سيدي إفني المغربية لغتها إسبانية وهندستها المعمارية فرنسية

منذ 1 سنة 122

"سيدي إفني أجمل مدينة في المغرب، لكنها الأكثر تهميشاً وشبابها يشعرون بالخيبة والحزن"، هكذا يصف رشيد الحياة في مدينته سيدي إفني التي تقع في الساحل الغربي للمغرب، وتطل على المحيط الأطلسي.

"البوابة الأطلسية للصحراء"

وتعد سيدي إفني "البوابة الأطلسية للصحراء" وتقع على المنحدر الجنوبي لجبال الأطلس الصغير، وسط الجبال وتطل على المحيط، وتستفيد على مدار العام من مناخ معتدل، وتشتهر بكونها مدينة الهدوء وصيد الأسماك وركوب الأمواج.

وهي من أجمل المدن الساحلية في المغرب بسبب جغرافيتها المتميزة، وأقواسها الصخرية الرابطة بين شواطئها، التي تعد فريدة من نوعها. من أهم القبائل في المدينة، قبيلة أيت باعمران، ويتحدث سكانها العربية وأيضاً الأمازيغية، وعلى خلاف المدن المغربية الأخرى يتحدث أهالي سيدي إفني اللغة الإسبانية بسبب أنها كانت مستعمرة من الإسبان.

"مدينة الكآبة والحزن"

لكن على رغم جمال مدينتهم، يشعر شباب المدينة بالخيبة لأنه لم يتم تسويق مدينتهم سياحياً، أسوة بأخرى مغربية، ويقول رشيد البالغ من العمر 31 سنة، "الشباب هنا لا يجدون فرص عمل، ويضطرون للهجرة، وجمال الطبيعة لا يكفي لتخفيف الإحساس بالعجز بسبب البطالة". وقد هاجر جزء كبير من سكان سيدي إفني خارج المغرب، بخاصة إلى جزر الكناري في إسبانيا، بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل.

"أشعر أنها مدينة الكآبة والحزن على رغم جمالها الفريد، لكن الحياة هنا مملة لا سيما بالنسبة إلى الشباب، الذي لا يجد متنفساً، كل شيء هنا يمر ببطء، نعم لدينا طبيعة ساحرة واستثنائية لكن نحن بحاجة إلى العمل"، يقول إبراهيم الذي يبلغ 23 سنة.

ويضيف بنبرة حزينة، "أن تكون شاباً في سيدي إفني ليس بالأمر السهل ويتطلب كثيراً من الصبر، لأنه لا يوجد خيار أمامك سوى الهجرة وترك عائلتك وهو خيار صعب، لا سيما ترك المدينة التي ولدت فيها وهذه الطبيعة الساحرة".

يستغرب إبراهيم لماذا لا تستقطب مدينته السياح قائلاً، "الناس هنا طيبون، ونحن نعيش حياة هادئة ليس لدينا تجار انتهازيون وأغلب الشباب يرغب في العمل وتطوير المدينة سياحياً، نحن بحاجة إلى الاستثمار في المدينة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

موسيقيون عالميون عاشوا في سيدي إفني

في الماضي بخاصة في السبعينيات، كانت المدينة تستقطب كثيراً من السياح إلى هذه المنطقة، وكان يعيش فيها موسيقيون عالميون مثل جيمي هندريكس عازف بلوز وروك أميركي، و"ذا دورز"، وهي فرقة روك أميركية اشتهرت في فترة الستينيات بسبب أسلوبها الغنائي المثير للجدل، وكانت تعد من أهم الفرق الموسيقية الحديثة، حيث باعت أكثر من 100 مليون ألبوم حول العالم، وتم تأليف أغان عن مدينة سيدي إفني في هذه الفترة.

تتوفر مدينة سيدي إفني على عديد من الشواطئ، التي تصنف بأنها الأجمل في المغرب، مثل شاطئ "الكزيرة" الذي ترجع تسميته إلى صخرة ضخمة على شكل جزيرة داخل الشاطئ.

شيد الإسبان في فترة استعمارهم في سيدي إفني مباني بهندسة معمارية "أرت ديكو" هو فن زخرفي ظهر في فرنسا بين 1920 و1939، لكن لم تتم صيانة هذه المباني.

ولم يغادر الإسبان قاعدتهم الأخيرة بسبب الضغوط الدولية إلا بعد مرور 13 عاماً على استقلال المغرب عام 1969، وتوفيت آخر امرأة إسبانية في سيدي إفني عام 2001، وهي ماريا غوميز جاءت إلى المدينة برفقة جندي إسباني لكنه توفي قبل الزفاف، وقررت بعد ذلك أن تمضي بقية حياتها وتدفن في سيدي إفني.

سفينة مهجورة

على مسافة تبعد 20 كيلومتراً شمال سيدي إفني، هناك حطام سفينة ضخمة مهجورة منذ أكثر من 50 عاماً، محاطة بالضباب وهي من دون اسم، كانت قد جرفتها العاصفة ليلاً.

سيدي إفني ليست فقط مدينة الأقواس الصخرية النادرة في العالم، بل أيضاً الأشجار النادرة، مثل "أركان" وهي شجرة تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي والاستقرار الاقتصادي، وتتكيف تماماً مع ظروف الجفاف في المنطقة.

يحلم شباب سيدي إفني بمستقبل أفضل وبفرص عمل، ويأملون في تنمية مدينتهم سياحياً لتصبح قبلة للسياح، لكيلا يضطروا لمغادرتها والعيش بعيداً من شواطئها الساحرة.