مصر.. مجلس الشيوخ يوافق على مشروع قانون يتضمن عقوبات بحبس الأطباء.. والنقابة ترفضه

منذ 13 ساعة 13

(CNN)-- وافق مجلس الشيوخ المصري على مشروع قانون تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض، بينما رفضت نقابة الأطباء التشريع الجديد، ودعت إلى عقد جمعية عمومية طارئة في 3 يناير/كانون الثاني المقبل، للمطالبة بتعديل القانون قبل إقراره في مجلس النواب.

الشهر الماضي، وافقت الحكومة على مشروع القانون، الذي تقول إنه "للتأكيد على الحقوق الأساسية لمتلقي الخدمة الطبية أيًا كان نوعها، والارتقاء بتنظيم هذه الحقوق، مع توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية". وذكرت الحكومة، في بيان رسمي، أن سبب إصدار القانون عائد أنه كان أحد مطالب الحوار الوطني.

ويتضمن مشروع القانون إنشاء "اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض"، تابعة لرئيس مجلس الوزراء، وتتولى إدارة المنظومة في الدولة من خلال آليات محددة قد يتم التوسع فيها مستقبلا بعد تقييم التجربة وقياس نتائجها.

ويتيح مشروع القانون "كفالة نظام للتأمين الإلزامي للمنشآت الطبية ومقدمي الخدمة من مزاولي المهن الطبية من خلال إنشاء صندوق تأمين حكومي يتولى المساهمة في التعويضات المستحقة عن الأخطاء الطبية، وكذلك إتاحة إمكانية قيام الصندوق بالمساهمة في تغطية الأضرار الأخرى التي قد تنشأ أثناء وبسبب تقديم الخدمة الطبية ولا صلة لها بالأخطاء الطبية"، حسب بيان رسمي.

وبعد موافقة الحكومة، أُحيل التشريع إلى مجلس الشيوخ، ونُوقش داخل لجنة الصحة والسكان ومكتبي لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية، والمالية والاقتصادية والاستثمار، التي عقدت 14 اجتماعًا لمناقشة القانون بحضور ممثلين عن الحكومة وهيئة الرقابة المالية ونقابتي الأطباء والصيادلة وكذلك نقابة التمريض، وبعدها تم الموافقة على القانون في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، الإثنين.

وقبل موافقة مجلس الشيوخ، دعت النقابة العامة للأطباء إلى جمعية عمومية طارئة في 3 يناير/كانون الأول المقبل، للإعلان عن رفضها مشروع القانون، وبحث سبل التوافق على خطوات لوقف تنفيذه - وفق بيان نقلته وسائل إعلام محلية. كما أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي، تضامنه مع مطالب نقابة الأطباء، ودعا إلى إجراء تعديلات جوهرية على القانون قبل عرضه على مجلس النواب، بما يضمن تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء.

وقال عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، الدكتور إبراهيم الزيات، إن النقابة سبق أن طالبت مرات عدة بإعداد قانون للمسؤولية الطبية أسوة بالعديد من الدول الأوروبية أو حتى الدول العربية المجاورة؛ لأن تطبيق هذا التشريع ساهم بشكل مباشر في تحسين المنظومة الصحية بهذه الدول، إضافة إلى عدم وجود تشريعات في مصر تنظم الشكاوى من الأطباء.

وأشار الزيات إلى أنه "في الوقت الحالي يطبق على الأطباء مواد قانون العقوبات في المخالفات المتعلقة بتقديم خدمات الرعاية الصحية للمرضى، ويتم توصيفها بعقوبات جنائية أسوة بالمتهمين في قضايا أخرى".

وأضاف الزيات، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية: "هناك مشروعات قوانين قُدمت خلال الفترة من 2016 وحتى عام 2022 لتنظيم المسؤولية الطبية، وتضمنت صيغ متقاربة لذات التشريع المقدم في معظم دول العالم، والقائم على إنشاء لجنة طبية لديها خبرات في كل التخصصات الطبية للفصل في الشكاوى المقدمة، وتصنيفها إما شكوى نتيجة مضاعفة للمرض واجبة الحدوث، وفي هذه الحالة يتم حفظ الشكوى أو نتيجة خطأ طبي من الطبيب، وفي هذه الحالة يعاقب بالتعويض من شركة التأمين أو صندوق التعويضات أو نتيجة إهمال طبي جسيم، وفي هذه الحالة يتم إحالتها للنيابة العامة للتحقيق معه".

