أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى كارثة إنسانية نجم عنها نقص الضروريات الأساسية، ومن بين الأكثر تضرراً، الرضع والأطفال الصغار وأولياء أمورهم، حيث يصعب توفير الحفاضات والحليب، مما يدفع الآباء إلى البحث عن بدائل غير كافية، بل وحتى غير آمنة. وما يفاقم محنتهم عرقلة إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية.
لذلك، أرغمت زينب الزين على إطعام ابنتها الرضيعة المأكولات الصلبة التي قد لا يتمكن جسدها الصغير من هضمها، بدلاً من رؤيتها تتضور جوعاً بسبب نقص حليب الأطفال في قطاع غزة المحاصر.
وتقول هذه الأم النازحة وهي تطعم ابنتها الباكية البسكويت المطحون في خيمة باردة: "أعلم أننا نقوم بعمل يضرها، لكن لا يوجد شيء، إنها تبكي بشكل مستمر."
بينما تستمر معاناة الفلسطينيين، أصبحت أبسط الأشياء، مثل تغيير حفاضات الأطفال، ترفاً قد يتطلب التضحية، حيث اضطر النازح رأفت أبو وردة، وهو أب لطفلين إلى بيع طعام أطفاله: "لقد بعت طعام أطفالي حتى أتمكن من شراء الحفاضات".
وأدى نقص المواد الأساسية إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ولأن قليل من الفلسطينيين لديهم دخل منتظم، ولعدم وصول المساعدات للجميع، اضطر معظمهم إما إلى استنزاف مدخراتهم أوالعيش على الصدقات.
ويبيع الأطفال الأكبر سناً، في أكشاك مؤقتة في الشوارع، حفاضات بالمفرد مقابل ثلاثة إلى خمسة شيكل (من دولار واحد إلى أكثر بقليل) أو عبوات كاملة بمبلغ يصل إلى 170 شيكل (46 دولاراً)، بينما كانت عيوة الحفاضات قبل الحرب تكلف 12 شيكلاً (3.50 دولار).
ويقول النازح أنيس الزين، الذي كان يشتريها من أحد الشوارع وسط مدينة دير البلح، ولا تربطه صلة قرابة بزينب، إن "أسعار الحفاضات مُضحكة جداً ". "الطفل يكلفك 20 شيكل (5 دولارات) في اليوم، خاصة في وضع سيء كهذا، كل الأسعار مرتفعة ولا يوجد دخل للناس، ولا توجد حتى مساعدات”.
لذلك، يستخدم بعض أهالي الأطفال الحفاضات القماشية، لكن يجب غسلها بالماء، وهو أمر نادر أيضاً.
وفقاً لآخر حصيلة، أودت الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن بحياة نحو 27 ألفاً و585 قتيلاً غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما بلغ مجموع الجرحى حتى الآن 66 ألفاً و978 شخصاً، وارتفع عدد النازحين إلى 1.8 مليون شخص، أي ما يعادل نحو 80% من سكان القطاع.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) هذا الأسبوع، إن معظم النازحين الجدد لا يحصلون سوى على لتر أو لترين من الماء يومياً للشرب والطهي والاغتسال، وإن الإسهال المزمن بين الأطفال يتزايد، وايصال المساعدات إلى غزة لا يلبي الاحتياجات الهائلة.
"خطر الموت من الجوع أصبح حقيقياً"
وتشير تقديرات المنظمة إلى أن 20 ألف طفل رضيع يصل عمرهم إلى 6 أشهر يحتاجون إلى حليب صناعي، تقوم اليونيسف بتوزيعه إلى جانب الضروريات التي تشمل الحفاضات والنقود أيضاً .
وقال المتحدث باسم اليونيسف عمار عمار: "هذا ليس كافياً على الإطلاق لتلبية الاحتياجات الهائلة للأطفال في غزة".
وقالت اليونيسف إن احتياجات الرضع تشكل جزءا من تهديد أوسع نطاقاً يواجه جميع الأطفال دون سن الخامسة البالغ عددهم 335 ألف طفل، يتعرضون بشدة لخطر سوء التغذية الحاد والوفاة التي يمكن تجنبها.
ويؤكد عمار قائلاً: "بالنسبة للعديد من الأسر في غزة، فإن خطر الموت من الجوع أصبح حقيقياً".
لذلك، بالنسبة لزينب، فإن الخيار الصعب لإطعام طفلتها البالغة من العمر أربعة أشهر، البسكويت المطحون والأرز المطحون بدلاً من الحليب الاصطناعي، يعني التوجه بشكل متكرر إلى المستشفى المحلي، الذي يتعرض هو أيضاً كنظام الرعاية الصحية في غزة بشكل عام، لضغوط شديدة بسبب الحرب.
وتؤكد الأبحاث أن الأطفال الذين يتم إعطاؤهم الطعام الصلب في وقت مبكر جداً يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض المزمنة.
وتقول الأم زينب وهي تطعم طفلتها الباكية:" بالطبع، إنه طعام غير صحي، نعلم أنه يسبب لها ضيقاً معوياً وانتفاخاً ومغصاً، لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟"
وفقاً لآخر حصيلة، أودت الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن بحياة نحو 27 ألفاً و585 قتيلاً غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما بلغ مجموع الجرحى حتى الآن 66 ألفاً و978 شخصاً، وارتفع عدد النازحين إلى 1.8 مليون شخص، أي ما يعادل نحو 80% من سكان القطاع.