ملخص
تستخدم الحركة الأولمبية الرموز لتجسيد المثل العليا في الميثاق الأولمبي والتي تتجلى في العقيدة الأولمبية القائلة إن الأهم في الألعاب الأولمبية ليس الفوز بل المشاركة، كما أن الأهم في الحياة ليس الانتصار بل القتال بصورة جيدة.
تستخدم الحركة الأولمبية الرموز لتجسيد المثل العليا في الميثاق الأولمبي والتي تتجلى في العقيدة الأولمبية القائلة إن الأهم في الألعاب الأولمبية ليس الفوز بل المشاركة، كما أن الأهم في الحياة ليس الانتصار بل القتال بصورة جيدة، والتي وضعها البارون بيير دي كوبرتان (مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة ومصمم رموزها).
ووفقاً لما ينص عليه الميثاق الأولمبي فإن عناصر مختلفة تؤطر هذا الحدث، وقبيل الأحداث الرياضية الرئيسة، وفي نهايته يتم إدخال الشعلة الأولمبية إلى الاستاد وتمريرها حتى تصل إلى حامل الشعلة الأخير، والذي غالباً ما يكون واحداً من رياضيي الدولة المستضيفة ليشعل الشعلة في مرجل الاستاد.
ومن الشعلة إلى الشعار والعلم والتميمة كثير من القصص التي سنلقي الضوء عليها في هذا المقال.
صممت المشاعل الحديثة لمقاومة تأثير الرياح والأمطار (غيتي)
الشعار والحلقات الأولمبية
اقترح شعار الألعاب الأولمبية Citius ،Altius ,Fortius من قبل بيير دي كوبرتان عام 1894 واعتمد رسمياً منذ عام 1924، وهو تعبير لاتيني يعني "أسرع، أعلى، أقوى" وصيغ الشعار من قبل صديق كوبرتان الكاهن الدومينيكي هنري ديدون.
وبينما قدم كوبرتان العلم الأولمبي عام 1914 كنموذج أولي ليرفع للمرة الأولى في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1920 في أنتويرب ببلجيكا، ويتوسط العلم رمز أولمبي يعبر عن نشاط الحركة الأولمبية وهو عبارة عن خمس حلقات متشابكة تمثل وحدة القارات الخمس المأهولة بالسكان (أفريقيا والأميركتان وآسيا وأوروبا وأوقيانوسيا) والتقاء الرياضيين من جميع أنحاء العالم في الألعاب الأولمبية.
لكن في الوقت نفسه لا يعبر كل لون عن قارة بعينها، بل اختيرت ألوان الحلقات بالأزرق والأصفر والأسود والأخضر والأحمر، انطلاقاً من كون كل دولة لديها واحد في الأقل منها على علمها الوطني.
الشعلة الأولمبية
أما الشعلة الأولمبية الثابتة في كل مراسم الأولمبياد واحتفالاتها فقد تم تدشين فكرتها للمرة الأولى خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1928، إذ أشعل موظف في الكهرباء أول شعلة رمزية في برج الماراثون في الملعب الأولمبي بأمستردام، وكان الغرض الرئيس من هذه النار هو الإشارة إلى مكان إقامة الألعاب الأولمبية، بينما أسس تقديم وتتابع الشعلة الأولمبية الحديثة للمرة الأولى في الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1936 ببرلين.
وقبل أشهر من كل دورة ألعاب تضاء الشعلة الأولمبية في معبد "هيرا" في أولمبيا في احتفال يعكس الطقوس اليونانية القديمة، إذ تشعل مؤدية تقوم بدور رئيسة الكهنة وبرفقتها 10 مؤديات كعذارى "فستال" (كاهنات الإلهة فستا العذراء المكلفات بالحفاظ على بقاء النار المقدسة مشتعلة وتقديم القرابين لفستا بحسب الأساطير الرومانية)، الشعلة بوضعها داخل مرآة على صورة قطع مكافئ يعمل على تركيز أشعة الشمس لإضاءة الشعلة، بالتالي يفتتح تتابع الشعلة الأولمبية التي ستحمل الشعلة إلى الاستاد الأولمبي للمدينة المستضيفة.
ومع كل دورة أولمبية تنطلق الشعلة من أولمبيا باليونان أولاً قبل أشهر عدة من انطلاق الألعاب الأولمبية، إذ تنتقل من مدينة إلى أخرى حول العالم وصولاً إلى البلد المستضيف، ومع إشعالها يوم الافتتاح يبدأ الأولمبياد رسمياً.
