها نحو 36.8 سم (14.5  بوصة) ووزنها 6.2 كيلو غرام تقريباً، مع قاعدة ذهبية دائرية يحيط بها طبقتان من معدن الملكيت الأخضر، ويبلغ قطرها 13 سنتيمتراً 5.1) بوصة) محفور عليها عبارة FIFA World Cup كما يكتب عليها أسماء الفرق الفائزة بالكأس، إذ تتسع لأسماء الأبطال حتى عام 2038 أي 17 اسماً، بحيث يكتب كل اسم بلغة الفريق الفائز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغت كلفة صناعته حينها 50 ألف دولار أميركي، حيث شكل الذهب نسبة 75 في المئة من وزن الكأس، فيما شكلت الأحجار الكريمة 25 في المئة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعضهم يشكك بصحة هذه المعلومات، معلقين أنه لا يمكن أن يكون الأمر كذلك لأنها ستكون ثقيلة جداً على الرفع.

ويشكل التصميم عنصرين هما الرياضيون والعالم، إذ ينبثق من المجسم شخصان يمثلان صورة اللاعبين وهم في لحظة نصر حماسية يحملان كرة أرضية، بينما تمثل الكرة الصفة العالمية للحدث، وتخرج الخطوط المقوسة من القاعدة وترتفع بشكل حلزوني، وتمتد لتشكل قاعدة لتستقبل العالم المتمثل في شكل الكرة.

صناعة يدوية بالكامل

تصنع الكأس من قبل شركة بيرتوني ميلانو GDE Bertoni، وهي شركة إيطالية متخصصة في تصنيع الجوائز والميداليات، تشرف منذ عقود على تصنيع النسخة الأصلية والمقلدة من الكأس ونحتها يدوياً، إذ يحتفظ الفائز بالكأس مدة أربع سنوات حتى النسخة المقبلة، ليسلم "فيفا" بعدها النسخة الأصلية ويمنح نسخة أخرى مقلدة ليحتفظ بها مدى الحياة، ويتجلى الفرق بين النسختين في تفصيل واحد، وهو أن الكأس المقلدة مصنوعة من النحاس المطلي بالذهب.

الكلب_بيكلز_الذي_عثر_على_الكأس_المسروقة_عام_1966_(غيتي).jpg

ويوضح سالفاتور إيانيتي Salvatore Iannetti، مدير الإنتاج في شركة بيرتوني ميلانو، أن المصنع يفخر بأن جوائزه مصنوعة يدوياً بالكامل وأن عملية تصنيعها الطويلة والمضنية تستحق هذا العناء في النهاية، إذ يمر إنتاج المجسم بمراحل عدة تبدأ بالصهر والسبك، إذ يسكب النحاس الأصفر في قالب من الجبس على شكل التصميم الأصلي للكأس، ثم يستخدم النقر اليدوي بالإزميل والمطرقة لتشذيب التفاصيل المعقدة مثل الشكل البشري، وبعد ذلك ينظف المجسم بالموجات فوق الصوتية لتجميله وتلميعه، ثم يغمر في حمام لإزالة الشحوم قبل أن تعريضه لتيار كهربائي مرات عدة. وفي النهاية يغلف بطبقة رقيقة من ورنيش zapon اللامع والعالي المقاومة لحمايته، ويلصق بقاعدته الرخامية الخضراء من الملكيت، وينتظر حتى يجف ليصبح الكأس جاهزاً تماماً للبطولة.

النحات المغربي

انتشر خبر تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث عن إشراف نحات مغربي على تنفيذ كأس مونديال قطر هذا العام، وهذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها هذا الرجل في تجهيز مجسم كأس العالم، فأحمد آيت سيدي (58 سنة) وهو مهاجر مغربي يعيش في إيطاليا، وتعود أصوله إلى مدينة ورزازات المغربية، كان قد هاجر عام 1990 وأقام في مدينة ميلانو ليبدأ العمل في الشركة الإيطالية المصنعة للكأس، وشارك في الدورات الخمس السابقة من المونديال في إعداد وتجهيز الكأس، إذ يقوم بزخرفتها وترميمها كل أربع سنوات، إضافة إلى المشاركة في إخراج كثير من الأعمال الفنية، كطلاء وتزيين وتلميع ميداليات الألعاب الأولمبية في رياضات عالمية أخرى، مثل كرة اليد والغولف وكرة السلة والتنس.