يزخر الأردن بعديد من المنازل والبيوت التراثية والتاريخية التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 100 عام وتعكس تاريخ وثقافة البلاد، فيما يحكي بعضها قصة تأسيس المملكة والبدايات الأولى، كمنزل الملك عبدالله الأول مؤسس الأردن، الذي يقع في العاصمة عمان وكان يعتبر منزلاً خاصاً لأول ملك بالبلاد، لكنه تحول اليوم إلى متحف تاريخي يحتضن مقتنيات تاريخية وثقافية.
وقف التغول التجاري والعمراني
يطالب أثريون ومراقبون بحماية هذه المنازل وترميمها، ووقف زحف الوكالات التجارية العالمية إليها، فضلاً عن التطور الحضري العمراني الذي قد يتسبب في هدمها لصالح المشاريع العقارية الحديثة من ثم فقدان الهوية التاريخية لها.
ويشدد آخرون على إعادة تأهيل البيوت التراثية القديمة واستدامتها وجعلها مناخاً استثمارياً وسياحياً ومنع التغول التجاري عليها.
في المقابل سعت الجهات المتخصصة إلى حماية 1400 مبنى و200 معلم أثري وسن قانون خاص للحفاظ عليها، بعد أن قام عديد من الملاك والورثة بهدمها لإقامة عمارات حديثة مكانها.
ويعارض سكان منطقة اللويبدة في العاصمة عمان اقتحام المشاريع الإنشائية منطقتهم التراثية، وما يترتب على ذلك من تبديل هوية المنطقة وتحويلها إلى منطقة أزمات مرورية بعد سنوات من الهدوء الذي غلف المنطقة. داعين إلى تفعيل قانون التراث العمراني والحضري الصادر عام 2005.
على قائمة التراث العالمي
الكاتب زيد نوايسة يؤكد أن كثيراً من المنازل التراثية كانت مسرحاً لأهم وأبرز التحولات السياسية والاجتماعية التي عاشتها البلاد، حيث سكنها رموز سياسية وقيادات اجتماعية منذ بدايات قيام الدولة عام 1921 بعد انهيار الحكم العثماني.
بعض هذه المنازل تعرض للإهمال على رغم أهميتها، إذ إن معظمها بنيت منذ الثلاثينيات وحتى بدايات ستينيات القرن الماضي، لكن كثيراً منها هدمت وأقيم مكانها عمارات تجارية وسكنية في مخالفة صريحة لقانون التراث العمراني والحضري، بينما واجهت أخرى مصير التحول إلى مستودعات للخردة أو مرتعاً لأصحاب السوابق والمدمنين.
يفسر النوايسة إهمال هذه المنازل على رغم أهميتها التاريخية، بأن ملكيتها آلت بعد سنوات طويلة إلى قائمة طويلة من الورثة الذين اضطروا إلى بيعها أو تحويلها إلى مكاتب على رغم تصنيفها مواقع تراثية، مطالباً بسن تشريعات تحظر المساس بأي بناء يحمل رمزية وطابعاً للبلد وتراثها ومعمارها، وعدم تحويلها إلا لمتاحف أو مقاه أو مطاعم ضمن شروط معينة. ويشير إلى أماكن عدة في الأردن تمتاز بنمط معماري وتراثي معين تصنف على قائمة التراث العالمي، كبعض أحياء مدينتي السلط والكرك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بيت "عرار"
يعد هذا البيت من أبرز المنازل التراثية في عمان، وتعود ملكيته إلى "بديع يعيش" الذي تعود أصوله لمدينة نابلس، وقد بناه عام 1952، بطراز معماري فريد من الحجر المقدسي الأصفر الموشح بالوردي والمزين بالنقوش المتميزة.
يقع بيت "يعيش" في قلب جبل اللويبدة، الذي يعد من أقدم أحياء عمان، ولا يزال ماثلاً حتى اليوم، كمقصد لانعقاد النشاطات الثقافية والفنية.
يعد البيت مركزاً ثقافياً ومنصة لبرامج ومشاريع التراث الثقافي، ومكاناً لإقامة المعارض والندوات التعليمية.
الأمر لا يقتصر على العاصمة عمان بل يتعداها إلى المدن الأخرى، ففي مدينة إربد شمال البلاد يبرز متحف بيت عرار الذي أسس لاستضافة الفعاليات الثقافية والمعرفية في مدينة إربد، وهو بالأصل منزل الشاعر مصطفى وهبي التل الملقب بشاعر الأردن وعرار، ويقع قبالة شارع الهاشمي وهو منزل قديم في مدينة إربد. يتكون هذا المتحف من غرف عدة حول فناء مرصوف بالحجارة البركانية السوداء، ويضم المتحف عرضاً مصوراً للشاعر وبعض مخطوطاته.
مبادرات
وعلى رغم ما لحق ببعض المنازل التراثية من إهمال، ثمة مبادرات معمارية في الأردن انتشلت عشرات من المنازل التراثية وأعادت إليها الحياة من جديد.
يقول رئيس قسم التراث المعماري في أمانة عمان فراس الربضي إنها اشترت عدداً من المنازل التراثية لحمايتها من أي اعتداءات والحفاظ على أصالتها وعدم تشويهها، مضيفاً "تم تصنيف 1600 موقع داخل حدود أمانة عمان كموقع تراثي".
ظل أحد هذه البيوت مهجوراً لسنوات طويلة قبل أن يصبح ملتقى ثقافياً ومعرضاً للمصورين، فدبت فيه الحياة وأصوات مرتاديه الصاخبة، في المقابل حولت السلطات الأردنية أحد البيوت التراثية القديمة بعد ترميمه إلى ملتقى موسيقى باسم" تجلى" يعنى بالتراث والأصالة.
بيت نوفة
أما بيت نوفة للإبداع فهو بيت تاريخي أردني قديم بني أواخر 1920، ويعود اسمه إلى جدة قاطنيه وهي نوفه التي عاشت وتوفيت في البيت نفسه.
تقول غادة خليل التي أشرفت عليه إن السفارة الفرنسية استأجرته لمدة خمس سنوات ليعيش فيه القنصل الفرنسي وزوجته، ثم استأجرته جهة أخرى لتحويله لمعرض فني، إلا أنه لم يكتمل المشروع. ولم يلبث أن تحول إلى بيت للموسيقى والفن ومعرض فني وفعاليات ثقافية.
دارة الفنون
في 1993 أسست الرسامة سهى شومان وزوجها خالد "دارة الفنون" في عمان على ثلاثة بيوت يعود تاريخها إلى العشرينيات، على جنب تل صغير في الجزء الأقدم من عمان.
اليوم تضم هذه البيوت أربع قاعات عرض بمساحة إجمالية قدرها 250 متراً مربعاً، ومكتبة بحوث وفيديو، وورش عمل واستوديوهات، ومساكن لإقامة الفنانين، وأماكن للموسيقى والمسرح والقراءات.