عندما تلقت آبي ميسبن طلباً من متجرها على موقع إتسي Etsy [موقع تجارة إلكترونية يركز على الصناعات اليدوية] لشراء واحدة من قبعات رعاة البقر التي تصنعها يدوياً من شخص يدعي أنه يعمل منسق أزياء لمصلحة بيونسيه، اعتقدت أن الأمر كان مزحة. وعلى رغم شكوكها، قررت ميسبن في يونيو (حزيران) من عام 2022، إرسال قبعة كاوبوي فريدة من نوعها مزينة بأكثر من 5 آلاف شريحة مصنوعة من زجاج المرايا، على أمل أن يكون الطلب حقيقياً. لكنها لم تتلق أي رد فعل على الطلب.
بعد ثمانية أشهر، أعلنت بيونسيه عبر "إنستغرام" عن جولتها الغنائية العالمية التي تحمل عنوان "رينيسانس" (النهضة) Renaissance. في الملصق الرسمي، تظهر النجمة صاحبة أغنية "بريك ماي صول" Break My Soul ممتطية حصان ديسكو خاصاً به يدعى رينيه ومرتدية بدلة رائعة مرصعة بالألماس، ومتزينة بمجوهرات لامعة مناسبة و... القبعة التي صنعتها ميسبن. وبعد ثلاث ساعات - بعد أن طلبت ميسبن من مجموعة من أصدقائها وضع إشارة في التعليقات إلى حسابها التجاري الذي يحمل عنوان "تريندينغ باي آبي" TrendingByAbby تلقت سيلاً من الطلبات.
تتذكر ميسبن من ولاية بنسلفانيا، بعد ستة أسابيع من الحفلة الأخيرة في الجولة في مدينة كانساس: "كان لدي انطباع بأنني لم أر بيونسيه ترتدي القبعة لأنها لم تعجبها! تخيلتها تقول ’أنا لا أرتدي هذا الشيء‘". لكن بيونسيه أعجبت فعلاً بالقبعة، وكذلك ملايين المعجبين الذين كانوا مستميتين لمحاكاة إطلالة نجمتهم. ارتفعت مبيعات ميسبن من قبعتين وسطياً إلى 30 قبعة في الأسبوع. وفي ذروة الجولة الغنائية، كانت تعمل ما بين 12 إلى 15 ساعة يومياً فقط لمواكبة الطلب. وفي كل ليلة، كانت تجد شظايا زجاجية صغيرة في يديها بعد لصق الآلاف من قطع المرايا الصغيرة على عشرات القبعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ميسبن هي واحدة فقط من عديد من الباعة على "إتسي" الذين كونوا ثروات صغيرة من صنع سلع غير رسمية على هامش حفلات جولة "رينيسانس". قضى كثير من أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة هؤلاء الستة أشهر المرافقة لتلك الجولة يوجهون أعمالهم بحسب مزاج المغنية - حيث سيطرت تدرجات اللون الفضي المختلفة، التي طغت على أجواء الجولة، على حياتهم اليومية - في إشارة إلى ألبوم بيونسيه الذي كان الديسكو موضوعه. لكن مرت ستة أسابيع الآن منذ انتهاء الحفلات الموسيقية، واختفاء بيونسيه على صهوة حصانها رينيه. انفجرت الفقاعة الفضية، تاركة ميسبن وأقرانها يتساءلون: ماذا سنفعل الآن؟
إيرين فريتس، صاحبة متجر "إيفيرويند كرييشنز" Everwind Creations في ولاية كارولينا الشمالية، والتي أصبحت مراوحها اليدوية أيضاً عنصراً أساسياً يحمله جمهور الحفلات، تقول إنها كانت تحت "رحمة بيونسيه" خلال الجولة. بين شهري مايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول)، كانت المغنية تتقدم بمطالب محددة لمعجبيها - تلك المتطلبات التي توجب على فريتس وميسبن وغيرهما من الباعة عبر "إتسي" أن يكونوا على دراية بها. على سبيل المثال، في عيد ميلادها في سبتمبر (أيلول)، طلبت بيونسيه من معجبيها ارتداء ملابس تظهرهم "كأضواء الديسكو المتلألئة" - وهكذا بدأت فريتس العمل.
في البداية، كانت تتحرى الكلمات المفتاحية التي جرى البحث عنها كثيراً على موقع "إتسي" مثل: رينيسانس، فضة، ومروحة يدوية. كان ذلك منطقياً، ففي نهاية المطاف كان ذلك في عز الصيف ومن المحتمل أن تكون الأجواء ساخنة في مسرح يعج بالمشجعين الصاخبين. لاحظت فريتس أيضاً أن القطعة الرئيسة التي استخدمتها بيونسيه أثناء الرقص على أغنيتها الناجحة "ملتهبة" Heated خلال الجولة كانت مروحة يدوية عريضة. أصبحت الظروف متوافقة بشكل جيد لدعم عملها التجاري.
خلال زمن الجولة، شهدت فريتس ارتفاعاً في الطلب على مراوحها من اثنتين في اليوم إلى أكثر من 30 مروحة. وبسعر 26 جنيهاً استرلينياً للقطعة الواحدة (35 دولاراً) كان المعجبون يكسبونها في مرحلة من المراحل أكثر من 800 جنيه في اليوم (1000 دولار). تخبرني في مكالمة هاتفية: "ارتفعت مبيعاتي على ’إتسي‘ بشكل مفاجئ". في أشهر الذروة تلك، تحولت فريتس من وظيفتها اليومية في التسويق الرقمي للتركيز على ’إتسي‘ كعمل بدوام كامل. تقول ضاحكة: "كنت أعمل لساعات طويلة، وفي بعض الأحيان كانت أمي تساعدني... كنت تحت رحمة بيونسيه. كان عليّ الانصياع لأي قواعد لباس تنشرها على الإنترنت، لأن أحداً لا يدري ما الذي ستطلب من معجبيها ارتداءه بعد ذلك؟".
