بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 07/01/2023 - 18:54
باقات من الزهور وُضعت أمام صور الناشطات الأكراد الراحلات ليلى سيليماز وسكينة جانسيز (الثانية إلى اليسار) وفيدان دوغان في باريس. 2023/01/04 - حقوق النشر أ ف ب
خرج آلاف الأشخاص الذين قدموا من جميع أنحاء أوروبا في مسيرة السبت في باريس، تكريمًا لثلاث ناشطات كرديات قُتلنَ في إطلاق نار، قبل نحو عشر سنوات في العاصمة الفرنسية.
تأتي هذه المسيرة التي تُنظم سنوياً منذ عام 2013 وتضم الجالية الكردية، بعد أيام من صدمة اغتيال ثلاثة أكراد في وسط باريس على يد فرنسي يبلغ 69 عامًا. وبرر مطلق النار أثناء احتجازه لدى الشرطة هجومه بـ"كرهه المَرَضي للأجانب".
ووسط انتشار أمني لافت، بدأت المسيرة تتقدمها لافتة سوداء عليها صور الناشطات الثلاث في حزب العمال الكردستاني اللواتي قُتلن في عام 2013، وكتب عليها "الدولة التركية قتلت مجدداً ثلاثة أكراد في باريس".
وشارك في المسيرة "25 ألف متظاهر على الأقل"، بحسب المنظمين. وهتف المتظاهرون الذين مروا من أمام موقع هجومي 2013 و2022 "لا شيء يمكن أن يوقف حرية الأكراد" و "الحقيقة والعدالة" و "نطالب بالعدالة".
قبل 10 سنوات
ليل 9 إلى 10 كانون الثاني/يناير 2013، قُتلت ثلاث ناشطات من حزب العمال الكردستاني، إحداهنّ سكينة جانسيز (54 عامًا)، من مؤسسات الحزب الذي تعتبره أنقرة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وفيدان دوغان وليلى سيليماز إثر إصابتهنّ برصاصات في الرأس، في المركز الاعلامي الكردي في باريس.
ولا يزال التحقيق في فرنسا الذي اشار إلى "تورط" عناصر من المخابرات التركية في عمليات الاغتيال هذه، دون تحديد المسؤولين عن ذلك، جارياً.
والمشتبه به الوحيد في هذه القضية التركي عمر غوناي توفي في نهاية العام 2016 في السجن قبل ان يمثل أمام القضاء، مما أسقط الدعوى ضده. ونفت اجهزة الاستخبارات التركية "ام اي تي" أي تورط في القضية.
وأثار الهجوم الذي وقع في 23 كانون الأول/ديسمبر، غضب أكراد فرنسا المصممين على اتهام تركيا، رغم تصريحات المشتبه به وعناصر التحقيق الأولية التي قدمتها النيابة. وشابت حوادث عنف تجمعا للجالية الكردية في باريس يوم 24 كانون الأول/ديسمبر.
مطالبة بالعدالة
يروي متين جانسيز، شقيق الناشطة الكردية سكينة جانسيز، الألم الذي لا يزال يخيم على عائلته لأن هذه القضية لم يتم الحكم فيها، معتبراً أنه "تمت التضحية بها" لصالح العلاقات الفرنسية-التركية. وقال جانسيز الذي التقته وكالة فرانس برس في المركز الثقافي الكردي في باريس، "هنا في باريس قُتلت شقيقتي وصديقتيها. فرنسا مدينة لنا بالعدالة".
يبدو جانسيز البالغ 61 عاماً بشعره الأبيض والملامح الحادة في غاية التأثر بشكل خاص في الأيام القليلة الماضية، وهو ناشط في القضية الكردية وسُجن بعد الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980.
جاء جانسيز، المقيم في هولندا، خصيصاً إلى باريس لحضور مراسم تكريم الناشطات الثلاث هذا الأسبوع، كما هو الحال في كل عام منذ عشر سنوات، "لكن هذا العام نشعر بشكل أكبر بهذه المسؤولية وهذا الألم" على ما أكد باللغة الكردية، بوجود مترجم إلى جانبه.
وأكد جانسيز أن الهجوم الذي وقع في 23 كانون الأول/ديسمبر، أحيا فجأة صدمة اغتيال أخته. بعد وصوله إلى باريس في 20 كانون الأول/ديسمبر للقاء العائلتين الأخريين عند قاضي التحقيق، ذهب في اليوم التالي إلى المركز الثقافي، حيث كانت أمينة كارا تحضر لإقامة مراسم تكريم الناشطات الثلاث. وتنهد قائلاً: "أصرت على ألا أذهب بمفردي للحاق بقطاري، أخبرتها أني على ما يرام وطلبت منها الاعتناء بنفسها، وهكذا تركتها في ذلك اليوم. وبعد يومين ...".
مع اقتراب الذكرى السنوية العاشرة، تحث عائلات الناشطات الكرديات الثلاث والمجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا بمزيد من "التصميم" السلطات الفرنسية على رفع السرية عن هذه الاغتيالات.
التضحية بالعدالة"
دعا المجلس الديموقراطي الكردي إلى رفع السرية عن "المعلومات التي تحتفظ بها مختلف أجهزة الاستخبارات الفرنسية". ويتهم المجلس منذ سنوات جهاز الاستخبارات التركي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالوقوف وراء هذه الاغتيالات التي ارتكبها، بحسب المجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا، عميل في الاستخبارات التركية.
وأعرب جانسيز عن "خيبة أمل كبيرة" بعد استدعاء القاضي الفرنسي لعائلات الضحايا في 20 كانون الأول/ديسمبر، وقال: "القاضي يواجه عقبات داخلية غير متعلقة بتركيا لا تسمح له بالمضي قدما...إذا لم يكن لدى فرنسا ما تلوم نفسها عليه في هذه القضية، فلماذا لا ترفع السرية هذه...أختي كانت تعيش هنا وكانت تحت حماية فرنسا، وهؤلاء النساء الثلاث قُتلن هنا، وهذا يعود إلى ثغرات أمنية من جانب فرنسا".
واعتبر جانسيز أنه "تمت التضحية بهذه القضية والمطالبة بالعدالة من أجل عدم الحاق الضرر بالعلاقات بين فرنسا وتركيا". لا تزال والدتها البالغة 86 عامًا، غارقة في حزن عميق. وقال جانسيز: "لعشر سنوات، لم أتمكن من إجراء محادثة عادية معها حول وفاة أختي. كانت في كل مرة تبكي...لن نتمكن من الحداد إلا بعد إحضار من يقف وراء ذلك أمام العدالة".