بعد ثلاثين عاماً على مغادرته ملعب "علي سامي ين" وهو يجرّ خلفه ذيل خيبة الخروج من الدور الثاني لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم في إحدى أسوأ الليالي في تاريخ النادي، يعود مانشستر يونايتد الإنكليزي الأربعاء إلى "الجحيم" حين يحلّ ضيفاً على غلطة سراي التركي في مباراة مصيرية أخرى.
ويدخل يونايتد اللقاء وهو قابع في ذيل المجموعة الأولى، لذا سينتهي مشواره باكراً في حال تجدّدت الخسارة أمام الفريق التركي الذي صدمه في الجولة الثانية بإسقاطه على أرضه 2-3.
ويخوض يونايتد مواجهة الجولة الخامسة قبل الأخيرة بذكريات الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1993 حين ودّع "الشياطين الحمر" المسابقة القارية بفارق الأهداف المسجّلة خارج الديار (3-3 ذهاباً)، بعد اكتفائه بالتعادل السلبي في معقل النادي التركي.
اعتقد يونايتد، القادم في حينها من طريق قاده إلى لقب الدوري الممتاز، أن مسيرته الأولى في المسابقة منذ عام 1969 ستكون طويلة حتى بعد اكتفائه بالتعادل على أرضه.
لكنه لم يكن يتوقّع أن يعيش "الجحيم" في اسطنبول حتى قبل أن تطأ أقدام لاعبيه أرضية الملعب، إذ استقبله الآلاف من جماهير غلطة سراي في المطار بهتافات معادية ولافتة معبرة جداً كـُتب عليها "مرحباً بكم في الجحيم".
ووصف مدرّب يونايتد في حينها الأسطورة الاسكتلندي أليكس فيرغوسون الترهيب الذي اختبره ولاعبوه بأنه "أكبر ما اختبرته في حياتي من عداء ومضايقات".
لكن تلك لم تكن سوى بداية الكابوس، إذ فشل يونايتد الذي كان متأثراً بشكل واضح بالأجواء البركانية في ملعب "علي سامي ين"، في تحقيق النتيجة المرجوة وتمسك غلطة سراي بالتعادل، ليطيح بالفريق الإنكليزي بفارق الأهداف خارج الديار.
وعلى غرار ما سبق المباراة وما حصل خلالها، كانت النهاية فوضوية أيضاً إذ تعرض النجم الفرنسي ليونايتد إريك كانتونا لهجوم من قبل شرطي تركي بالهراوة بعد طرده عقب صافرة النهاية.
"الكراهية كانت لا تصدق"
عندما حاول لاعب وسط يونايتد براين روبسون إنقاذ كانتونا، أصيب في ذراعه واحتاج إلى ست غرز، بعدما سقط على الدرج الخرساني المؤدي إلى غرف تبديل الملابس.
وتحدّث لاعب وسط يونايتد بول إينس عما اختبره وزملاؤه في تلك الأمسية، قائلاً "الكراهية كانت لا تُصدّق. حتى الشرطة بدأت تتشاجر معنا. أتذكر أن أحد أفراد الشرطة قام بضرب إريك على رأسه".
بالنسبة للاعب يونايتد الآخر غاري باليستر، فإن الأجواء في مباريات يونايتد على ملعب "أنفيلد"، معقل غريمهم المحلي ليفربول، بدت وكأنها "حفلة شاي" مقارنة بما اختبروه في معقل غلطة سراي.
وتعرّضت حافلة يونايتد للرمي بالحجارة أثناء خروجها من الملعب، مما دفع فيرغوسون الذي أصيب بصدمة كبيرة إلى الصراخ "لا أريد أبداً العودة الى هناك مجدداً".
لكن كان عليه العودة إلى هناك بعد عام فقط من أجل لقاء الفريق التركي في دور المجموعات، وفشل مجدداً في الوصول إلى الشباك ليكتفي بالتعادل السلبي، ما ساهم لاحقاً في انتهاء مشواره باكراً بحلوله ثالثاً في المجموعة خلف غوتبورغ السويدي وبرشلونة الإسباني.
وكان معقل غلطة سراي بمثابة بيت الرعب بالنسبة ليونايتد الذي فشل في تحقيق الفوز خلال زياراته الثلاث إلى أرض الفريق التركي، آخرها في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 حين خسر 0-1 في دور المجموعات.
مع أنّ إغلاق ملعب "علي سامي ين" في 2010، إلا أن زيارة ضفاف البوسفور تظل واحدة من أصعب المهام في كرة القدم الأوروبية.
ليس هناك شك في أن حماس مشجعي غلطة سراي لن يكون أقل مما كان عليه الأمر قبل ثلاثين عاماً، لاسيما أن الفريق يلعب من أجل اللحاق ببايرن ميونيخ الألماني إلى ثمن النهائي، ما يجعل يونايتد أمام مهمة شاقة جداً الأربعاء أمام أكثر من 52 ألف متفرج.