لماذا عادت موضة بدلات التسمين الاصطناعية إلى هوليوود؟

هل تذكرون "مونيكا البدينة" التي يستحضرها مسلسل "#فريندز" Friends بين الحين والآخر في مشاهد من أيام صبا إحدى بطلاته؟ تظهر فيها الممثلة #كورتني_كوكس محاطة ببدلة #تسمين اصطناعية حاملة في يدها قطعة دونات، بينما كانت ضحكات وصرخات جمهور الأستوديو المسجلة تصدح في الخلفية. أكدت تلك الضحكة أنه تم ابتكار تلك الشخصية من الماضي لغرض واحد فقط هو أن تكون أضحوكة كبيرة. باعتبارها التجسيد النهائي لنسخة مونيكا "قبل" مقارنة بجسدها النحيل جداً "بعد" لما كبرت، طبعت "مونيكا البدينة" في أذهان جيل الألفية في كل مكان فكرة أن الجاذبية تعتمد على فقدان الوزن الشديد. لكن كوكس لم تكن الممثلة الوحيدة التي ترتدي بدلة تسمين في العشرية الأولى من القرن الحالي. كانت هناك غوينيث بالترو في فيلم "هال الضحل" Shallow Hal، مايك مايرز في "أوستن باورز" Austin Powers، ريان رينولدز في "أصدقاء فحسب" Just Friends وكل من إليزابيث موس وجانواري جونز في مسلسل "رجال ماد" Mad Men. ودعونا لا ننس "الأعمال الكوميدية" التي تعتمد على بدلات التسمين، مثل شخصية راسبوتيا السمينة والبذيئة والمتنمرة التي أداها إيدي ميرفي في فيلم "نوربيت"، أو إدنا تيرنبلاد المتمردة التي جسدها جون ترافولتا في فيلم "مثبت الشعر" Hairspray، وهي شخصية من المفترض أنها لم تغادر منزلها منذ كان مقاس ملابسها متوسطاً. في فترة رهاب البدانة التي كانت سائدة بداية القرن، كانت بدلات التسمين رائجة.

من منظور العقد الثالث في القرن الـ21 رحب الصدر أكثر، يبدو من الواضح إلى حد ما أن بداية الألفية كانت حقبة مفعمة برهاب البدانة، إذ حققت أنظمة "ويت وتشرز" الغذائية سيادة رهيبة، بينما كانت قناة "تشانل 4" تغمرنا ببرامج مثل "الضخم مقابل النحيل" و"طعامك هو أنت" و"عائلات بدينة". أطلق مسلسل "الجنس والمدينة" Sex and the City نكاتاً حول "مؤخرة ميراندا السمينة" وخصص مسار حبكة كاملاً للحديث عن زيادة وزن سامانثا 7 كغ (وهو وزن كاف على ما يبدو لتبرير إقحامه في القصة). لكن في السنوات التي تلت ذلك، بدا أن هناك افتراضاً على نطاق واسع بأن الزمن قد تغير. كان هناك اتفاق عريض على أن عديداً من العناصر الثقافية التي كانت أساسية في حقبة الألفية "ساءت مع تقدم الزمن"، مما يعني ضمناً أن اعتمادها على الاستعارات التي تنم عن رهاب البدانة والعنصرية والتحيز ضد المرأة لن تحقق نجاحاً اليوم. اعتبرت بدلات التسمين على وجه الخصوص من بقايا زمن أقل وعياً. فلماذا عادت؟

إلى جانب أدوات الألفية الأخرى التي تم الاستهزاء بها منذ فترة طويلة، مثل الجزمات المصنوعة من الفراء وسراويل الجينز منخفضة الخصر، يبدو أن موضة هذه الحشوات الاصطناعية عادت. جاءت الفكرة الأولى لاسترجاعها في عام 2021، عندما تمت إعادة تشكيل مظهر الممثل جاريد ليتو، ملك التحولات الجسدية الجذرية السابق، وقائد مزعوم له مريدون، ورجل مخيف من كل النواحي، بحيث لا يمكن التعرف عليه في فيلم "دار غوتشي" House of Gucci. وصف ليتو تحوله بأسلوب "أنا غاضب بعض الشيء" النموذجي لدى الممثلين المنهجيين، معلناً أنه "صعد إلى ذلك الكهف الإبداعي وخرج بعد مروره بالأمعاء الدقيقة والغليظة ومريء باولو غوتشي الذي لا مثيل له"، لكن كثيراً من رواد السينما لم يكونوا معجبين بحقيقة أنه كان يرتدي بدلة تسمين، بخاصة أن باولو نفسه لم يكن سميناً. أحد أبرز الانتقادات جاء من باتريتزيا غوتشي، ابنة باولو، التي سخرت علناً من مظهر ليتو ووصفته بأنه "فظيع، فظيع".

