تعرضت رحلة تابعة للخطوط الجوية البريطانية متجهة من سنغافورة إلى هيثرو في لندن لاضطرابات هوائية شديدة فوق خليج البنغال مما اضطر الطائرة للعودة إلى نقطة انطلاقها حيث تم فحصها للتأكد من وقوع أي ضرر محتمل. وأُصيب عدد من طاقم عمل الخطوط الجوية البريطانية الموجود على متن الرحلة جراء الحادثة التي وقعت في الساعات الأولى من يوم 16 يونيو (حزيران) الجاري.
وعنونت التقارير الواردة في إحدى الصحف: "شهدنا هويانا على 1000 قدم" وهذا أمر لم يحصل. لكن ما مدى خطورة الاضطرابات الهوائية وهل تزداد سوءاً؟ إليكم أبرز الأسئلة والأجوبة.
ما الذي وقع في هذه الحادثة؟
كانت الرحلة BA12 التابعة للخطوط الجوية البريطانية تحلق بشكل طبيعي من سنغافورة إلى هيثرو في لندن يوم الجمعة 16 يونيو فوق خليج البنغال واجتازت منتصف المسافة بين سريلانكا وتايلاند وعلى بعد حوالى ساعتين مما كان يُفترض أن يكون رحلة لمدة 13 ساعة. كان على متنها 260 مسافراً.
كانت طائرة "بوينغ 777-300ER" تحلق بسرعة 598 ميلاً في الساعة على ارتفاع 30 ألف قدم عندما واجهت اضطرابات هوائية شديدة. وفيما كانت مؤشرات أحزمة الأمان مضاءة مما يعني أنه يتعين على الركاب ربطها بإحكام، كان أفراد الطاقم ناشطين على متن الطائرة.
وأُصيب عدة أفراد من طاقم العمل. وقرر بعدها القبطان العودة إلى سنغافورة وهو أمر قام به على ارتفاع 29 ألف قدم مما أشارت إليه بعض التقارير إلى أن الطائرة "هبطت" 1000 قدم حتى وإن كان الأمر عبارة عن منحدر تم التحكم به بشكل جيد.
هبطت الطائرة بسلام بُعيد الساعة 3 فجراً بالتوقيت المحلي وتم تفحصها لرؤية إن كانت أُصيبت بأي ضرر في هيكلها فيما تولت طواقم طبية تقديم الرعاية للمصابين. ومن ثم عادت الطائرة إلى قاعدتها في هيثرو في لندن من دون ركاب.
ماذا تقول الخطوط الجوية البريطانية؟
"تشكل السلامة أولوية قصوى بالنسبة إلينا ونقوم بالاطمئنان على طاقم عملنا بعد أن شهدت إحدى رحلاتنا حادثة نادرة من الاضطرابات الهوائية الشديدة. قام طاقم العمل المحترف على متن الطائرة بطمأنة الركاب وعادت الطائرة إلى سنغافورة في تدبير احترازي. لقد تقدمنا بالاعتذار من عملائنا جراء التأخير في رحلتهم وقدمنا لهم إقامة في الفندق ومعلومات عن حقوقهم كعملاء. نعيد حجز البطاقات للركاب على متن رحلات متوافرة معنا ومع خطوط جوية أخرى".
ما هي الاضطرابات الهوائية الشديدة؟
تقول خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في الولايات المتحدة: "يتم التسبب بالاضطرابات الهوائية بفعل حركات الهواء المفاجئة وغير المنتظمة التي تؤدي إلى تيارات/ منخفضات جوية هوائية حادة وسريعة. تحصل هذه التيارات والمنخفضات في آن معاً وتحرك الطائرة بشكل غير متوقع".
وتعرف إدارة الطيران الفيدرالية الاضطرابات الهوائية بأنها "اضطرابات شديدة مفاجئة تحصل في المناطق الخالية من الغيوم وتتسبب بارتجاج عنيف في الطائرة... تكون الاضطرابات الهوائية مزعجة بشكل خاص لأنها غالباً ما تواجهها الطائرة بشكل غير متوقع وفي كثير من الأحيان من دون مؤشرات مرئية تحذر الطيارين من المخاطر".
ما مدى الخطر الذي واجهته الطائرة؟
مما لا شك فيه أن التجربة كانت تنذر بخطر شديد وكانت غير مريحة للركاب، بيد أن الاضطرابات الهوائية على علو مرتفع لا تُسقط الطائرات التجارية الحديثة.
صُممت الطائرات وتم اختبارها لتتخطى القوى الشديدة ويُعتبر رادار الطقس أداة جيدة في تجنب الاضطرابات الأسوأ رؤية. ولكن الإصابات على متن الطائرة تثير القلق مع كون طاقم العمل الأكثر عرضة للخطر بشكل خاص.
وكتب الطيار السابق والمتخصص في سلامة الطيران ستيف لانديلز رسالة إلى جمعية طياري الخطوط الجوية البريطانية النقابية (بالبا Balpa): "تحصل الإصابات التي نراها في الحالات التي لا يكون فيها الأشخاص يربطون حزام الأمان. لعل سبب ذلك يعود إلى أن الاضطرابات حصلت من دون تحذير ولكننا أيضاً نرى الكثير من الأشخاص يُصابون لأنهم لا يتبعون إرشادات "أربطوا أحزمة الأمان".
