عزّز التباين الواضح في تعامل الغرب مع الحرب الأوكرانية الروسية من جهة والحرب في الشرق الأوسط من جهة أخرى، فكرة أن دبلوماسية دول الشمال ظلت عالقة في الزمن الاستعماري. يعكس ذلك مخاوف العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك روني برومان وأنييس لوفالوا ونويل مامير، في مقال نشرته صحيفة لوموند.
عزّز التباين الواضح في تعامل الغرب مع الحرب الأوكرانية الروسية من جهة والحرب في الشرق الأوسط من جهة أخرى، فكرة سائدة بأن دبلوماسية دول الشمال ظلت تستصحب زمن استعماري. يعكس ذلك مخاوف العديد من الشخصيات البارزة، بمن فهيم روني برومان وأنييس لوفالوا ونويل مامير، في مقال نشرته صحيفة لوموند.
في الضفة الغربية، وهي إحدى جبهات الحرب، يريد الائتلاف الحاكم في إسرائيل، الذي يشارك فيه اليمين المتطرف، تضييق الخناق: مستوطنات جديدة، وعمليات طرد جماعي، ومقتل أكثر من 700 فلسطيني خلال العام الماضي.
يؤكد منسق عملية السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمم المتحدة في فلسطين، تور وينسيلاند، أن "النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية واعتداءات المستوطنين، توسعت كثيراً بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة".
إقليميًا، لا تعرف الغارات الإسرائيلية حدودًا في سماء الشرق الأوسط. فقد استهدفت إسرائيل إيران ومنشآتها العسكرية. وفي 27 أيلول/ سبتمبر، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة هدنة مقترحة مع حزب الله طرحتها واشنطن وباريس بدعم من عدة دول خليجية. وبعد ذلك بوقت قصير، أمر بقصف بيروت وتمّ اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. واليوم، يتساءل البعض عما إذا كان نتنياهو سيعتبر اغتيال يحيى السنوار”نصراً كافياً“ لتغيير مساره المجنون.
ازدواجيّة المعايير
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ذهبت كل الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان أدراج الرياح. منذ عام حتى الآن، كل ما سمعناه يدور حول ”أمن إسرائيل“. ولم نسمع سوى القليل عن أمن الشعب الفلسطيني، سواء كان أمنًا جسديًا أو غذائيًا أو صحيًا.
بعد هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، شعرت الدول الأوروبية أن لإسرائيل كل الحق في الانتقام، متناسية الحروب الأربعة القاتلة التي شنتها إسرائيل على غزة. ولم يكن لأحد أن يتخيل حجم الحرب الإسرائيلية على غزة. فبعد مرور عام، تحوّل القطاع إلى كومة من الركام حيث فقد أكثر من 40,000 شخص حياتهم.
وإن تزامن الحربين في أوكرانيا والشرق الأوسط سلّط الضوء على التعامل غير المتكافئ للدول الغربية مع هذه الأزمات. من ناحية، برز الدعم القوي لأوكرانيا برغبتها في الاستقلال في مواجهة الهجوم الروسي، وتمّ فرض عقوبات قاسية على روسيا، فضلاً عن المواقف المناهضة والإدانات الواسعة التي أثارها الغرب.
ومن جهة أخرى، لم تعترف تلك الدول بحقوق الشعب الفلسطيني، ولم تحمّل إسرائيل مسؤولية ما عاشه الشعب من قتل ودمار وتهجير ووحشية، وحظي الرد الإسرائيلي على حماس بدعم كبير، وكأن كل شيء بدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وبرزت محاولات تبرئة إسرائيل بالرغم من استهدافها للمستشفيات وخيام النازحين والمساجد والكوادر الطبية والأطفال والنساء. ولم يتمّ الاعتراف بارتكابها لجرائم حرب في القطاع، أو استخدامها للمدنيين كدروع بشرية.
أوروبا التي وقفت بالإجماع تقريبًا لمعارضة فلاديمير بوتين في الحرب الأوكرانية الروسية، ووسّعت من نطاق العقوبات ضد روسيا، لم تتّخذ أي إجراءات جوهرية ضد إسرائيل وحكومتها.
وإذا أرادت الدول الغربية أن تستعيد صوتاً ذا مصداقية، فعليها أن تتخلى عن منطق المعايير المزدوجة. وعليها أن تبذل كل ما في وسعها لإعطاء القانون الدولي والعدالة الدولية فرصة، وأن تعترف أخيرًا بأن العقوبات ضرورية، وأن تقدم دعمًا ثابتًا للمحكمة الجنائية الدولية التي طلبت إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه يوآف غالانت.