قلق حقوقي أوروبي من تقويض سيادة القانون في دول بالتكتل وتحذير من هيمنة التطرف

منذ 1 سنة 204

بقلم:  Hassan Refaei  •  آخر تحديث: 21/02/2023 - 17:31

صورة أرشيفية لرئيس وزراء المجر فيكتور أوربان (يسار) وزعيم حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي أثناء تدشين نصب تذكاري في بودابست، المجر، 6 أبريل ، 2018.

صورة أرشيفية لرئيس وزراء المجر فيكتور أوربان (يسار) وزعيم حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي أثناء تدشين نصب تذكاري في بودابست، المجر، 6 أبريل ، 2018.   -  حقوق النشر  AP Photo

غالبية دول الاتحاد الأوروبي لم تعالج قضايا تثير قلقاً لجهة تقويض سيادة القانون، الأمر الذي يشرّع الأبواب أمام التوجهات المتطرفة لتتصدّر المشهد، هذا يؤكده تقرير جديد لمنظمة "ليبرتيز" غير الحكومية .

ووفقاً للتقرير الذي أصدرته المنظمة الحقوقية، اليوم الثلاثاء، فإن غالبية دول الاتحاد الأوروبي بذلت خلال الـ12 شهراً الماضية "جهوداً متواضعة" على طريق حل قضايا موصوفة في انتهاكها لسيادة القانون.

"أسوأ المخالفين"

وتمّ تصينف بولندا والمجر مجدداً على أنهما "أسوأ المخالفين" في مجال سيادة القانون، ذلك أنهما يواصلان اتخاذ إجراءات تعزز من مركزية السلطة وتعمل على تكميم أفواه المعارضين وتتحكم بالرأي العام لضمان تحقيق انتصارات انتخابية على الرغم من محاولات بروكسل للضغط على حكومتي البلدين من أجل تطبيق مبدأ سيادة القانون.

بالنسبة للهيئة الرقابية ، فإن الإصلاحات التي طالبت بها بروكسل تحت التهديد لحجب أموال الاتحاد الأوروبي "لم تفضِ إلا إلى تحسينات متواضعة" في كلا البلدين المذكورين، حسب التقرير.

وكانت المفوضية الأوروبية اتهمت في شهر نيسان/أبريل الماضي حزب فيدس الحاكم في المجر بقيادة فيكتور أوربان بأنه يسيطر على أجهزة الدولة، ويضع موالين له في الهيئات القضائية ووسائل الإعلام الحكومية وفي نظام التعليم، أما بولندا والتي تتهمها المفوضية بـ"قمع" استقلال القضاء، فقد طلبت بروكسل من حكومة وارسو  قبل نحو عشرة أشهر "حل الدائرة التأديبية للقضاة وإصلاح إجراءات النظام التأديبي وأيضاً إعادة القضاة المفصولين بشكل غير قانوني إلى ممارسة وظائفهم". 

ويشار إلى أن الائتلاف الحاكم في المجر بقيادة رئيس الوزراء فيكتور أوربان فاز في الانتخابات العامة التي جرت ربيع العام الماضي، وحصول على نحو 53 بالمئة من أصوات الناخبين، وثلثي الأغلبية العظمى في البرلمان، أما حزب القانون والعدالة بزعامة يارولاسف كاتشينسكي الذي اكتسب شعبيته نتيجة منحه مساعدات اجتماعية، فقد فاز في الانتخابات العامة التي شهدتها البلاد في أيلول/سبتمبر من العام 2019 على 45,16 بالمائة من الأصوات، ما منحه أكثرية مطلقة في البرلمان الذي يضمّ 460 مقعداً.

القضاء والصحافة ومنظمات المجتمع المدني

ويرى تقرير منظمة "ليبرتيز" الذي شارك في جمع معطياته 45 منظمة لحقوق الإنسان في 18 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أنه بات من الصعوبة بمكان أن يقوم الصحفي بعمله في العديد من البلدان، حيث تستخدم بعض الحكومات محطات البث التلفزيوني والإذاعي العامة كناطق باسمها، كما في المجر وبولندا، كما أن بعض الحكومات تمارس ضغوطاً على وسائل الإعلام الخاصة لتسويق روايات السلطة.

ويعدّ التأثير السياسي على القضاء مصدر قلق بالنسبة لحسن تطبيق مبدأ سيادة القانون، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسيين الذين يملكون رأياً نافذاً في اختيار القضاة وترقيتهم ومحاسبتهم، كما هو الحال في بلغاريا وجمهورية التشيك وألمانيا والمجر وبولندا وسلوفاكيا وإسبانيا.

ويصف التقرير الحقوقي القواعدَ والآليات التي تعتمدها بعض البلدان الأوروبية لوقف الفساد بأنها "ضعيفة للغاية"، ذلك أنها تفتقر إلى الشفافية كما أنها لا تقدم ضمانات حماية للأشخاص الذين يبلّغون عمن يرتكبون انتهاكات، هذا إضافة إلى أن بعض الحكومات تعمل على تقويض دعائم منظمات المجتمع المدني من خلال "المضايقات القانونية".

المتطرفون والنظام الديمقراطي

ويقول المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية لأوروبا، بالاز دينيس: "يتوجب على الحكومات الأوروبية أن تعي بأنه من خلال إخفاقها في حماية الديمقراطية في بلدانها، فإنها بذلك تمهد الطريق أمام السياسيين المتطرفين الذين لن يترددوا في هدم النظام (الديمقراطي) برمته".

ويضيف دينيس: "على الرغم من أن بروكسل اعتمدت سياسة المساومة  للتوصل إلى حلول جزئية، إلا أن المطلوب من الاتحاد الأوروبي الاستفادة بشكل كامل من آلية المشروطية تجاه النظامين الحاكمين في بولندا والمجر.

ويمضي دينيس إلى القول حين يتم تعليق منح الأموال الأوروبية، "فإن هذه الآلية يجب أن تتم على نحو لا يتيح لـ(رئيس الوزراء المجري فيكتور) أوربان و(زعيم حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا ياروسلاف) كاتشينسكي أي خيار سوى إعادة الديمقراطية إلى المواطنين، لأن بولندا كما المجر، بحاجة إلى الاتحاد الأوروبي في التعامل مع تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا".

ويجدر بالذكر أن الآلية التي تبنتها الدول السبع والعشرون المكونة للاتحاد الأوروبي تنص على تعليق أو تخفيض ميزانيات الأموال الأوروبية من صندوق الميزانية المشتركة إذا كان هناك خطر إساءة استغلال الأموال بسبب انتهاكات لسيادة القانون.