لكن هذه الانتقادات بالتأكيد لم توقف موضة اختيار ممثلين مشاهير نحيلين فقط ليتم تسمينهم ببدلات اصطناعية. في العام الماضي وحده، ارتدى كل من توم هانكس وكولين فاريل ورينيه زيلويغر وإيما طومسون بدلات تسمين لأدوارهم في أفلام "إلفيس" Elvis و"باتمان" The Batman و"ماتيلدا" Matilda ومسلسل "ما يميز بام" The Thing About Pam. الآن وفي إحدى دور السينما في المملكة المتحدة القريبة منك يعرض فيلم "الحوت" The Whale من إنتاج شركة "إيه 24" مقتبس عن مسرحية بالعنوان نفسه لصموئيل دي هانتر. في العمل الذي يخرجه دارين أرونوفسكي، يلعب بريندان فريزر دور تشارلي، مدرس اللغة الإنجليزية المنعزل الذي، وفقاً للمعلومات التعريفية عن العمل المتوفرة على "غوغل"، "يختبئ في شقته ويأكل بنهم حتى الموت". يعني هذا عملياً أنه توجب على فريزر ارتداء بدلة تسمين بوزن يزيد على 45 كغ في كل يوم من أيام التصوير، التي قيل إن ارتداءها استغرق أربع ساعات. قال إنه لن يشير "أبداً" إلى زي التسمين الاصطناعي الخاص به على أنه "بدلة بدانة مستعارة"، وحاول مراراً شرح أن الزي صمم عن قصد لمحاكاة شعور حمل الوزن الزائد، وليس لأهداف كوميدية. قال فريزر في مقابلة حديثة: "لكي تكون شخصاً بهذا الحجم، عليك أن تكون قوياً جداً حقاً، جسدياً وعاطفياً... لقد زاد تقديري لذلك من خلال لعب هذا الدور".

مع ذلك، في حين أن بدلة التسمين في "الحوت" لا تستخدم للضحك، فهي توظف لغرض يحتمل أن يكون مدمراً وخبيثاً أكثر هو الشفقة. رشح فريزر لجائزة الأوسكار عن هذا الدور، لكن عديداً من النقاد سارعوا في انتقاد الفيلم باعتباره "معادياً للبدانة". إذاً، هل يشير كل هذا إلى أن رهاب البدانة في ازدياد مجدداً؟ في حين أننا ربما تركنا وراءنا أمثال أوستن باورز ونوربيت، فإن حقيقة استخدام بدلات التسمين في أنواع فنية متنوعة مثل أفلام الإثارة النفسية والأبطال الخارقين الرائجة، والسيرة الذاتية ومسلسلات الجريمة الحقيقية ومسرحيات الأطفال الغنائية، ربما يجب أن تجبرنا على إدراك أن رهاب البدانة في السينما قد يكون منتشراً وقاسياً الآن أكثر مما كان عليه قبل 20 عاماً.

في مقال حديث كتبته جينا تونيك لصالح موقع ماشابل الإخباري، جادلت بأن "الحوت" "بسبب مزيج اللقطات القريبة لبدلة التسمين الخاصة بـ فريزر وهو يتحرك ضمن شقة صغيرة، وتعاطي الأشخاص الموجودين في حياته مع حاله الجسدية بقسوة وغياب الشفقة تجاه الشخصية التي يؤديها جعلت الفيلم ليس فقط أحد الأفلام الأكثر عداء للسمنة هذا العام، لكن ربما على الإطلاق".

تعتقد تونيك، وهي كاتبة ومحررة مدونة بوليستر الصوتية ومؤسسة موقع "ذا فات زاين"، بالتأكيد أن عودة الانتشار المفاجئة لبدلات التسمين في السينما تشير إلى أن رهاب البدانة يزداد سوءاً في جميع المجالات. تقول: "كانت هناك حالات متعددة من زيادة رهاب البدانة في السنوات الأخيرة، بدءاً من الإرشادات الحكومية التي تحاول صراحة شيطنة الأشخاص البدينين لصالح هيئة خدمات الصحة الوطنية فقيرة التمويل، إلى عودة العارضات النحيلات بشدة مثل ’متعاطي الهيروين‘ إلى عروض الأزياء". تعتقد أيضاً أن اللوم في المملكة المتحدة يقع جزئياً على طريقة تعامل الحكومة مع وباء كورونا. وتجادل قائلة: "يبحث الجمهور عن طرف ما ليلومه وينقلب عليه... وتوجيه أصابع الاتهام إلى الأشخاص البدناء أمر سهل للغاية"، ولا سيما عندما يكونون "متورطين بالفعل في كونهم مكروهين بسبب المخاوف ’الصحية‘".

