لم تعد ميرا، التي أُصيبت بقصف إسرائيلي على قطاع غزة، قادرة على الكلام أو المشي، لكنّ شقيقتها تأمل أن تتحسّن حالتها بمجرّد دخولها المستشفى في الإمارات العربية المتحدة، حيث يتعيّن عليها تلقي العلاج.
لم تعد ميرا، التي أُصيبت بقصف إسرائيلي على قطاع غزة، قادرة على الكلام أو المشي، لكنّ شقيقتها تأمل أن تتحسّن حالتها بمجرّد دخولها المستشفى في الإمارات العربية المتحدة، حيث يتعيّن عليها تلقي العلاج.
توجّهت هذه الفتاة البالغة عشر سنوات مساء الأحد إلى مطار العريش في سيناء المتاخمة لقطاع غزة المحاصر، والذي مزّقته الحروب والفقر، لتغادر إلى الدولة الخليجية الغنية.
في العام 2020، قامت أبو ظبي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي أثار استياء الفلسطينيين.
لكن منذ الحرب في غزة التي بدأت في أعقاب الهجوم الدامي الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وفقاً للسلطات الإسرائيلية، ضاعفت الإمارات مبادراتها تجاه القطاع الصغير العالق بين إسرائيل والبحر الأبيض المتوسط ومصر.
"لا أدوية ولا تخدير"
أرسلت الإمارات عبر مصر مستشفى ميدانيا لعلاج عشرات الآلاف من المصابين في عمليات القصف الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حتى دخول الهدنة الموقتة حيّز التنفيذ الجمعة. وبحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، فقد أدى هذا القصف إلى مقتل 15 ألف شخص، ثلثاهم من النساء والأطفال والمراهقين.
وإضافة إلى العلاج الميداني، التزمت الإمارات استقبال ألف طفل فلسطيني جريح وألف مريض بالسرطان. وقد حصل هؤلاء على تصاريح خروج خاصة لهم من غزة، في ما يعدّ فرصة نادرة بالنسبة إليهم حتى قبل الحرب بسبب 17 عاماً من الحصار الإسرائيلي.
اليوم، انضمّت ميرا وحوالى 80 شخصاً آخر، من جرحى ومرضى، يساعدهم أقرباؤهم الذين سُمح لهم بمرافقتهم، إلى حوالى عشرين من مقدّمي الرعاية كانوا ينتظرونهم في العريش.
ترافق ميرا شقيقتها نهيل (35 عاماً) التي تروي محنة شقيقتها الصغرى. وتقول لوكالة فرانس برس إنّ ميرا أُصيبت قبل شهر في انفجار قذيفة سقطت على منزل مجاور ما أدى إلى كسر في الجمجمة ونزف في الدماغ.
وتضيف "يقول الأطباء إنّها بحاجة إلى العلاج"، لكن حوالى ثلاثة أرباع المستشفيات في غزة باتت خارجة عن الخدمة، فيما باتت عدّة مستشفيات في قلب المعارك.
وتتابع نهيل أنّه بالنسبة إلى المستشفيات التي ما زالت مفتوحة "لا توجد أدوية أو تخدير ولا ماء ولا كهرباء"، معربة عن سعادتها لرؤية شقيقتها تحظى بالعناية. غير أنّها تعرب عن قلقها بشأن والدها الذي أصيب في اليوم ذاته ودخل المستشفى في غزة حيث يقول الأطبّاء إنّهم يقومون بإجراء العمليات الجراحية "بما توافر وعلى ضوء الشمعة".
تتضارب المشاعر بين المغادرين: ارتياح لمغادرة الأراضي الفلسطينية التي تحاصرها إسرائيل، وتعب من الساعات الطويلة التي قضوها في انتظار الضوء الأخضر من مصر لعبور معبر رفح، وقلق على الأقارب المتبقّين هناك، في حين أنّ الهدنة التي تستمر أربعة أيام تنتهي الاثنين.
"سأموت؟"
لدى نزهة فوزي خمسة أطفال، ثلاثة منهم يعانون من الهيموفيليا. لكن وحده ابنها يوسف الذي يبلغ سبع سنوات، حصل على تذكرة سفر إلى أبو ظبي. وبقي الاثنان الآخران في غزة من دون أيّ علاج إضافي لمرضهما.
وتقول لوكالة فرانس برس "ضربة بسيطة تجعلهم ينزفون، تخيّلوا لو أصيبوا".
يجلس يوسف بجانبها وهو يقضم أصابعه بانفعال من دون أن يقول كلمة. وتقول "لم يكن هكذا من قبل، كان ديناميكياً، وكان يحب اللعب. منذ الحرب، لم يعد يتحدث كثيراً، وأصبح خائفاً من كلّ شيء". وتضيف "يسألني إذا كان سيموت".
صباح الإثنين، وصل الجميع إلى الإمارات. ولكنّهم يعلمون إنّه سيتعيّن عليهم أن يغادروا مع انتهاء العلاج، ليعودوا إلى الملاجئ الموقتة في المدارس والخيام والمستشفيات، حيث يتجمّع 1,7 مليون نازح من غزة، أو أكثر من 70 في المئة من السكان.
وتقول أسما أكرم (26 عاماً) التي ترافق ابنها مجد الذي يعاني سرطان الدم "قيل لنا إنّ جميع المنازل دُمّرت، وإذا عدنا سنكون في خيمة". وتضيف "سيتعيّن علينا البدء من الصفر مجدّداً".