بقلم: Mariam Chehab • آخر تحديث: 22/02/2023 - 19:28
دبابة ليوبارد - حقوق النشر أ ب
في الـ 24 من فبراير/ شباط 2022، يوم وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متحديا العالم أجمع ومعلنا عن بدء عملية عسكرية ضد جارته الغربية، أوكرانيا، بعد حشد عسكري طويل، لم يكن سيد الكرملين يدرك حينها أن الحرب الشرسة التي خاضها ضد أوكرانيا لن تكون سريعة وخاطفة، كما أراد، وأن توقعات العديد من المحللين بانهيار الجيش الأوكراني وهزيمته ودخول العاصمة الأوكرانية، كييف، خلال ساعات معدودات، لن تؤتي ثمارها على أرض المعركة.
ولم يكن أحد يعلم، أن الهجوم العسكري الروسي سيتحول بمقاومة الجيش الأوكراني وصموده خلال بضعة أشهر إلى حرب شعواء تعد الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وإلى صراع لا أحد يعرف كيف ومتى سينتهي.
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحرب، ينضم إلينا العميد إلياس حنا، الخبير العسكري اللبناني، للحديث عن أخر التطورات في الحرب التي أسفرت عن سقوط خسائر بشرية وعسكرية لا تعد ولا تحصى في صفوف الجانبين، ناهيك عن ملايين النازحين وتباطؤ اقتصادي عالمي من غير المرجح أن تتراجع وتيرته على المدى القريب.
نحن أمام مرحلة جديدة تبشر بعنف جديد من نوع جديد
لدى سؤالنا عما حققه بوتين خلال هذا العام، يقول حنا، "أولا يجب المقارنة بين أهداف الرئيس بوتين وهي كبيرة جدا جدا مع الوسائل التي وضعها وهي متواضعة جدا جدا ومع الحسابات الخاطئة وكان خاطئا في أغلبها والدليل على ذلك، تغيير الاستراتيجيات من هجوم شامل وكامل إلى هجوم جزئي، إلى تغيير القيادات وصولا إلى فاليري غراسيموف بعد تغيير سيرغي سيروفيكين، هذا الأمر دليل على أن الحرب بعد سنة لم تحقق الاهداف ككل، وبالتالي نحن مستمرون".
ويتابع الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية قائلا "هذا الامر يأخذنا إلى السؤال عن خطاب الرئيس بوتين البارحة وزيارة الرئيس بايدن إلى كييف ومن ثم خطابه في بولندا، في وارسو.. نحن أمام مرحلة جديدة تبشر بعنف جديد ومن نوع جديد، والكل ينتظر هذه المرحلة، وصول الدبابات، وصول الوسائل، وصول الأسلحة الغربية، وبالتالي حشد الرئيس بوتين، تحفيز الصناعات العسكرية، والانتقال إلى مرحلة، ولكن لا يبدو حتى الآن أن هناك إنجازا يعتد به مقابل الوضع الذي جرّ بوتين روسيا إليه".
حربان مختلفتان في أوكرانيا
وإن كان بوتين، كان يتوقع قبل دخوله إلى أوكرانيا أن العاصمة كييف ستصمد إلى هذا الحد؟، يجيب حنا في حديثه مع "يورونيوز"، أن "بوتين لم يتوقع، والغرب لم يتوقع ونحن نستذكر اليوم، أن الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعتقد أنه خلال أسابيع معينة ستسقط (أوكرانيا)، وحتى قيل للرئيس زيلينسكي، هل تريد الخروج، قال لا.. لا أريد وسيلة خروج، أنا أريد سلاحا لأدافع.. بعد هذه المرحلة بدأ التغيير الغربي بالإدراك وبالتالي الانتقال إلى مرحلة جديدة وهي مساعدة أوكرانيا".
وأردف قائلا "حينها لاحظنا أن المساعدات العسكرية بدأت تصل لأوكرانيا، صواريخ "جافلين" و"ستينغر" والمسيرات التركية من نوع "بيرقدار" وانتقلنا إلى المدافع وصواريخ الهايمرز إلى الدبابات وإلى الاستعلام وحتى إلى ما يسمى بـخدمة ستارلينك من إيلون ماسك.. خدمات التواصل والاتصال التي قدمها ماسك والتي أمنت الانترنت، والقيادة والسيطرة، والاتصالات، أي أن ما ضربته روسيا من أبراج الاتصالات عوض عنه ماسك بستارلينك، بالإضافة إلى الحرب الشاملة التي تخوضها أوكرانيا".
