صور الأقمار الصناعية تظهر وصول طريق إسرائيلي يقسم قطاع غزة لقسمين إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط

منذ 8 أشهر 93

(CNN)--  أظهر تحليل لشبكة CNN لصور الأقمار الصناعية الطريق الذي يبنيه الجيش الإسرائيلي ويقسم غزة إلى قسمين وصل إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.

 وقال مسؤولون إسرائيليون إن ذلك جزء من خطة أمنية للسيطرة على المنطقة لأشهر وربما لسنوات قادمة.

تكشف صورة الأقمار الصناعية التي التقطت في 6 مارس/آذار أن الطريق الشرقي الغربي، الذي كان قيد الإنشاء منذ أسابيع، يمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع لـ6.5 كيلومتر (حوالي 4 أميال) ويقسم شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، عن جنوب القطاع.

 ويضم حوالي 2 كيلومتر (1.2 ميل) طريقًا قائمًا، بينما الباقي جديد، وفقًا لتحليل .CNN

وقال الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN إنه يستخدم الطريق "لإنشاء موطئ قدم عملياتي في المنطقة" والسماح "بمرور القوات وكذلك المعدات اللوجستية". عندما سُئل عن اكتمال الطريق، قال الجيش الإسرائيلي إن الطريق كان موجودا قبل الحرب ويتم “تجديده”، بسبب “إتلاف” المركبات المدرعة له.

كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النقاب عن خطة، حصلت عليها شبكة CNN، أمام حكومته الأمنية في 23 فبراير/شباط لمستقبل ما بعد حماس في غزة، بما في ذلك "التجريد الكامل من السلاح" في القطاع، وإصلاح الأمن والإدارة المدنية وأنظمة التعليم.

 ويخشى الفلسطينيون الذين يعيشون في غزة أن تؤدي الخطط الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب إلى المزيد من تقييد حريتهم في الحركة، متذكرين أيام الاحتلال الإسرائيلي قبل عام 2005، عندما أقيمت نقاط التفتيش بين القرى المجاورة وتم بناء طرق حصرية لربط المستوطنات الإسرائيلية ببعضها البعض وإلى إسرائيل.

جانب من الطريق الإسرائيليCredit: Planet Labs

ويتقاطع "ممر نتساريم" الذي تم تسميته على اسم مستوطنة نتساريم الإسرائيلية السابقة في غزة، مع أحد الطريقين الرئيسيين بين الشمال والجنوب في غزة، شارع صلاح الدين، لإنشاء تقاطع مركزي استراتيجي. 

ويبدو أيضًا أنه يتصل بطريق الرشيد الذي يمتد على طول الساحل، كما تظهر صور الأقمار الصناعية. 

وقال الفلسطينيون لشبكة CNN إنهم يتذكرون أن ما يسمى بـ “مفترق نتساريم” كان موجودًا قبل عام 2005؛ وفي ذلك الوقت، كان الوصول إليه إلى حد كبير فقط للمستوطنين الإسرائيليين.

وقال وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، لشبكة  CNN، إن الطريق الجديد "سيسهل" على الجيش الإسرائيلي تنفيذ اقتحامات شمال مدينة غزة وجنوبها وإلى المنطقة الوسطى من قطاع غزة.

والطريق، الذي قال إنه سيستخدم لمدة عام على الأقل، سيكون به 3 مسارات: واحد للدبابات الثقيلة والمدرعات، وآخر للمركبات الخفيفة، وثالث للحركة السريعة.

 وقال إنه سيكون من الممكن القيادة على ممر نتساريم من بئيري، كيبوتس إسرائيلي بالقرب من حدود غزة، إلى البحر الأبيض المتوسط في سبع دقائق.

ولا يشارك شيكلي في السياسة العسكرية الإسرائيلية، ولكن في يناير/كانون الثاني، اقترح شيكلي، إلى جانب أعضاء آخرين في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، خطة لهزيمة حماس تضمنت خطوات للسيطرة على أجزاء استراتيجية من القطاع. وقالوا إن ممر نتساريم سيتم استخدامه “لتمكين معالجة البنية التحتية تحت الأرض لحماس وجيوب المقاومة التابعة لها في شمال قطاع غزة”.

