شاهد: المدنيون في العراق ما برحوا يسقطون ضحايا هجمات تنظيم "داعش"

منذ 1 سنة 210

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 19/01/2023 - 10:51

صورة للعراقي جبار علوان الذي فقد أربعة من أفراد عائلته في هجوم شنّه عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على قرية البو بالي بمحافظة ديالى شمال شرق العاصمة بغداد، 12 يناير 2023.

صورة للعراقي جبار علوان الذي فقد أربعة من أفراد عائلته في هجوم شنّه عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على قرية البو بالي بمحافظة ديالى شمال شرق العاصمة بغداد، 12 يناير 2023.   -   حقوق النشر  AFP

دخل الموت ذات ليلة من كانون الأول/ديسمبر منزل جبار علوان، حينما هاجم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية قريته الواقعة في وسط العراق، وقتلوا رجال شرطة وعسكريين ومدنيين، من بينهم ابنه وحفيده وابنا عمّه، وفق روابته.

بحقولها الهادئة، كانت قرية البو بالي الواقعة على بعد سبعين كيلومترا شمال بغداد، تعيش في سلام، وفق ما يروي الشيخ خالص رشيد، أبرز وجهاء القرية التي يقطنها خمسة آلاف نسمة، لوكالة فرانس برس، مضيفا "القرية كانت تعيش بشكل عام على الزراعة، لكن فيها أطباء وموظفون".

لكن هذا الهدوء تبخّر منتصف كانون الأول/ديسمبر، عندما رُصدت مجموعة من عناصر تنظيم الدولة الاسلامية على طريق زراعي مؤدٍ إلى القرية.

"لم نكن نتوقع هذا"

قبل خمس سنوات، كانت الحكومة العراقية أعلنت "الانتصار" عسكرياً على الجهاديين، ومذّاك، غابت الهجمات الكبيرة عن العراق، لكن خلايا للتنظيم لا تزال تشنّ بشكل متقطّع، عمليات ضد قوات الأمن والمدنيين.

ويروي عباس مظهر حسين، أحد سكان القرية البالغ من العمر 34 عاماً، أنه عند "الساعة الثامنة والربع مساءً، بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي... وسقط شهداء وجرحى".

قتل في الهجوم ثمانية أشخاص وأصيب ستة آخرون بجروح، جميعهم مدنيون، من بينهم ابن وحفيد وابنا عمّ جبار علوان الذي يعيش في مزرعة واقعة عند أطراف القرية.

ويقول الرجل المسنّ فيما امتلأت عيناه بالدموع "الإحساس مؤلم جداً، لم نكن نتوقع هذا".

أما جاره علي منوار، فلا يزال يحمل على رقبته ندوباً جراء رصاصات اخترقتها أثناء الهجوم. ويقول "سمعت طلقات نارية، خرجت ورأيت ابن أخي ملقى على الأرض".

فيما كان علي منوار يغلق بوابته ليحتمي من الهجوم، أطلق عناصر تنظيم الدولة الاسلامية رصاصاتهم. فخدشت واحدة منها رقبته، وأخرى اخترقت سور منزله الحجري، مخلفةً حفراً صغيرة بحجم قطعة نقدية كل منها.

وفرّ الجهاديون بسهولة بعد الهجوم.

تخوف من عمليات انتقامية

كما غالبية العراقيين، ينتمي سكان البو بالي إلى المذهب الشيعي الذي ينظر إليه عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المتطرفون على أنه "كفر". وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية الهجوم على القرية.

وفي بيان نشروه على تطبيق "تلغرام"، لم يتحدث الجهاديون عن مدنيين، بل قالوا إنهم استهدفوا "ميليشيات رافضية مرتدة"، في إشارة إلى الحشد الشعبي، تحالف فصائل مسلحة حليفة لإيران باتت منضويةً في المؤسسات الرسمية.

وأثار الهجوم الرعب في بلد لا يزال يتعافى من عقود طويلة من الحروب. ويقول الشيخ خالص رشيد إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "اتصل بي وقال إن ما أطلبه هو الامتناع عن أي ردة فعل" درءاً للعنف.

وتوجد خشية أن يقوم السكان الشيعة، بعمليات انتقامية في بعض القرى السنية المجاورة التي يتهمون سكانها بالتساهل مع تواجد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة.

ويقول عقيد في الشرطة العراقية فضّل عدم الكشف عن هويته إن "الإرهابيين يختبئون في المناطق الريفية ويواصلون شنّ الهجمات بشكل متفرق".

"عصابات"

ويشرح عدي الخدران، قائممقام قضاء الخالص حيث تقع البو بالي، إن المنطقة أصبحت "منطقة عبور" للجهاديين. ويضيف أن "الحدود غير ممسوكة" بين محافظته ديالى ومحافظة صلاح الدين المجاورة، وتحولت إلى ممّر باتجاه مناطق إقليم كردستان "غير الآمنة"، كما يقول.

وبحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي نشر في تموز/يوليو 2022، يملك التنظيم "ما بين ستة آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل منتشرين" بين سوريا والعراق يتركز معظمهم في المناطق الريفية، ويُقدّر أن "معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون".

ويضيف الخدران أن "داعش عبارة عن عمليات عصابات، اليوم داعش لا يقوم بعمليات عسكرية".

ويقول إن "الخرق لم يحصل نتيجة ضعف القوات الأمنية" بل بسبب أن أعدادها لم تكن كافية.

بعد الهجوم، نشر نحو 200 عنصر إضافي من الجيش والشرطة والحشد الشعبي في المنطقة، ووضعت كاميرات مراقبة في البو بالي، وفق للعقيد في الشرطة.

مع ذلك، لا يزال جبار علوان يخشى وقوع "هجوم آخر"، ويقول "هذا ليس الأخير".