على مدى أعوام طويلة ظل السودانيون يناهضون #ختان_الإناث في مختلف أنحاء البلاد ومع مرور الزمن ودخول #العولمة وظهور المدن تم التخلص من تلك الظاهرة تدريجاً.
لكن وزارة الصحة السودانية كشفت عن أن نسبة ممارسة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى "ختان الإناث" تبلغ 80 في المئة بولاية الخرطوم.
ودعا مجلس الطفولة السوداني إلى "تظافر الجهود الشعبية للقضاء على الظاهرة"، بحيث ظل المجلس لأعوام طويلة يناهض الختان وينفذ حملات على أرض الواقع للقضاء عليه ونجحت حملات كثيرة وكبيرة في خفض نسبة الختان في عموم ولايات السودان.
في هذا السياق قال الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفلة عبدالقادر عبدالله لـ"اندبندنت عربية" إن "المجلس القومي لرعاية الطفولة عمل على إطلاق حملات توعوية ورسم برامج وأنشطة عدة الغرض منها توسيع دائرة المعرفة والثقافة في ما يخص ختان الإناث، فمنذ 4 فبراير (شباط) حتى السادس منه نظم المجلس نشاطاً داخل ولاية نهر النيل الغرض منه لفت نظر المجتمع المحلي إلى ارتفاع نسب بتر وتشويه الأعضاء التناسلية لدى الإناث".
وعن كيفية مناهضة الظاهرة أوضح عبدالله أن "الأمر يحتاج إلى العمل عليه على المستويين الشعبي والحكومي مع تفعيل المادة 141 الخاصة بختان الإناث، كما يجب بسط هيبة الإعلام التوعوي على ولاية نهر النيل بشكل خاص والولايات عامة، ونشر التوعية في المؤسسات والمدارس والشارع العام والأسواق والمراكز المهتمة".
وعن مدى انتشار الظاهرة وخطورتها على المجتمع، أكد أن "ظاهرة الختان خطرة جداً، على رغم أنها بسيطة في ملمسها ولكن عميقة في مخرجاتها الاجتماعية والصحية، لذلك عمل المجلس مع شركائه في وزارة العدل والسلطة القضائية والنيابة العامة على صقل المادة 141 والغرض منها زجر من يرتكب هذه الفعلة وتجريم عملية الختان لأن الأنثى جزء أصيل من تكوين المجتمع، فإن كانت بصحة جيدة كان المجتمع بصحة جيدة والعكس صحيح".
وعن ماهية المادة 141، أوضح عبدالله أنها "تجرم هذه الفعلة بالسجن ثلاث سنوات ومصادرة حقيبة القابلة أو المتخصص ومصادرة البيت الذي تمت فيه الجريمة".
توعية مستمرة
ولم يكتف مجلس الطفولة بأمور بسيطة لمناهضة ظاهرة ختان الإناث، إذ أضاف عبدالله أن "المجلس أقام ورشاً متعددة خلال الأعوام الماضية وكنا حريصين على تقوية الجانب التوعوي مع سير القانون جنباً إلى جنب. حتى من الناحية القانونية، لدينا فكرة بعد إقرار المجلس التشريعي أن تصل عقوبة مرتكب عملية الختان إلى الإعدام أو السجن المؤبد بحسب تقدير القاضي. وهذا ما نصبو إليه في المستقبل القريب ولكن الآن تظل هذه المادة مفعلة ونراقبها على مستوى كل ولايات السودان".
الحفاظ على الطفولة
وفي ظل الأخطار الكبيرة التي يواجهها الأطفال في السودان لم يتجاهل مجلس الطفولة ختان الإناث، وفي هذا السياق صرح عبدالله بأن "عمالة الأطفال وختان الإناث وكل ما يحيط بالطفل من أخطار من الأساسيات التي سيعمل عليها الوالي محمد بدوي، والي ولاية نهر النيل. ويأتي بند الحماية في المقام الأول لدينا ومن ثم الرعاية وتليها التنمية من تعليم وصحة. وندعو منظمات المجتمع الوطنية والدولية إلى العمل مع المجلس للوصول إلى صفر في ما يتعلق بنسبة ختان الإناث".
أما عن أهداف مجلس الطفولة في المستقبل القريب في ما يتعلق بختان الإناث، فقال "هدفنا خلال عام 2023 أن نخفض نسبة ختان الإناث الذي وصل إلى 85 في المئة إلى صفر".