وقال الزيات إن "مشروع القانون الحالي المقدم من الحكومة، عليه عدة ملاحظات ترفضها نقابة الأطباء أبرزها أنه أتاح لمتلقي الخدمة الذي وقع عليه ضرر أو ذويه في اللجوء إلى القضاء مباشرة أو اللجوء إلى آلية تقديم الشكوى للجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض، ولم يعتبر تقديم الشكوى شرطًا سابقًا للجوء إلى القضاء أو يمنع مقدمها من تقديم شكوى لجهات أخرى، كما أن القانون اعتبر قرار اللجنة العليا، استشاريًا فقط وليس ملزمًا للمحكمة، مما يعد إجحافًا لحقوق الأطباء".

وأوضح عضو نقابة الأطباء أن مشروع القانون احتوى "عقوبات بالحبس الاحتياطي للأطباء خلال فترة نظر الشكوى المقدمة من متلقي الخدمة، وحتى قبل الإدانة من اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، كما يعاقب كذلك بالحبس حال ثبوت خطأ مقدمي الخدمة والتسبب في وفاة متلقي الخدمة، وهي ذات العقوبة التي تطبق على من يتسبب في القتل الخطأ، كما غلظ من العقوبات إذا نشأ عن الخطأ الطبي وفاة أكثر من 3 أشخاص".

ونصت المادة 27 من مشروع قانون المسؤولية الطبية، على أنه "يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 100 ألف جنيه (1964.65 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأه الطبي في وفاة متلقي العقوبات، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (1964.65 دولار) ولا تجاوز 500 ألف جنيه (9823.26 دولار) إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم".

وقال إبراهيم الزيات: "إقرار قانون المسؤولية الطبية بصيغته الحالية قد يتسبب في تدهور المنظومة الصحية المصرية، وهروب الكفاءات المصرية خارج البلاد، وسيؤدي إلى انتشار ممارسات الطب الدفاعي في مصر، خوفًا من المقاضاة"، لافتا أن مجلس النقابة العامة للأطباء دعا إلى جمعية طارئة "لاتخاذ قرارات حاسمة لوقف تطبيق القانون".

وقال وكيل النقابة العامة لأطباء مصر، جمال عميرة، إن "النقابة لديها عدة اعتراضات على مشروع قانون المسئولية الطبية أبرزها الحبس الاحتياطي للأطباء، وكذلك تطبيق عقوبة الحبس حال وجود خطأ طبي وهذا أمر غير مطبق في أي دولة في العالم"، موضحًا أن "النقابة تتصدى لأية ممارسات إهمال للأطباء أو من يزاولون المهنة بدون ترخيص، أما مقدمي الرعاية الصحية الذين يؤدون واجبهم وقد ينجم عن ذلك خطأ فيجب إلا يعاقبوا بالحبس، ولكن يتم تعويض المرضى من صندوق حكومي يمول من اشتراكات الأطباء".

ونصت المادة 20 من مشروع قانون المسؤولية الطبية على إنشاء صندوق تأمين حكومي للمساهمة في تغطية الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية مباشرة أو عن طريق التعاقد مع شركة تأمين أو أكثر أو مجمعة تأمين، كما يجوز للصندوق المساهمة في تغطية الأضرار الأخرى التي تلحق بمتلقي الخدمة أثناء وبسبب تقديم الخدمة استنادًا إلى الدراسات الفنية والإكتوارية.

وأضاف عميرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن نقابة الأطباء ستعقد لقاءات مع أعضاء مجلس النواب لتوضيح ملاحظاتها على مشروع القانون، كما ستعقد جمعية عمومية لاتخاذ قرار موحد، معتبرًا أن "إقرار القانون بصيغته الحالية قد يؤدي إلى امتناع الأطباء عن علاج الحالات الحرجة أو المعرضة لحدوث مضاعفات خوفًا من عقوبة الحبس".