قطع القطاع إلى قسمين

تُظهر سلسلة من صور الأقمار الصناعية قبل وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول كيف تقوم إسرائيل بتوسيع طريق قائم لبناء الممر. 

صورة من 29 فبراير، قدمتها شركة "ماكسار تكنولوجيز" وراجعتها CNN، تظهر أجزاء من الطريق تم تجريفها حديثًا إلى الشرق والغرب من الطريق الحالي. وتظهر صورة القمر الصناعي التي التقطت في 6 مارس، والتي قدمتها شركة  Planet Labs، أن الطريق الجديد يصل إلى الساحل.

بدأ الجيش الإسرائيلي بجرف طريق لمركباته المدرعة بعد وقت قصير من إعلان الحرب على حماس في 7 أكتوبر، في أعقاب هجوم الجماعة المسلحة على إسرائيل. 

وتبيّن صور الأقمار الصناعية التي التقطت في نوفمبر/تشرين الثاني بدء ظهور الطريق، في الوقت الذي تحول فيه تركيز الجيش إلى محيط مدينة غزة، متقدما من الشرق. وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، أمرت إسرائيل بإجلاء 1.1 مليون شخص من شمال غزة إلى جنوب وادي غزة، وهو قطاع من الأراضي الرطبة يقسم القطاع.

وسمح الجيش الإسرائيلي للقناة 14 الإسرائيلية بالقيام بجولة في ممر نتساريم في فبراير، وكشف عن ما أسماه “العازلة” التي يجري العمل عليها حول الطريق. وأظهر التقرير أن قوات من سلاح الهندسة الإسرائيلي تقوم بتشغيل الجرارات والشاحنات والأدوات الهندسية.

وقال المقدم شمعون أوركابي، قائد الكتيبة “601” في سلاح الهندسة القتالي، للقناة 14 إن الجنود كانوا مشغولين بتدمير أي بنية تحتية متبقية في المنطقة العازلة. وأضاف: "لقد فتحت لنا هذه المساحة بأكملها من الأراضي، مما يسمح لنا بالسيطرة على كل ما يحدث في هذا الممر".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي استخدم “كمية كبيرة من الألغام والمتفجرات” لهدم المباني في المنطقة العازلة، وأن المباني المتبقية في المنطقة “ستختفي قريبًا على الأرجح”.

ويظهر تقرير القناة 14 مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، على بعد حوالي 380 مترًا (حوالي 1240 قدمًا) من الطريق، وقد كان جزئيًا في حالة خراب بينما يعمل جنود في المنطقة.

وفي مقطع فيديو تمت مشاركته على تيك توك، وتم تحديد موقعه الجغرافي والتحقق منه بواسطة  CNN، يمكن رؤية جنود إسرائيليين وهم يدمرون ما يبدو أنه مدخل مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني. يُظهر مقطع الفيديو الذي نشره جندي إسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي في 22 فبراير وتم حذفه منذ ذلك الحين، قوات في مركبة مدرعة تدخل المجمع الطبي.

وقال الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN إنه دمر جزءا من "شبكة الأنفاق" أسفل مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الذي زعم أنه "يربط بين شمال وجنوب قطاع غزة".

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في فبراير/شباط، إن ما تردد عن قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير المباني السكنية وغيرها من المباني المدنية في أماكن أخرى من قطاع غزة، على بعد كيلومتر واحد من السياج بين إسرائيل وغزة لإنشاء منطقة عازلة، يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمة حرب.

"حاجز الذل"

وقالت إميلي هاردينغ، مديرة برنامج الاستخبارات والأمن القومي والتكنولوجيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، لشبكة CNN إن ممر نتساريم هو محاولة “للسيطرة على حركة السكان”.

