لماذا فشلت الدفاعات الجوية الأوكرانية في صدّ الهجوم الروسي أمس الخميس؟

منذ 1 سنة 125

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 10/03/2023 - 14:38

ميغ-31 تحمل صاروخ كينجال الروسي في الذكرى 73 لما يسميه الروس "الحرب الوطنية العظمى"

ميغ-31 تحمل صاروخ كينجال الروسي في الذكرى 73 لما يسميه الروس "الحرب الوطنية العظمى"   -  حقوق النشر  Alexander Zemlianichenko/AP

شنت روسيا أمس الخميس هجوماً بالصواريخ من أنواع عدّة، على مختلف أنحاء أوكرانيا من شرقها إلى غربها، وذلك بعد فترة طويلة نسبياً من الانقطاع بلغت نحو شهر تقريباً. 

ومنذ بداية 2023، نفذت موسكو هذه الهجمات الصاروخية بشكل شبه أسبوعي مستهدفة منشآت الطاقة الأوكرانية والقوات المسلحة والمدنيين أيضاً، مواصلة استراتيجية إرهاب الأوكرانيين. 

ولكن يوم أمس، وصفت وزارة الدفاع الروسية الحملة الصاروخية التي نفذتها بأنها "ضربة انتقامية" من توغل قوات أوكرانية عبر الحدود في منطقة بريانسك الروسية في الثاني من آذار/ مارس.

ما يمكن استخلاصه من ضربات الأمس هو أن الصواريخ الروسية وصلت أهدافها بنسبة أكبر من المرات الفائتة، باعتراف وزارة الدفاع الأوكرانية نفسها التي قالت إنها أسقطت 34 صاروخاً فقط من أصل 81. 

في السابق بلغت نسبة نجاح الدفاعات الجوية الأوكرانية 70% أو أكثر بقليل أحياناً. 

ما هي أسباب فشل الدفاعات الجوية؟

يجدر القول بداية إن الجيش الروسي استخدم خلال هجمات الأمس ثلاثة أنواع من الصواريخ المكلفة جداً والمتطورة. ولا يملك الجيش الأوكراني حالياً القدرة التقنية على إسقط هذه الصواريخ. 

النوع الأول: صاروخ كينجال فرط الصوتي. تبلغ تكلفته نحو 1.2 مليون دولار أمريكي وهو صاروخ جو-أرض، ولكن يمكن استخدامه لاستهداف حاملات الطائرات أو البوارج الحربية أيضاً.

يقول الخبراء إنه يشبه إلى حد ما صواريخ إسكندر القادرة على حمل رؤوس نووية والقادرة على المناورة، وتطلقه طائرات ميغ-31، وتبلغ سرعته بحسب الجانب الروسي 12 ألف كيلومتر في الساعة، أي أكثر من "5 ماخ"، ومداه نحو 2000 كيلومتر. 

النوع الثاني: بالإضافة إلى صواريخ كينجال، أطلقت البحرية الروسية أيضاً ستة صواريخ من طراز KH-22. ونفذت عملية الإطلاق قاذفات استراتيجية من طراز توبوليف إم-22.

وهذه لم تكن المرة الأولى التي تستهدف فيها موسكو كييف بهذا النوع من الصواريخ، الذي تم تصميمه أيضاً خلال الحقبة السوفيتية، ولكن روسيا الاتحادية أعادت تحديث تصميمه وإنتاجه في 2016. 

وتبلغ سرعة الصاروخ نحو "3.3 ماخ"، أي أكثر من 4 آلاف كيلومتر في الساعة ومداه نحو 600 كيلومتر. 

النوع الثالث: قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن روسيا أطلقت خلال هجمات الخميس 13 صاروخاً من طراز إس-300.

ومن المعروف أن هذه الصواريخ مخصصة للدفاع الجوي، ولكن القوات الجوية الأوكرانية قالت إن موسكو "أدخلت إليها تعديلات منذ بداية الحرب" معترفة أنّ جميعها بلغت أهدافها.

وصاروخ إس-300 دخل الخدمة السوفيتية عام 1987 وخضع لعدة عمليات تجديد، وهناك بحوزة الجيش الروسي عدة نماذج منه. وليس هناك من معلومات كافية على التعديلات التي أدخلتها القوات الروسية على هذه الصواريخ وتحويلها إلى صواريخ أرض-أرض.  

موسكو تناور الرادارت

إذا كان الجيش الأوكراني فشل في ردع الصواريخ الروسية المتطورة والباهظة التي ذُكرت أعلاه، فإن ذلك ليس السبب الوحيد في تحقيق روسيا نجاحاً خلال هجمات الأمس، وهو نجاح يحتاج إليه الكرملين في الساحة السياسية الداخلية. 

ويؤكد خبراء عسكريون أن موسكو عدّلت استراتيجيتها العسكرية؛ فقد خفّضت في الواقع وتيرة الهجمات الصاروخية على أوكرانيا، ولكنها بكل تأكيد عزّزتها تقنياً.

فبدل أن تشن القوات الروسية أسبوعياً هجوماً محدوداً تنجح الدفاعات الجوية الأوكرانية في صده إلى حدّ ما، يبدو أن موسكو اختارت شنّ هجمات أقل، ولكن أعنف وأكبر وأصعب. 

وهذا الأمر يعقد المهمة على الدفاعات الجوية الأوكرانية التي لا يزال ينقصها الكثير باعتراف الأوكرانيين أنفسهم. 

إن الصواريخ التي وصلت أهدافها يوم أمس الخميس في لفيف وجيوميتر وأوديسا وغيرها من المواقع الأوكرانية، وصلت بسبب التشويش الهائل الذي مارسه الجيش الروسي على أنظمة الدفاع الجوي.  

ويقول خبراء إن رادارات الدفاع الجوي لا يمكن أن تنجز عملها بطريقة ناجحة إذا وجدت نفسها أمام عدّة أهداف تطير بسرعات متفاوتة وعلى ارتفاع متفاوت، وبالتالي، فإنه من الصعب جداً على أنظمة الدفاع الجوي تأدية مهامها.  

وإضافة إلى الصواريخ الروسية، أطلق الجيش الروسي أيضاً طائرات مسيرة انتحارية من صنع إيراني. 

كم صاروخ في ترسانة الجيش الروسي؟

هناك في المقابل استنتاج ميداني آخر يتعلق بضربات الخميس وهو يقدّم وجهة النظر الغربية، ومفاده أن روسيا استخدمت صواريخها المتطورة التي تقصف من الجو لأنها تفضل حفظ ما تبقى في رصيدها من الصواريخ المجنحة التي يمكن إطلاقها من البر، فالمعركة الكبرى لا بد أن تبدأ بداية الربيع المقبل بحسب مراقبين وروسيا بحاجة إلى هذه الصواريخ. 

ومنذ نهاية العام الماضي، لم ينفك حلف شمال الأطلسي ووزارة الدفاع الأوكرانية عن القول إن الصواريخ المجنحة والمتطورة بحوزة الكرملين بدأت تتناقص، وإن موسكو غير قادرة على إنتاج العدد المطلوب منها بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها. 

والجمعة، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن فترات التوقف بين الضربات الصاروخية الروسية الضخمة ستزداد، خصوصاً وأن موسكو بحاجة إلى الوقت لإعادة ترتيب مخزونها من الصواريخ.  

ومؤخراً، أشار مراقبون إلى أن موسكو نجحت في تأمين تقنيات ضرورية لهذا القطاع الصناعي، أبرزها أشباه الموصلات، عبر وسائل أخرى، غير واضحة حتى الآن.