وينقل حنا قول لورانس فريدمان، المفكر البريطاني، إن هناك حربان مختلفتان في أوكرانيا، ويتابع "أنا أقول إن هناك عدة حروب، ولكن لنذهب بحسب ما قاله فريدمان، هناك حرب روسية شاملة على أوكرانيا، تدمير شامل وكامل بكل الأبعاد العسكرية والمدنية والبنى التحتية وما شابه وهناك حرب حياة وموت لأوكرانيا، تدافع عن نفسها، ولكنها تخوض حربا داخل أوكرانيا، وليس في الداخل الروسي، من هنا وحتى لو رأينا في بعض الأوقات قصف أوكراني متواضع في قواعد عسكرية، فهو يأتي فقط للتذكير".
نحن أمام أربعة جيوش تقاتل على طريقتها
وعن تصريح زعيم فاغنر فاغنرفيكتوروفيتش بريغوجين الأخير والانتقادات التي وجهها لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وإلى أين قد تتجه الأمور، يقول حنا "اليوم الرئيس بوتين يسيطر على كل شيء وكان لديه جيش تقليدي رسمي تمثله وزارة الدفاع مع الوزير سيرغي شويغو، وكان لديه مرتزقة فاغنر التي يمولها بريغوجين وكانت تُستعمل في أفريقيا وفي سوريا وكان لها أهداف مختلفة، اليوم بالإضافة إلى فاغنر هناك القوات الشيشانية بقيادة رمضان قديروف وهناك أيضا القوات الانفصالية في إقليم الدونباس في دونيتسك ولوغانسك، إذا نحن أمام أربعة جيوش تقاتل على طريقتها، وهي تدار بطريقة غير مباشرة من قبل الرئيس بوتين.. لكنها الآن وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها على خلاف أساسي، وهذا يأخذنا إلى القول بأن هذا الأمر يخرق أهم مبدأ في مبادئ الحرب وهو وحدة القيادة، إن لم يكن هناك وحدة قيادة لعمليات كبيرة هذا الأمر يفرط".
وأشار إلى أن "الدليل على ذلك، طريقة القتال، طريقة (سقوط) القتلى، وهنا الصراع بدأ يظهر منذ فترة بين وزارة الدفاع وخاصة فاغنر، وهو يتهمها منذ فترة بأنها تحرم قواته من الذخيرة، وأنه هو الوحيد الذي يحقق (انتصارات)، وأن القدرة على السيطرة على إقليم الدونباس قد يستغرق الأمر سنتين أساسيتين".
بوتين يصطف فقط مع بوتين
ولدى سؤاله عن الدفة التي سيميل إليها الرئيس الروسي في نهاية المطاف، وإن كان سيقف إلى جانب وزارة الدفاع أو إلى جانب بريغوجين، لفت حنا إلى أن بوتين "في آخر خطاب له لم يذكر فاغنر، وهو قد يعتبر بريغوجين منافس سياسي له في المرحلة المقبلة، لأن ما يقوم به رئيس فاغنر يلبي المتشددون في الداخل أو القوميون الروسيون في عدة أمور".
وأضاف "أنا أقول أن بوتين يصطف فقط مع بوتين، والكل يبدو كأدوات، وهو يحرك هذه الادوات حسب الحاجة التي تلبي وضعه، عندما يكون هناك رئيس أركان، غيراسيموف ويقوم بنزع سيروفيكين القائد الذي عينه قبل ثلاثة أشهر، لأن سيروفيكين كان على تحالف مع بريغوجين، عٌزل ووضع كمساعد لرئيس الأركان غيراسيموف، وكلف الأخير بالعمليات العسكرية على المسرح الأوكراني، ولكن في نفس الوقت لم يذكر حتى الآن أن فاغنر حققت أي انتصار، لم تستطع فاغنر منذ أشهر ان تتقدم أو تأخذ أو تسقط باخمود، واليوم هناك مشكلة كبيرة في مكان آخر في إقليم دونيتستك غلي دار، هذا أمر مهم جدا، كيف سيكون عليه الأمر في المرحلة القادمة، أن أعتقد أنه سيكون هناك تصعيد كبير جدا".