مع جود خلفية ثقافية كهذه، تقترح تونيك أن رؤية رهاب البدانة ينعكس في وسائل الإعلام الشعبية ليس مفاجئاً للأسف. تصرح قائلة: "هناك مشكلة تتعلق بنقص تصوير السمنة في القصص التي يمكنها أن تكون جزءاً منها بسهولة، حيث لا تدور القصة حول السمنة ولكن عن الأشخاص بشكل عام ويتضاعف ذلك بسبب حقيقة أن السينما تريد فقط إبراز السمنة إذا كان الهدف من ذلك شيطنتها أو الضحك عليها أو كليهما!".

تجادل تونيك: "كشف دارين أرونوفسكي عن ذلك حقاً عندما قال إنه لم يجد ممثلاً سميناً بما يكفي ليلعب بطولة ’الحوت‘... يحمل هذا التصريح مشكلات كثيرة، أولاً ، هناك بالتأكيد ممثلون بدناء بما يكفي لتصوير هذه الشخصية. ثانياً، لماذا يروي دارين أرونوفسكي هذه القصة؟ وأخيراً، لا ينبغي أساساً سرد القصص السخيفة والمتطرفة الفاضحة التي تصور تجربة السمنة على أنها أسوأ من الموت أو أنها سبب للوفاة حتى، ناهيك عن روايتها على لسان شخص لم يسبق له تجربة العيش في جسم كذاك".

يبدو أن الدفعة الحالية من بدلات التسمين في هوليوود تشير بالتأكيد إلى إحجام مستمر عن إسناد الأدوار لأي شخص يتمتع بجسد ينحرف عن الجسم النحيف المثالي. تقول تونيك: "من الواضح أيضاً أن قلة من الناس يرغبون في زيادة وزنهم من أجل تلك الأدوار". إنها تعتقد بشدة أنه إذا لم يتم اختيار ممثل بدين، فيجب أن تكون زيادة وزنه الخيار الآخر الوحيد. موضحة: "من الطبيعي بالنسبة إلى عديد من الممثلين أن يكتسبوا أو يفقدوا كميات هائلة من الوزن لأداء أدوار معينة، لكن بالنسبة إلى الشخصيات البدينة يكون الخيار المفضل هو ارتداء بدلة تسمين مستعارة؟ إنه يعزز فقط نقطة مفادها بأن كون المرء سميناً أو يبدو كذلك هو شيء يريد الناس القيام به لأقصر فترة زمنية ممكنة"، وتؤكد تونيك أن هذه "رسالة يعد طرحها فظيعاً".

في مقابلة مع مجلة فانيتي فير، وصفت الممثلة رينيه زيلويغر بدلة التسمين التي ارتدتها في الدراما الإجرامية "ما يميز بام" بأنها جزء "مهم حقاً" في بناء شخصيتها، قائلة: "إذا لم تتمكن من التعرف على ممثل أو ممثلة أثناء تأدية شخصية ما، فهذا إطراء رائع... أنت لا تحاول رواية قصتك الخاصة". مع ذلك، يبدو أن تونيك تعتقد أن هذا النوع من المواقف رافض وساذج، وتقول إنه يجب أن يكون من البديهي أن "السماح للممثلين بارتداء بدلات تسمين اصطناعية لرواية هذه القصص يؤدي إلى إبعاد الممثلين والممثلات البدناء وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام البدناء" حتى عن التفكير في دخول صناعة التلفزيون والسينما. كما أنها تعارض أية فكرة مفادها بأن بدلات التسمين والإكسسوارات الاصطناعية التي تغير المظهر يمكن تبريرها على أنها "واقعية" سينمائية، مؤكدة أنه "لا يوجد شيء واقعي في بدلات التسمين هذه، فهي لا تزال تستخدم من أجل عامل الصدمة، لكن إما من خلال عدسة درامية أو عدسة كوميدية... وكلتاهما فظيعتان ومتلصصتان وقاسيتان" في رأيها.

