يقول الطلاب في بنغلاديش كلمتهم في الشارع كما مؤسسات الدولة. فالشبان الذين استطاعوا كسر قيد حكم دام لعقد ونصف، ظهروا في سترات فاقعة اللون، ينفخون في الصافرات لتنظيم حركة المرور في دكا، وذلك بعد أسبوع من الإطاحة برئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة.
بعد إعلان ضباط حركة المرور إضرابهم، بادر الطلاب لتنظيم حركة السير، شاغلين "فراغات الدولة" على طريقتهم الخاصة، وقد علقوا في أعناقهم بطاقات هوياتهم الجامعية، ممسكين بالعصي والمظلات لتوجيه السيارات في هذا الطريق أو ذاك، وإذا ما "استوجب الأمر" يتحققون من رخص السيارات، ويطلبون منهم ربط أحزمة الأمان. وفي بعض الأحيان، يفتحون صناديق السيارات ليتأكدوا من أنها ليست لمسؤولين سابقين.
ولم يقتصر دور الطلاب على إدارة حركة المرور، بل إن اثنين منهم، قادا الحملة ضد حسينة، واستطاعا بالفعل حجز مقاعدهما في صفوف الدولة.
وبحسب أحد قادة الاحتجاجات، الذي يتولى الآن وزارة الشباب والرياضة، آصف محمود، يأمل الطلاب أن يبنوا "بنغلاديش جديدة" بروح ديمقراطية تسع أحلامهم.
يقول محمود: "إننا نحمل مسؤولية كبيرة. لم نفكر، ولم يكن لدينا طموح، أن نتولى مثل هذه المسؤولية في هذا العمر. نعم، هناك ضغط، ولكن هناك ثقة أيضًا".
من جهته، أشار الوزير الطالب ناهيد إسلام، الذي يدير وزارة المعلومات والتكنولوجيا في الحكومة الانتقالية، إلى عدم امتلاكهم الخبرة السياسية للحكم، لكنه أكد أن العزيمة والنتائج التي حققتها الحركة الطلابية جعلته يؤمن بقدرته على إحداث التغيير.
ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من أن الحكومة المؤقتة غير منتخبة، وبالتالي ليس لديها تفويض لتنفيذ تغييرات كبيرة.
يقول المدير التنفيذي لمركز دراسات الحكم، زيلور رحمن، لوكالة "أسوشيتد برس": "يجب على حكومة محمد يونس، التي اختارها الطلاب، أن تضع في اعتبارها أن مسؤوليتها الرئيسية هي إجراء الانتخابات".
وأضاف: "لا ينبغي لهم اتخاذ أي قرارات سياسية". كما أكد رحمن أن التحكم في حركة السير أمر عرضي، ولكن تعيين الطلاب في الوزارات قد يجعلهم "جوعى للسلطة" في وقت حساس للغاية.
في هذا السياق، قال رئيس تحرير صحيفة "ذا ديلي ستار"، محفيز أنام، للوكالة: "لا يمكن إدارة حكومة حديثة على هذا النمط، إذ توجد خطوات يجب اتباعها لتحقيق عملية انتقالية مستقرة".
من جهة أخرى، يتفق العديد من الطلاب الذين قضوا الأسابيع الماضية في الشوارع والمظاهرات على أنهم يريدون من الحكومة المؤقتة أن تكون محايدة، ولكنهم يؤكدون أيضًا أنه يجب أن تكون غير مرتبطة بالأحزاب السياسية السائدة التي لا ينتمي إليها جيلهم. لكن السؤال الأساسي هو: متى يمكن إجراء انتخابات جديدة؟
متى يمكن إجراء إنتخابات جديدة؟
بحسب تصريحات ميرزا فخر الإسلام عالمجير، أحد قادة حزب بنغلاديش الوطني، فإن الحزب قد أعلم محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة، أنه سيُمنح وقتًا معقولًا لإعداد بيئة ملائمة وديمقراطية لإجراء الانتخابات.
وأضاف أن هذه الخطوة قد تساهم في خلق شعور بالهدوء في البيئة السياسية، مما يوفر الوقت لقادة الطلاب لتعبئة الدعم السياسي قبل الانتخابات.
من جانبه، أكد الوزير الجديد ناهيد إسلام أنهم لا يخططون بعد لتشكيل منصة سياسية، لكنهم يثقون في أن الجيل الشاب المستعد لقيادة البلاد قد تم بناؤه بالفعل. في الوقت الحالي، تحاول البلاد وطلابها التكيف مع الأوضاع بعد مهاول الأسابيع الماضية، حيث قُتل أكثر من 300 شخص وأصيب عشرات الآلاف جراء القمع الذي مارسته قوات الأمن.