ضربات متبادلة بين إيران وإسرائيل.. هل انتهت المواجهات عند هذا الحد؟

منذ 7 أشهر 88

نفذت إسرائيل تهديدها بالرد على إيران يوم الجمعة، من خلال استهداف البلاد بطائرات مسيرة، دون إعلان رسمي بمسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي وُصف بأنه "محدود" بحسب الخبراء والعسكريين.

واعتبرت صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن النطاق المحدود للهجوم، وعدم تبنّي تل أبيب المسؤولية عنه، يسمحان للإيرانيين بأن يقولوا لشعبهم وللعالم أنه "لا يوجد شيء لأنّه لم يكن هناك شيء".

إسرائيل ترد

أعلنت إيران صباح يوم الجمعة، أن دفاعاتها الجوية أسقطت عدة مسيرات صغيرة بمضادات أرضية في محافظة أصفهان وسط البلاد.

وأكد القائد العام للجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، أن الانفجارات التي سمع دويها وسط طهران ناجمة عن تصدي الدفاعات الجوية لعدد من "الأجسام الطائرة"، مشيرا إلى أنها لم تتسبب بأي أضرار أو خسائر.

تصريحات موسوي جاءت متوافقة مع تصريحات القائد الرفيع في الجيش الإيراني، العميد ميهن دوست، الذي أكد أن الانفجارات ناجمة عن تصدي الدفاعات الجوية في المحافظة لـ"هدف مشكوك".

وأوضح التلفزيون الرسمي الإيراني فجر الجمعة عدم استهداف أو تأثر أي منشآت نووية في مدينة أصفهان.

بينما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" السبت، أن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية تشير إلى أن الضربة الإسرائيلية على قاعدة جوية إيرانية في أصفهان أثرت على جزء هام من نظام الدفاع الجوي.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إن الصور أظهرت أن الهجوم الذي استخدمت فيه ذخائر دقيقة التوجيه على قاعدة شيكاري الجوية أسفر عن تدمير أو إتلاف رادار يستخدم في أنظمة الدفاع الجوي إس-300 لتتبع الأهداف القادمة.

هجوم إيران

في 13 نيسان/أبريل، نفذت إيران هجومها على إسرائيل بإطلاق 185 طائرة مسيرة من طراز "شاهد 136"، بالإضافة إلى نسختها النفاثة "شاهد 238"، التي تستطيع الوصول إلى سرعة تصل إلى 500 كيلومتر في الساعة. كما تم إطلاق عشرات من الصواريخ المجنحة وحوالي 110 صواريخ بالستي.

وعقب الهجوم الإيراني الذي جاء ردا على استهداف تل أبيب قنصلية طهران في دمشق في الأول من نيسان/أبريل، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، أن إسرائيل نجحت بالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في إسقاط 99 في المئة منها، وأن أضرارا طفيفة لحقت بقاعدة نفاطيم.

إلا أن لصحيفتي معاريف وهآرتس الإسرائيليتين كان هناك رأي مختلف، إذ ناقضت المعلومات التي أدلى بها هاغاري مشيرة وبحسب باحث عسكري إلى أن الدفاعات الجوية صدت نحو 84% فقط من الهجوم الإيراني، وليس 99% كما قال المتحدث العسكري.

وأشارت إلى أن صورا للأقمار الاصطناعية تظهر إصابة واحدة على الأقل في أحد مباني المفاعل النووي في ديمونة في النقب، وإصابتين في محيطه.

ولفتت وسائل إعلام عبرية، إلى أن الأردن ودول الخليج، ومن بينها السعودية قدمت درجات متفاوتة من المساعدة لإسرائيل في ردها على إيران، بما في ذلك تبادل المعلومات حول الضربات القادمة.

الاكتفاء بهذا القدر حاليا

وبعد أن ردت إسرائيل، من المتوقع أن جولة التصعيد التي بدأت باغتيال جنرالين من الحرس الثوري الإيراني و5 ضباط في دمشق قد انتهت إلى حد ما، إذ إنه من المتوقع ألا ترد طهران على الضربة الإسرائيلية، وأن يكتفي الجانبان بهذا القدر من المواجهات.

ويطالب المجتمع الدولي العدوين اللدودين إلى خفض التصعيد في منطقة تترنح على حافة الهاوية خاصة في ظل الحرب الدامية التي تخوضها إسرائيل منذ 7 أشهر في قطاع غزة والتي بدأتها بعد أن نفذت حركة حماس هجوما قلب كيان الدولة العبرية رأسا على عقب ووضع "إنهاء الحركة الإسلامية" أولوية وهدفا أساسيا أمام أعين قواتها، قد يكون صعب المنال بحسب خبراء إسرائيليين.