يبدو بالتأكيد أن السينما المعاصرة عالقة في حلقة مفرغة، تبرر الإحجام عن اختيار ممثلين بدناء بالتصريح بأن العثور عليهم صعب، ثم إنشاء تصويرات لا تؤدي إلا إلى زيادة إبعاد الأشخاص البدناء عن الصناعة. يبدو أيضاً أن مديري اختيار الممثلين يترددون في التحدث بصراحة عن هذه العملية. من أجل هذه المقالة، ردت مديرة اختيار ممثلين واحدة فقط على الأسئلة، وأوضحت أنه على رغم خلفيتها في الإنتاج التلفزيوني، إلا أنها تعمل الآن بشكل أساسي في اختيار الممثلين من أجل الإعلانات التجارية.

في حين أننا لا نستطيع اعتبار أن ردودها تمثل الصناعة ككل، إلا أنها كانت مفيدة بلا شك. تقول: "أعتقد أن بدلات التسمين تستخدم لأن الممثلين لا يريدون زيادة الوزن، لأن فقدانه صعب للغاية ويلحق ضرراً بالأعضاء الحيوية". وأشارت إلى أن هذا "الخطر" يفسر سبب "عدم استعداد الممثلين لاتباع الأسلوب المنهجي من أجل دور ما بعد الآن"، وتساءلت لماذا قد يرغب شخص ما في "المغامرة بصحته وحياته وعمله المستقبلي من أجل درو ما" عندما "تكون الإكسسوارات الاصطناعية قد تطورت كثيراً". وفي بريد إلكتروني قصير أرسلته لاحقاً قالت أيضاً إن "العثور على ممثلين بدناء في هوليوود أمر نادر"، وختمت بفكرة أن "البدانة مضحكة، لطالما كانت كذلك".

من الواضح أن هناك قائمة من المشكلات في هذا النوع من التفكير. حتى بصرف النظر عن تلك العبارة الأخيرة التي يبدو أنها تنتمي إلى عام 2002، فإن الموقف العام في هذه التعليقات يشير بالتأكيد إلى الاعتقاد السائد بأن السمنة هي بطبيعتها غير صحية أكثر من اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية بشدة أو الإفراط في بناء العضلات (وهما طريقتان من الواضح أن عديداً من الممثلين لا يزالون على استعداد للقيام بهما). هذه فكرة يحاربها كتاب وناشطون أمثال تونيك لأنها مبسطة ومعيبة ومتجذرة في رهاب البدانة.

صحيح أن البدانة غالباً ما تنطوي على نسب خطر أعلى للإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو ارتفاع ضغط الدم أو التهاب المفاصل. لكن دراسات طبية عديدة أظهرت الآن أنه لا يمكن الحكم على هذه المخاطر بالوزن وحده. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أميركية نشرت في دورية القلب الأوروبية، أن اللياقة البدنية هي العلامة الرئيسة للصحة بين الأشخاص الذين يعانون البدانة المفرطة، طالما أن الاستقلاب لديهم صحي فإنهم ليسوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب أو السرطان مقارنة بغير البدناء. من ناحية أخرى، وجدت دراسة استقصائية صحية أجرتها الحكومة الأميركية أن أكثر من 30 في المئة ممن يسمون بالأميركيين "ذوي الوزن الطبيعي" كانوا غير صحيين من ناحية الاستقلاب.

ليندساي ماكغلون التي تتخذ لقب "النسوية الشرسة السمينة"، هي ناشطة ومتحدثة ومنتجة تعتقد أن ارتداء بدلات التسمين أمر خاطئ بطبيعته، وتقول: "هناك كثير من المعتقدات السلبية المتأصلة حول ما يعنيه أن تكون سميناً، لدرجة أننا لا نختار حتى لتمثيل أجسادنا... تخيلي أن قيمتك أقل من أن تستحقي تصوير نفسك؟"، مبرزة فكرة أن هناك حاجة إلى تنوع أكبر في اختيار الممثلين عندما يتعلق الأمر بالأحجام. وتقول ماكغلون إن الاعتماد على البدلات الاصطناعية يكشف فقط عن "كسل أولئك الذين يختارون الممثلين حيث لا يكترثون لتصوير أجساد حقيقية". مثلها مثل تونيك، تعتقد أن الإجابة بسيطة. "إذا كنت تريد أشخاصاً بدناء في فيلمك، تعاقد مع ممثلين سمينين، ليس الأمر بهذه الصعوبة ولكننا نعتقد أنه كذلك". إذاً، ربما تكون بدلات التسمين المستعارة في النهاية مجرد غيض من فيض في صناعة لا تزال مليئة بالمواقف والافتراضات المعادية للبدانة. تؤكد ماكغلون أن "السمنة ليست مضحكة... نحن لسنا نكتة، اكتبوا قصصاً أفضل".

يعرض فيلم "الحوت" في دور السينما حالياً.