وتبشر رحلة تتابع الشعلة الأولمبية بانطلاق الألعاب الأولمبية وتنشر رسالة سلام وصداقة أينما حلت، وقد صممت المشاعل الحديثة للألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية لمقاومة تأثير الرياح والأمطار أثناء حملها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رمزية الشعلة
وترمز الشعلة إلى الاستمرارية القائمة بين الألعاب القديمة والحديثة وتمثل انتقال مبادئ وقيم الأولمبياد من اليونانيين القدماء إلى العالم الحديث، لكن الفكرة مستقاة من الميثولوجيا الإغريقية القديمة التي تقدس النار كرمز من الرموز الإغريقية الشهيرة، إذ أشعل الإغريق القدماء الشعلة باستخدام نوع من الأواني توضع في مواجهة الشمس، إذ تتركز قوة الأشعة الشمسية في نقطة محددة وتوقد النار في العشب الجاف.
وترمز النار المشتعلة إلى سرقة بروميثيوس (الإله المحابي للبشر) النار من زيوس (كبير الآلهة) وإعطائها للبشر، إذ حسب الأسطورة كان بروميثيوس موكلاً من قبل زيوس بخلق المخلوقات الأرضية وقام بخلق الإنسان في صفة الآلهة مما أثار غضب زيوس.
واشتقت فكرة الشعلة الأولمبية من الاحتفالات اليونانية القديمة إذ ظلت النار المقدسة متقدة طوال مدة الاحتفالات القديمة على مذبح معبد "هيستيا" (ربة الموقد) بوصفها الوحيدة من دون سائر آلهة الأولمبوس التي لم تشترك في أية حروب أو منازعات، ولهذا السبب استجاب زيوس إلى رغبتها في أن تكون الذبيحة الأولى من نصيبها في أي حفل عام للقرابين.
التميمة
أما التميمية فعبارة عن حيوان أو إنسان أو شخصية مجسمة تمثل التراث الثقافي للبلد المستضيف، وعادة ما يتم استمداد التميمة من شخصيات أو حيوانات مرتبطة خصوصاً بالبلد المستضيف، ففي حين اختارت موسكو دباً ذهبت النرويج لاختيار شخصيتين من الأساطير النرويجية واختارت سيدني ثلاثة حيوانات أصلية في أستراليا، وأصبحت لكل نسخة من الألعاب الأولمبية تميمة مميزة خاصة بها، وأحياناً أكثر من واحدة.
وقدمت فكرة التميمة عام 1968 إذ ابتكر منظمو دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فرنسا رمزاً لدورتهم، شخصية كرتونية لشخص متزلج وأطلقوا عليه اسم شوس Schuss. بينما تبنت دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ميونيخ بألمانيا الغربية عام 1972 هذه الفكرة وأنتجت أول "تميمة رسمية"، وهي كلب "الدشهند" "فالدي" وهو سلالة شعبية من الكلاب في ألمانيا. ومنذ عام 1980 لعبت دوراً مهماً في تعزيز هوية الألعاب عندما اعتمد شبل الدب الروسي "ميشا" كتميمة رسمية لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية في موسكو، وهي من تصميم كاتب قصص الأطفال فيكتور تشيغيكوف.
وفي دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لندن عام 2012 اختير اسم "وينلوك" كتعويذة أولمبية نسبة لبلدة ماتش وينلوك في إنجلترا، وتم تصميمها على صورة عين الكاميرا الخاصة بسيارات الأجرة في لندن.
وبينما كانت أغرب تميمة على الإطلاق هي "واتيزيت" Whatizit أو "إيزي" Izzy من ألعاب عام 1996 في أتلانتا، وهو عبارة عن شخصية كرتونية مجردة تمتعت بالقدرة على التحول إلى أشكال مختلفة، وعدت بمثابة انحراف عن الاتفاقات الأولمبية إذ لم تمثل كما جرت العادة حيواناً أو شخصية بشرية ذات أهمية وطنية، بل كانت أول تميمة أنشئت بواسطة الكمبيوتر في تاريخ الألعاب الأولمبية.
قبعة الحرية
واختيرت قبعة "فريجية" أو قبعة الحرية مخروطية الشكل ذات قمة منحنية للأمام لتكون تميمة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، وهي مستوحاة من تلك التي ارتدتها ماريان في وقت الثورة الفرنسية، ويعود أصل رمز ماريان إلى عام 1775 عندما رسمها فنان فرنسي، للمرة الأولى كرمز للحرية الفرنسية.
وفي فرنسا استخدمت القبعة منذ عام 1789 في المطبوعات الفرنسية وفي بعض شعارات النبالة بالتالي أصبحت تعرف بأنها رمز للجمهورية، إذ عادة ما يصور عدد من الشخصيات الوطنية وبخاصة ماريان رمز الجمهورية الفرنسية وهي ترتدي القبعة "الفريجية" التي أصبحت رمزاً للثوار وتعبيراً عن الحرية والتمسك بالحقوق.
والجدير ذكره أن القبعة كانت ارتبطت في العصور القديمة بعدد من الشعوب في أوروبا الشرقية والأناضول وآسيا وتحديداً في إقليم فريجيا إذ نشأ الاسم، لكن أقدم تصوير للقبعة "الفريجية" موجود في المدينة الفارسية برسبوليس.