وأضافت أن الطريق الذي يقسم القطاع سيسهل “التدقيق بالأشخاص الذين يتنقلون ذهابا وإيابا بين الشمال والجنوب ومحاولة معرفة ما إذا كان أي منهم من مقاتلي حماس”.

وقالت هاردينغ إن التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل منذ أن بدأت العملية في غزة هو محاولة استئصال مقاتلي حماس المختبئين بين السكان المدنيين: "الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي من خلال تكتيكات استخباراتية جيدة على الأرض، ثم منعهم من التحرك فعليًا".

يتذكر الكثير من الناس في غزة كيف كانت تلك القيود على الحركة قبل انسحاب إسرائيل من القطاع.

وقال جمال الرزي، وهو مدرس من مدينة غزة، لشبكة  CNN، إنه خلال الانتفاضة الفلسطينية من عام 2000 إلى عام 2005، والمعروفة باسم "الانتفاضة الثانية"، تم إغلاق ما يسمى بـ “مفترق نتساريم” بالكامل.

 وأضاف أن المنطقة أصبحت معروفة بأنها نقطة ساخنة للاشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقال: "كان الجنود الإسرائيليون متمركزين عند المفترق طوال الوقت، ولأن المستوطنين الإسرائيليين استخدموه، لم نتمكن نحن الفلسطينيين في الغالب من استخدامه".

خلال هذه الفترة، شددت إسرائيل سياسات "الإغلاق الداخلي"، للحفاظ على أمن المستوطنات، وفقا لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش لعام 2004، ولم يتبق سوى طريق واحد بين النصف الشمالي والجنوبي لقطاع غزة. وعلى طول هذا الطريق كانت هناك نقاط تفتيش أبو هولي والمطاحن، مما أدى إلى تقييد الحركة بشدة.

وقال الرزي: "كانت نقطة تفتيش أبو هولي سيئة السمعة"، مذكراً بالطريق من مدينة غزة إلى مدينة خان يونس الجنوبية والذي كان "يستغرق أياماً" لقطعه.

وأضاف "لقد وضعوا إشارة مرور هناك تتحول إلى اللون الأحمر فقط. من الأحمر إلى الأحمر. هل يمكنك أن تتخيل؟ أتذكر ذلك بوضوح."

وقال منذر العشي، محامي من مدينة غزة، لشبكة  CNN، إن أبو هولي نادراً ما كان مفتوحاً. نشأ هناك ويتذكر الحركة "شبه المستحيلة" على طول نقطة التفتيش في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأضاف "لقد كان حاجزا من الذل."

وتابع "أذكر في ذلك الوقت كنت أنا وإخوتي نبيع الملابس. كنا نخرج في الصباح الباكر للتوجه نحو الجنوب. كانت نقطة التفتيش مفتوحة أحيانًا، لكن في طريق العودة كنا نقضي ثماني أو تسع ساعات في المتوسط. في بعض الأحيان كانت تبقى مغلقا، ويقضي الناس ليلتهم في الشوارع”.

وقال: “ذكريات نقطة التفتيش تلك مؤلمة.. تخيل أن هناك ما بين 200 إلى 300 سيارة تنتظر عند نقطة التفتيش ليسمح لها الجنود الإسرائيليون بالمرور".

وأدت الحرب بين إسرائيل وحماس إلى نزوح كل من العشي والرزي من الشمال إلى مدينة رفح جنوبا.

وقال الرزي "إذا لم يتعرض منزلنا في مدينة غزة للقصف، أود العودة إليه. كيف سأفعل ذلك إذا كانت هناك بوابات ونقاط تفتيش في طريقي؟”.

وأضاف "أكثر من ذلك، كيف سنعمل هناك إذا تمكنت من العودة مرة أخرى؟ فهل ستبقى هناك بنية تحتية؟ طرق يمكنني استخدامها؟ أنا مدرس. هل ستكون هناك مدارس يمكنني التدريس فيها؟ هل سأتمكن من الوصول إليها؟"