عندما انتهت الحفلات الموسيقية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، واجه باعة "إتسي" هؤلاء أمراً مزعجاً لا مفر منه. قالت لي فريتس: "كنت قلقة حقاً حيال انخفاض الطلب... كنت أقول ’لا! من فضلك أضيفي مزيداً من الأيام إلى الجولة!‘ كنت بالتأكيد حزينة لوصولها إلى نهايتها. حتى أنني أفتقد الدردشة مع معجبي بيونسيه". انخفضت الطلبات التي تصلها إلى ثلاثة يومياً مجدداً، وإذا باعت خمس مراوح تعتبر أنه يوم جيد. تضيف: "كثيراً ما أتساءل... إذا ذهبت في تلك الجولة مرة أخرى، فهل ستستخدم المراوح اليدوية في رقصات الأغاني وتتبناها مرة أخرى؟ لا أحد يعلم ما إذا كان هذا سيحدث أم لا".
لاحظت آنا فيرغسون، صاحبة متجر "ون لاف ون آنا" OneLoveOneAnna على "إتسي" ومقره في أتلانتا بولاية جورجيا، ركوداً مماثلاً في مبيعات الأقراط التي تصنعها على هيئة أضواء الديسكو في أعقاب انتهاء جولة "رينيسانس" وجولة "إيراس" Eras الضخمة المماثلة لتايلور سويفت، والتي توقفت حالياً. إضافة إلى المبيعات عبر الإنترنت، كانت فيرغسون تتسكع بانتظام في ردهات الفنادق بالقرب من الساحات لبيع مجوهراتها المصنوعة يدوياً للجماهير الموجودة هناك. تقول: "في أتلانتا، كنت أتجول في الفندق حاملة كيساً يحتوي على أقراطي ولافتة، وفي غضون خمس دقائق كسبت مئات الدولارات". في نهاية الأسبوع التالي، لحقت فيرغسون بالجولة الموسيقية إلى ناشفيل، حيث كسبت 2000 دولار في 24 ساعة. توضح: "غيرت الجولات قواعد اللعبة بالنسبة لي في ما يتعلق بالمبيعات. لقد استفدت كثيراً من نجاح وتأثير هذه الجولة العالمية".
الآن، تحاول فيرغسون التكيف مع الأحوال ما بعد الجولة، وتقول: "هناك مبيعات، لكن الأمر لا يشبه ما شهدته... في نهاية هذا الأسبوع، سأقوم ببيع منتجاتي في حفلة تاي غيت [حفلات موسيقية غير رسمية تُقام لمحبي تايلور سويفت]". كما تنتظر عرض فيلم "جولة رينيسانس" Renaissance Tour الذي سيصدر في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، حيث تأمل أن يكون هناك ارتفاع آخر في المشتريات المتعلقة ببيونسيه، مثل أقراط كرات الديسكو المطبوع عليها وجه المغنية. تضيف: "خلال الجولة، تمكنت من تلبية طلبات الأكسسوارات المستعجلة للجميع - وآمل بأن يحدث ذلك مرة أخرى".
تقول ميسبن إن نهاية الجولة كانت حلوة ومرة، وتوضح متنهدة: "ليس العمل كما كان عليه من قبل... لم يعد لدي كثير من الفرص كتلك بعد الآن، لكنني أشعر بأنني محظوظة حقاً لأنني حصلت عليها في المقام الأول". في ذروة نشاطها، كانت تبيع 30 قبعة في الأسبوع، أما الآن، إذا باعت 10 قطع، فهي تعتبر ذلك نجاحاً. لاحظت صانعة القبعات كذلك ظهور المئات من النسخ المقلدة من قبعتها على الإنترنت بسعر أرخص. وتقول: "أنا محظوظة لأنني ما زلت محافظة على عملي، لكنني لاحظت أن الشركات تعيد صناعة هذه القطع بجودة مختلفة". وقد نُصحت ميسبن نفسها بالبدء في الاستعانة بمصانع خارجية عندما يكون الطلب في ذروته، لكنها لم ترغب أبداً في التنازل عن الجودة. قالت لي: "لن أشعر بأنني أفعل الصواب عندما أدفع قروشاً لأحدهم كي أجني الأموال التي أحصل عليها... لا أستطيع تخيل أن هناك من يتقاضى أجراً أقل مني".
لما وصلت جولة بيونسيه إلى نهايتها، قالت شركة "لايف نيشن" لبيع التذاكر إنها حققت أكثر من نصف مليار دولار (ما يعادل 579 مليون دولار) من 56 حفلاً موسيقياً جرى إحياؤها أمام حوالى 2.7 مليون معجب. ربما قام بعض المعجبين بالبحث في "أمازون" أو مواقع الأزياء السريعة للحصول على حاجتهم من الإطلالات الفضية المستوحاة من الديسكو، لكن عديداً منهم لجأوا بكل سرور إلى الباعة المستقلين. في الوقت الحالي، تقول ميسبن إنها "تجس نبض" السوق استعداداً للحدث الكبير التالي. وتأمل بارتفاع مبيعاتها مرة أخرى قبل العام الجديد بالتزامن مع اقتراب عيد الميلاد والفيلم المرتقب الذي يوثق لجولة "رينيسانس". تقول: "لا أريد أن يفوتني حدث آخر... لو كنت قد أغلقت متجري قبل عامين، لما حدث هذا أبداً... لن أقوم بإقفال متجري بالضرورة إذا كانت المبيعات بطيئة - فهي جيدة جداً الآن. أنا أحاول فقط تجاوز هذه المرحلة".