لماذا تزور وزيرة الخزانة الأمريكية بكين؟

منذ 1 سنة 231

حطت طائرة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في بكين يوم أمس الخميس، في زيارة تستمر 4 أيام ولها أهمية خاصة جداً وتسعى واشنطن من خلالها إلى تحسين العلاقات الفاترة بين أعظم قوتين اقتصاديتين في العالم.

وتأتي زيارة يلين -وهي بالدرجة الأولى مسؤولة اقتصادية ومالية - بعد زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الشهر الماضي، وهي مثلت اللقاءات الأولى على هذا المستوى بين البلدين بعد أشهر من التوتر. 

انتقادات لاذعة لبكين

كانت يلين وجّهت انتقادات لاذعة وعنيفة إلى الصين يوم عُيّنت في منصبها عام 2021. آنذاك اعترفت أن "إمبراطورية الوسط" كما يسمّيها الفرنسيون "أهم منافس استراتيجي لأمريكا" وتعهد بمواجهة "ممارساتها التعسفية وغير العادلة وغير القانونية".

وفيما كانت العلاقات إبان حقبة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب مع الصين عاصفة جداً، استمرّت الخلافات في ظلّ إدارة الديمقراطي جو بايدن ولكنّ وتيرتها، أقلّه الكلامية، تراجعت نسبياً.

فيلين خفّفت من حدّة خطابها تجاه التنين الصيني في عالم يواجه أزمة تضخم غير مسبوقة ونمواً بطيئاً ويتأثر بالتبعات الاقتصادية للحرب الروسية على أوكرانيا.  

يلين أيضاً كانت إحدى الأصوات في إدارة بايدن التي رفضت فرض تعريفات جمركية جديدة على البضائع الصينية، وحثت على توخي الحذر بشأن القيود الجديدة على الاستثمار في الصين، كما أنها حذرت في الأسابيع الأخيرة من أنّ فصل أكبر اقتصادين في العالم عن بعضهما ستكون نتائجه كارثية. 

وكررت يلين قولها أمام ممثلي شركات أمريكية في الصين الجمعة، لا بل شددت على أن فك ارتباط أكبر اقتصادين عملياً مستحيل.

إقناع الصينيين؟

في حديث إلى وسيلة إعلامية أمريكية، رأى الخبير أندرو شينغ من جامعة هونغ كونغ الدولية أن الطرفين "يحاولان التواصل والتناقش، في محاولة لإيجاد مساحة استراتيجية لكل منهما للعمل، وهذا الأمر إذا نجح، سينعكس إيجاباً على كل العالم". 

ولكن رغم محاولة التواصل بين الطرفين والتحركات الدبلوماسية، فإن الأمور على أرض الواقع مختلفة: زيارة يلين تأتي مثلاً بعدما فرضت وزارة التجارة الصينية قيوداً على تصدير معدنين أساسيين في صناعة الرقائق (الغاليوم والجيرمانيوم) إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على أن يدخل القانون الجديد حيّز التنفيذ بدءاً من الأول من آب/أغسطس المقبل. 

والقرار الصيني نفسه جاء رداً على سلسلة من القرارات التي تحضّرها إدارة بايدن، تتعلق بالتكنولوجيا الحساسة وقطاع صناعة أشباه الموصلات المتقدمة، والتضييق على وصول الشركات الصينية العالمية إلى خدمات الحوسبة السحابية الأمريكية.

إن التحدي الأكبر الذي ستواجهه يلين خلال الزيارة، سيكون إقناع نظرائها الصينيين بأن مجموعة الإجراءات الأمريكية هذه تُتخذ باسم الأمن القومي فقط، وهي لا تهدف إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الصيني. ولكن نتيجة هذه المحاولة غير مضمونة بتاتاً. 

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قالت الأربعاء إن يلين أجرت "مناقشة صريحة ومثمرة" مع السفير الصيني لدى الولايات المتحدة كزي فينغ. 

وأشارت الوزارة في بيان إلى أن الهدف الأبعد من الزيارة هو "إدارة العلاقات الثانية بشكل مسؤول والتواصل مباشرة في المسائل المهمة والعمل معاً لمواجهة التحديات العالمية". 

الأولويات الأمريكية الثلاث

في نيسان/أبريل الماضي، وخلال مداخلة لها في جامعة جونز هوبكنز، عدّت يلين ثلاث أولويات لواشنطن تُدار عبرها العلاقات الثنائية مع بكين وهي التالية: 

  • تأمين مصالح الأمن القومي الأمريكي وحماية حقوق الإنسان
  • الدفع نحو نموّ اقتصادي تكون فيه منفعة للطرفين
  • التعاون في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والديون

والخميس قال مسؤول في إدارة البيت الأبيض لشبكة "سي إن بي سي" إن يلين ستتطرق إلى هذه النقاط الثلاث خلال زيارتها إلى بكين، موضحاً أن واشنطن لا تسعى إلى فصل اقتصادها عن الاقتصاد الصيني، فالتوقف الكامل عن التجارة والاستثمارات، بحسب هذا المسؤول، "ستضرّ بالاقتصادين والاقتصاد العالمي".