وعلى الرغم من التقارير وتصريحات المسؤولين الإيرانيين التي تؤكد أن الجمهورية الإسلامية لا تريد جر المنطقة إلى حرب أوسع، إلا أن خبراء يحذرون من أن إيران لا تحتاج إلى الدخول إلى المعركة بنفسها.

خاصة وأن الجماعات المتحالفة معها في المنطقة جاهزة، ونفذت هجمات متعددة ضد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر يوم أعلنت وقوفها إلى جانب حماس في غزة، وبشكل استثنائي حزب الله، الذي أكد خبراء أنه قادر على إرهاق قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها وخاصة في صراع متعدد الجبهات.

وقال تشارلز ليستر، الباحث الأمريكي في معهد الشرق الأوسط، "إن الإسرائيليين يمتلكون تقنيات عسكرية متقدمة بغض النظرعن حلفاء إيران في المنطقة".

وقال تعليقا على الهجوم على أصفهان، إنه "على ما يبدو أن إسرائيل نفذت هجوما واحدا بعدد من الطائرات المسيرة". وأضاف أنه "بعد عبور المسيرات المجال الجوي السوري، يبدو أن إسرائيل أطلقت صاروخين أو ثلاثة جو-أرض من طراز بلو سبارو على إيران".

وقالت إيران إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 3 طائرات مسيرة صغيرة في سماء محافظة أصفهان، وتم تعليق الحركة الجوية في أصفهان وشيراز وطهران، قبل استئنافها تدريجيا لاحقا.

وتعد أصفهان أيضًا موطنًا لمواقع مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك موقع التخصيب تحت الأرض في نطنز، والذي تم استهدافه مرارًا وتكرارًا بهجمات تخريبية إسرائيلية مشتبه بها.

إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في تغريدة نشرتها على منصة إكس، "عدم وقوع أي ضرر في المواقع النووية الإيرانية" عقب الهجوم الإسرائيلي.

في المقابل وصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الضربة الإسرائيلية على أصفهان بـ "المسخرة"، وأعرب عن أسفه لهذا الرد "الضعيف" وفق تعبيره.

والتزمت تل أبيب الصمت إزاء تقارير أمريكية عن مهاجمة إسرائيل لأهداف في إيران وسوريا والعراق.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن “وزارة الخارجية طلبت من سفاراتها بالعالم الامتناع عن الإدلاء بتصريحات عن التقارير عن هجوم في إيران”.

رسالة إلى إيران

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة "واشنطن بوست"، إن الهجوم الإسرائيلي المضاد "كان يهدف إلى إرسال إشارة إلى إيران بأن إسرائيل يمكنها مهاجمة أراضيها".

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول إيراني لم تذكر اسمه قوله، إنه لا توجد خطط في طهران للرد على الانتقام الإسرائيلي.

بدوره، قال الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، إفرايم هاليفي لشبكة "سي بي إس نيوز": "أعتقد أنه رد فعل محسوب". وأضاف "إنه لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع الهجوم الذي كان علينا التعامل معه قبل يومين، لكنه يكفي لإرسال الرسالة إلى القيادة في إيران".

التصعيد مع حزب الله

وبالعودة إلى حزب الله، قال الكاتب في "فورين بوليسي"، إن الحزب اللبناني "يمثل العنصر المحتمل الوحيد الذي تبقى أمام إيران في هذا السياق الشامل".

ويعتبر حزب الله أحد أقوى الجيوش في المنطقة، حيث يمتلك عشرات الآلاف من المقاتلين ذوي الخبرة وترسانة أسلحة ضخمة.

وبعد حرب تموز 2006 والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف مدني لبناني وعشرات المدنيين الإسرائيليين، قرر الجانبان عدم التصعيد إلى حرب جديدة واسعة النطاق. لكن الجيش الإسرائيلي وحزب الله ما زالا يطلقان النار بشكل روتيني عبر حدود بعضهما البعض خلال الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

وأشار ليستر إلى أن ستة أشهر من القتال في غزة "أجهدت تماما" الجيش الإسرائيلي، مضيفا أنه "إذا صعد حزب الله ضرباته بعد، وأطلق الغالبية العظمى من ترسانته من الصواريخ والقذائف على إسرائيل، دفعة واحدة، فإن الإسرائيليين سيواجهون صعوبة بالغة في التعامل مع ذلك".

وفيما يتعلق بالقوات البرية، أكد الباحث الأمريكي أنه إذا فتح حزب الله فجأة جبهة ثانية، فإن قوات الدفاع الإسرائيلية "ستكون غير قادرة في هذه المرحلة" على القتال بشكل تام مع كل من حزب الله وحماس.