ما مدى تواتر حدوث هذا النوع من الحوادث؟
تفترض إحدى الدراسات أن الطائرة تواجه اضطرابات هوائية شديدة 790 مرة على الأقل خلال العام مما يحصل بمعدل مرة كل 11 ساعة طيران. بيد أن الباحثين الجويين يقولون إن هذه الحوادث عند نقطة محددة فوق المحيط الاطلسي الشمالي ازدادت بنسبة 55 في المئة بين العامين 1979 و2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحسب بول ويليامز، بروفسور علوم الغلاف الجوي في كلية الأرصاد الجوية في جامعة ريدينغ، من شأن مضاعفة مستويات ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي أن يزيد من متوسط كمية الاضطرابات الهوائية الشديدة على ارتفاع 36 ألف قدم فوق شمال الأطلسي بنسبة 149 في المئة.
نتيجةً لذلك، بوسع الاضطرابات الخطيرة خلال الرحلات التجارية أن ترتفع إلى خمس حالات خطيرة يومياً في المتوسط.
سيقول علماء البيئة بأن ركاب الرحلات الجوية يتسببون بالمشكلات التي يتم إنذارهم بشأنها بما أن الطيران يسهم في كمية الكربون المنبعثة في الجو.
هل يجب على الركاب الشعور بالقلق إن كانوا يخططون للسفر على متن الطائرة؟
كلا. ستكونون قليلي الحظ إلى أقصى الحدود لو صودف أنكم كنتم على متن إحدى تلك الحالات الـ790 السنوية إذ تصيب الاضطرابات الهوائية رحلة مغادرة واحدة من أصل 50 ألفاً.
في حال كان العلم صحيحاً، سترتفع الأرقام ولكن ببطء. يتوجب على الركاب أن يحتاطوا بشأن مخاطر التعرض للاضطرابات الهوائية – وأبسطها الحفاظ على حزام الأمان مربوطاً عند الجلوس. (في كافة الأحوال، يُعتبر ذلك ممارسة جيدة تعني أنه لا يتحتم على طاقم العمل إيقاظكم في حال إضاءة إشارة وجوب ربط الأحزمة).
وقال ستيف لانديلز من جمعية طياري الخطوط الجوية البريطانية النقابية (بالبا): "لا تحاولوا الوقوف عندما يطلب منكم قائد الطائرة وضع الأحزمة، نقوم دائماً بالتحدث إلى الطيارين على متن الطائرات أمامنا. حتى وإن كان الأمر سلساً عندما تُضاء اللافتات لوضح الأحزمة، قد نعرف حينها بأننا سنواجه اضطرابات هوائية قريباً".
وفق تجربتي، في حال أعطى الطيار توجيهاته للطاقم بربط الأحزمة، عندها يتوجب عليكم أن تدركوا أنكم أمام رحلة مشوقة.
ما هي أسوأ الاضطرابات الهوائية التي واجهتموها؟
في مناسبتين أثناء التحليق فوق جنوب -شرق أوروبا: الأولى على متن طائرة "إيرباص" صغيرة متجهة من فيينا إلى القاهرة وعلى متن طائرة "إيرباص" كبيرة جداً من هيثرو في لندن إلى سنغافورة. في المناسبتين كان الأمر مزعجاً للغاية. أشبه ذلك برحلة في مدينة ملاهي حيث تستمرون في الدوران من دون توقف.
كان الأمر مثيراً للقلق كثيراً لأن الطيارين لم يشرحوا بالكامل ما الذي كان يحدث ولماذا وما الذي سيفعلونه حيال هذا الأمر. (لم تكن أي من الرحلتين على متن الخطوط الجوية البريطانية – كانت الأولى على متن الخطوط الجوية النمساوية والثانية على متن الخطوط الجوية لسنغافورة).
حصلت الكثير من العواصف أخيراً – ماذا يحصل في حال ضرب البرق طائرة ما؟
لا يشكل هذا الأمر خطراً على الطائرة. ويقول ستيف لانديلز من بالبا: "عندما يصيب البرق طائرة، تبقى الطاقة التي ينتجها البرق خارج هيكل الطائرة سواء بفعل المعدن الذي صُنعت منه الطائرة أو في حالة المواد الحديثة، من خلال شبكة معدنية مدمجة بهيكل الطائرة. يتيح هذا الأمر للبرق بأن يرصد الطائرة وصولاً إلى نقطة يمكن أن يُطلق خلالها في الجو. في بعض الحالات، لا تبقى الطاقة الصادرة عن البرق في الخارج وبهذا تكون كافة المكونات الكهربائية ضمن الطائرة محمية ومصفحة ضد البرق، وقد انقضت سنوات طويلة جداً منذ أن كان البرق يتسبب بإسقاط طائرة".
ما هي الأنواع الأخرى من التغيرات في الطقس التي من شأنها أن تؤثر في الطيران في المستقبل؟
العواصف: تتسبب هذا الصيف بعدد كبير من الإلغاءات للرحلات مع تعليق "إيزي جت" حوالى 100 رحلة من وإلى مطار غاتويك في لندن يوم الأحد 18 يونيو (حزيران) مع إلقاء اللوم على "الأحوال الجوية السيئة".
الرياح العاتية: تتسبب هذه بمشكلات خلال الإقلاع والهبوط بشكل أساسي. خصوصاً أثناء الهبوط بعكس اتجاه الرياح، كما حصل في فبراير (شباط) 2022 مع العاصفة "يونيس" التي أدت إلى مشاهد خلابة في هيثرو ولكنها تسببت أيضاً ببعض عمليات تحويل المسار مع تداعيات ذلك على الركاب وشركات الطيران على حد سواء.
السيول: كما رأينا في غاتويك خلال عيد الميلاد عام 2013 عندما تم إلغاء مئات الرحلات في 24 ديسمبر (كانون الأول). إضافة إلى ذلك، بعض المطارات قريبة جداً من البحر وبوسع ارتفاع مستوى المياه أن يتسبب بمشكلات – فضلاً عن العواصف التي بوسعها أن تجلب الأمواج إلى المدرجات.