السؤال:
ماذا يفعل من يشعر بحسرة وحزن عندما يرى بنات محجبات ولا يعلم لماذا هذا الشعور ويشعر بضيق أيضًا عندما يرى أحد أفضل منه وعندما يرى البنات المحجبات يشعر بكآبة وحزن ويشعر أنه حقير بالنسبة لهن .
الإجابة:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك الشعور بالحزن والحسرة من رؤية المحجبات أمر يدعو للاهتمام والبحث عن السبب؛ لأن شأن المؤمن أن يحب ويرضى بما شرعه الله، وأن يجاهد نفسه على ذلك، ويسلم، وينقاد انقيادًا مطلقًا لأحكام الدين، ويتقبلها معتقدًا حُسنها وصلاحها، فقد أمر بها الحكيم الخبير، وقد قال الله - تعالى -: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وقال - سبحانه -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، بل لا يتم إيمانُ العبد حتى يكون هواه تبعًا للشريعة، وقال - تعالى -: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]، وقال - تعالى -: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ} [القصص: 50]، وقال - تعالى -: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ} [الروم: 29]، وقال - تعالى -: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ} [ص: 26].
كما أن الله تعالى أنزله القرآن الكريم صلاحا للعباد، وفلاحا لهم، ومن لم يقبله فقد كفر بالله ونصر الباطل؛ كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 8، 9]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ* فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ* أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 25 - 29]، وقوله: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة: 54].
إذا تقرر هذا فالواجب على الأخ السائل الوقوف مع نفسه متأملاً في سبب حزنه عند رؤية من تلبس بطاعة الحجاب، وهل هو ناجم عن كره الشريعة، أو الرغبة في التفوق الديني والتنافس، أو الحسد الديني والذي يفسر بالغبطة، وهو أن يرى النعمة في غيره فيتمناها لنفسه من غير أن تزول عن صاحبها، وهو مندوب إليه ومحمود؛ كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"،، والله أعلم.