جهود فردية وجماعية
وظلت المجموعات النسوية في السودان تعمل بصورة مستمرة للقضاء على ظاهرة ختان الاناث وشكلت الجهود الفردية البعيدة من الجهود الحكومية أحياناً والمتضامنة معها أحياناً أخرى، دعماً كبيراً وكافياً للمجتمع وأسهمت في التغيير.
في هذا السياق اعتبرت الناشطة الحقوقية إيناس مزمل أن "ختان الإناث جريمة بحق الطفلات وعنف قائم على النوع الاجتماعي، ويتسبب بمشكلات صحية ونفسية واجتماعية تستمر مع الفتاة طول حياتها، ومع تدهور الخدمات الصحية في السودان يصبح من الصعب التعامل مع آثار الختان ومعالجتها".
أما عن النسب، فتقول إن "الأرقام والنسب التي تداولتها وسائل الإعلام تشير إلى مشكلة حقيقية في مستوى الوعي وسيادة المفاهيم الخاطئة، الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود لرفع الوعي وسن قوانين أكثر صرامة تردع وتجرم ممارسي الختان سواء كانوا كوادر طبية أو أسراً أو غير ذلك".
وعن دورهم كناشطين حقوقيين، توضح مزمل أن "رفع الوعي عبر تصميم برامج وحملات تستهدف المجتمعات وصانعي السياسات وواضعي التشريعات، أنسب وسيلة للقضاء على هذه الظاهرة".
وفي السابق كانت مناهضة الختان منوطة بمنظمات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين والنسويات ولكن الحكومة بدأت تهتم بالأمر.
"دعوها تنمو سليمة"
في هذا السياق أفادت أمينة "أمانة الحماية" بالمجلس القومي لرعاية الطفولة، نجاة الأسد بأنه "في عام 2004 بدأ العمل على عدد من المحاور ووضعت استراتيجية لإنهاء هذه الممارسة والحديث عن قانون يجرم هذه الممارسة، وعام 2007 كانت هناك فكرة لتناول برنامج القضاء على ختان الإناث بصورة مختلفة عبر الحديث عن الرسالة الإيجابية بدلاً من الرسالة السلبية، أي التكلم عن محاسن ترك البنت سليمة كما ولدت بدلاً من الحديث عن الموت والعنف والنزيف الذي تتعرض له البنت. ونجحت هذه المبادرة وخرجت منها مبادرة ’سليمة‘ التي ضمت عدداً من النشاطات والمشاريع والبرامج التي لاقت نجاحاً"، وأضافت أن "الحملة تضمنت الدراما والشعر والغناء وتحدثنا عن رسائل إيجابية وتم توقيع وثيقة لعدم ختان الإناث. وفاز السودان بجائزة يونيسكو عن هذه المبادرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعد الثورة
واعتبرت الأسد أنه "بعد نجاح ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2018 تم وضع خطة وطنية للقضاء على الظاهرة بمشاركة أطياف واسعة من المجتمع".
أما عن النسبة الحقيقية، فرأت أن "80 في المئة تشكل قراءة غير دقيقة. ففي عام 2014 كانت نسبة النساء من عمر 14 إلى 49 سنة اللواتي تم ختانهن 80 في المئة، ولكن في الفئة العمرية من 14 إلى 18 سنة، كانت تلك الممارسة انخفضت إلى 20 في المئة ولكن النسبة التي تقرأ هي 80 في المئة ككل، وكان هذا آخر إحصاء رسمي".
إنذار مبكر
وبعدما كان التبليغ عن حالات الختان يتم بعد حدوثه، طورت الجهات المختصة طريقة الإبلاغ وفعّلت نظام الإنذار المبكر، بحيث يتم التبليغ قبل حدوث الحادثة. وقالت الأسد إن "عدداً من الناشطين يشرفون على نظام الإنذار المبكر ويبلغون عن أي محاولة لإجراء البتر في المجتمعات ويتم رفع بلاغ بواسطة ناشطين ومحامين حتى يتم إيقاف الممارسة حتى لو كان هناك تخطيط لها".
إحصاءات وهمية
في سياق متصل قال المحامي مبارك سليم إن "الإحصاءات يجب أن تكون أكثر دقة وأن تنجز كل عام، وليس كل 10 أعوام، مثلما صرح مجلس الطفولة بأن آخر إحصاء عام 2014، وهذا يدل على أن المتابعة غير دقيقة والرؤية غير واضحة والقوانين التي تم تفعيلها، خصوصاً المادة 141 لا تطبق على نطاق واسع، لذلك لا تشكل رادعاً لمرتكبي الجريمة".