♦ الملخص:
امرأة متزوجة منذ عشرين عامًا، وقعت لزوجها حادثة، جعلته مقعدًا، وقد أصبح يتهمها بالإهمال وسوء العشرة؛ لأنه يريدها بجانبه طول الوقت، وهي مَشغولة بالعمل والبيت، وتسأل: ما الحل؟
♦ التفاصيل:
أنا متزوجة منذ 20 سنة، زوجي وقعت له حادثة؛ جعلته من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنه أصبح يشك في، ويكره أهلي، ويظن أن أهلي يحرضونني عليه، ودائمًا يتهمني بالإهمال وأنني زوجة سيئة؛ إذ يريدني أن أبقى بجانبه طوال اليوم، وهذا أمر صعب؛ إذ يكون عندي عملٌ أضف إلى ذلك اهتمامات البيت الذي أُشغل به كثيرًا، ويعتقد زوجي أن جلوسي معه أهم من العبادة، وأنا لا أرى ذلك؛ خاصة أن في حديثه غِيبة للآخرين، أو يكون حوار نختلف حوله، أو يتحدث في موضوع تافه، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
١- متزوجة منذ عشرين عامًا، وزوجكِ بعد حادث مروري صار من ذوي الاحتياجات الخاصة.
٢- تقولين: إن زوجكِ أصبح يشك فيكِ، ويكره أهلكِ، ويظن أن أهلكِ يحرضونكِ عليه.
٣- ويتهمكِ بأنكِ زوجة سيئة.
٤-ويقول: إن جلوسكِ عنده أهم من نوافل العبادات.
٥- ودائمًا يتهمكِ بالإهمال له، ويريد بقاءكِ عنده دائمًا.
٦- وأنت متضايقة من طلباته تلك؛ لأسباب منها:
أ- ارتباطاتكِ العملية وأعمال البيت.
ب- كون كلامه لا يخلو من التوافه والغيبة للآخرين.
ج- ولأنكما تختلفان في حواراتكما.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: من المعلوم أن بعض الذين يُصابون بالحوادث المقعدة عن الحركة تحصل لهم اضطرابات نفسية وسلوكية، ويزداد هذا الإحساس حينما ينتج عن الإعاقة عزلة عمن حولهم؛ فتضطرب نفسياتهم وأخلاقهم، وتزداد هذه الأعراض عند ضعاف الإيمان والصبر المقصرين في العبادات من صلاة وتلاوة وذكر؛ ولذا يلزم المتعامل معهم من زوجة أو زوج أو أب ملاحظة ذلك، وتقدير أوضاعهم الاستثنائية بمزيد من الخدمة والصبر واحتساب الأجر.
ثانيًا: من المهم البحث عن سُبُلٍ لإخراج المعاق من عزلته، ودمجه في المجتمع، إما بعمل يناسبه، أو بطلعات للتنزه في الأماكن المناسبة، وكذلك حضوره المناسبات والارتباطات العائلية.
ثالثًا: ومن المهم جدًّا تقوية الروح الإيمانية عنده بحثِّه على المحافظة على الشعائر التعبدية الواجبة والمستحبة؛ مثل: الصلاة، والتلاوة، والذكر، والصدقة، والصيام، وغيرها؛ لِما فيها من الأجر العظيم، ومن الإعانة على الصبر وطمأنينة القلب، وسكونه، والرضا بالقضاء والقدر.
رابعًا: اعلمي - وفقكِ الله - أن ما تشتكين منه من سلوكيات خاطئة تصدر منه تجاهكِ - من شكٍّ وكرهٍ، وغيبةٍ للناس، وتوافه الحديث، واعتقادات باطلة - كلها من نتائج الفراغ القاتل عنده، ومن سوء تأثير صدمة الإعاقة وضعف الصبر؛ ولذا لا بد من معالجتها بحثِّه وبتشجيعه على الإكثار من العبادات التي ذكرتها؛ لأنها تُشغل فراغه، وتقوي إيمانه وصبره، وتهذب لسانه.
خامسًا: لا تنسي العلاجات الشرعية الأخرى المهمة جدًّا؛ وهي:
أ- كثرة الدعاء له، والدعاء لنفسكِ بالإعانة على الصبر واحتساب الأجر.
ب- يجب مناصحته عن الغيبة وتوافه الكلام من قِبلكِ، أو من قِبل عقلاء عائلته؛ لأن الغيبة من كبائر الذنوب، وسبب لمحق بركة الأعمال الصالحة.
ج- استرجعي كثيرًا كلما ضايقكِ بالكلام.
د- اجتهدي في حبس لسانكِ عن مجاراته في التفاهات والمجادلات، فلا خير فيها، بل تؤجج وتشعل الشحناء والبغضاء بينكما، بدون أي فائدة تُذكر.
ه- أكثري من الاستغفار والتوبة، فلربما أنكِ تبتلين منه بسبب ذنوب لم تأبهي لها؛ قال سبحانه: قال سبحانه: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].
سادسًا: لا تزكي نفسكِ، وحاسبيها على الأخطاء، وصححيها.
سابعًا: أطلعي زوجكِ على قصص المثاليين الذين لم تقعدهم الإعاقات عن العمل المناسب، وكانوا مثالًا للصبر وحسن الأخلاق.
ثامنًا: أما قوله لكِ: إن جلوسكِ معه أهم من العبادات، فإن يقصد الفرائض، فهذا غير صحيح، وإن قصد النوافل، فهذا أيضًا غير صحيح، إذا كنتِ تقومين بأداء احتياجاته الأساسية.
تاسعًا: سدِّدي وقاربي ووازني بين خدماتكِ له، وبين عباداتكِ، وأعمالكِ الأخرى؛ بحيث لا يطغى واحدًا منها على الآخر.
عاشرًا: من المناسب حثُّ إخوانه وأخواته على إدخال السرور على قلبه بتفقد أحواله، وزيارات متقاربة له، مع إسداء النصائح له برفق وحكمة، واحتساب الأجر في ذلك.
حفظكم الله، ورزقكما الصبر، وأجزل لكما الأجر.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.