دراسة: مواد كيميائية مرتبطة بسرطان الثدي موجودة في مأكولاتنا

منذ 1 شهر 174

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصّلت دراسة جديدة إلى أنّ نحو 200 مادة كيميائية مرتبطة بسرطان الثدي، تُستخدم في صناعة عبوات المواد الغذائية وأدوات المائدة البلاستيكية، وأنّ العشرات من هذه المواد المسرطنة قد تتسرّب إلى جسم الإنسان.

وقالت جين مونكي، المؤلفة المشاركة في الدراسة، والمديرة الإدارية وكبيرة المسؤولين العلميين في منتدى تغليف الأغذية (مؤسسة غير ربحية تأخذ من زيوريخ في سويسرا مقرًّا لها،  وتركز على التواصل العلمي والبحث) إن "هناك أدلة قوية على أنّ 76 مادة مسرطنة للثدي معروفة أو محتملة بين المواد الملامسة للأغذية التي تم شراؤها أخيرًا في جميع أنحاء العالم، يُمكن العثور عليها لدى البشر".

وأضافت مونكي أنّ "التخلص من هذه المواد المسرطنة المعروفة أو المشتبه بها في إمداداتنا الغذائية يجنبنا الإصابة بالسرطان بشكل كبير".

وبحسب الدراسة، فإن  الهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم صنّفت 40 من المواد الكيميائية التي تم اكتشافها أخيرًا في عبوات المواد الغذائية، بأنها خطرة.

وقالت جيني كاي، عالمة الأبحاث في معهد سايلنت سبرينغ، الذي يركز على العلاقة بين المواد الكيميائية وصحة المرأة وسرطان الثدي، غير المشاركة في الدراسة: "لقد تم تصنيف الكثير من هذه المواد الكيميائية بالفعل على أنها تشكل مخاطر على صحة الإنسان، ومع ذلك لا يزال مسموحًا استخدامها في المواد الملامسة للأغذية، ما يُتيح لها التسرّب إلى الطعام الذي نأكله". 

ورأى  الخبراء أنّ اتجاه تزايد معدلات الإصابة بسرطان الثدي في المراحل المبكرة لدى النساء دون سن الخمسين، لا يمكن تفسيره بالوراثة وحدها.

وقال الدكتور لين ليشتنفيلد، النائب السابق لرئيس الأطباء في جمعية السرطان الأمريكية، غير المشارك في الدراسة، إنّ "معدلات الإصابة بسرطان القولون ترتفع أيضًا بين الشباب".

وطرح أسئلة عديدة: "هل مردّ ذلك إلى السمنة؟ أم الكحول؟ أم قلة النشاط البدني؟ أم هل السبب بيئي؟ 

وتابع: "هناك الكثير من الأسباب، وسوف يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لمعرفة أيٍّ منها له الأثر الأكبر، إذ قد تكون بعض هذه المواد الكيميائية عالية المخاطر، وبعضها منخفض المخاطر".

من جهتها صرّحت جمعية العلامات التجارية الاستهلاكية التي تمثل صناعة المنتجات الاستهلاكية، لـCNN، أنّ الأعضاء يلتزمون بمعايير السلامة القائمة على الأدلة، الموضوعة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

وقالت سارة غالو، النائب الأول لرئيس الجمعية لسياسة المنتجات والشؤون الفيدرالية، لـCNN إن "التغليف موجود لحماية الأغذية والحفاظ عليها آمنة للاستهلاك".

وأضافت غالو: "تقوم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بمراجعة المواد الملامسة للأغذية، والموافقة عليها بواسطة نظامها القائم على العلوم والمخاطر، قبل طرحها في السوق". 

وتابعت: "توفر مراجعة ما بعد مرحلة توزيع المواد في السوق التي تجريها الوكالة أيضًا تحليلًا مستمرًا للسلامة وتنظيم المواد المعتمدة". 

وتواجه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) انتقادات شديدة نتيجة فشلها في التصرّف بسرعة بشأن المخاوف الصحية الناتجة عن حوالي 14000 مادة كيميائية معروفة بأنها تضاف إلى الغذاء. وستعقد الوكالة اجتماعًا عامًا الأربعاء، لعرض أفكارها حول كيفية تحسين تحليلاتها الغذائية بعد السوق.

مسببات سرطان الثدي المحتملة

في عام 2007، نشرت مجلة "سايلنت سبرينغ" قائمة تضم 216 مادة كيميائية يمكن أن تسبب أورام الثدي لدى القوارض، وهي طريقة رئيسية لتحديد السمية، بحسب الخبراء.

ووُضع تحديث لهذه القائمة في يناير/ كانون الثاني 2024، وبلغ عدد المواد الكيميائية الضارة التي يحتمل أن تكون مسرطنة 921، ضمنًا 642 قد تحفز إنتاج هرمون الأستروجين أو البروجسترون، وهو عامل خطر معروف آخر لسرطان الثدي.

ولفتت كاي المشاركة في تأليف تحديث الدراسة لعام 2024، المنشورة في مجلة "Environmental Health Perspectives"، إلى أن "حقيقة وجود العديد من المواد المسرطنة المحتملة للثدي في عبوات المواد الغذائية وإمكانية انتقالها إلى طعامنا، مثال واحد على عدد المواد الكيميائية التي نتعرض لها عن غير قصد يوميا". 

وأشارت إلى أنّ "العديد من المواد المسرطنة للثدي تساهم باختلال الهرمونات أيضًا، والعديد من المواد الكيميائية المدرجة ضمن قائمتنا يمكنها إلحاق الضرر أيضًا بالحمض النووي". 

وتابعت: "لا ينبغي للمستهلكين أن يتتبعوا جميع المؤلفات العلمية حول المواد الكيميائية التي يجب تجنبها. ويجب على المنظمين إدراك الخطر واتخاذ الإجراءات اللازمة".

المواد المسرطنة في البلاستيك والورق والكرتون

قارنت الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة "Frontiers in Toxicology" الثلاثاء، بين قاعدة بيانات "Silent Springs" للمواد المسرطنة المعروفة لسرطان الثدي، وقاعدة بيانات المواد الكيميائية الملامسة للأغذية التي يتم رصدها في البشر، أو "FCChumon".

وتُعتبر "FCchumon"، قاعدة بيانات أنشأها منتدى تغليف المواد الغذائية، تضم قائمة بالمواد الكيميائية الملامسة للأغذية التي تم اكتشافها في حليب الثدي البشري، والدم، والبول، والأنسجة.

وقالت كاي: "أخذت الدراسة الجديدة قائمتنا الخاصة بالمواد المسرطنة للثدي المحتملة وقارنتها بقائمة المواد الكيميائية التي تم العثور عليها في المواد الملامسة للأغذية، بهدف معرفة أي من مسببات سرطان الثدي المحتملة يمكن أن تدخل في النظام الغذائي للناس". 

ولفتت إلى أن "هذه طريقة رائعة لتحديد أولويات المواد الكيميائية من أجل اتخاذ إجراءات تنظيمية". 

ووجدت الدراسة مواد كيميائية مثل: 

  • البنزين، مادة مسرطنة معروفة مرتبطة بسرطان الثدي لدى الحيوانات والبشر.
  •  4,4'-ميثيلينبيس-(2-كلوروانيلين)،  مادة مسرطنة محتملة مرتبطة بسرطان المثانة؛
  • 2،4-تولوينديامين، يسبب سرطان الثدي وسرطانات أخرى في الحيوانات؛ 
  • 3,3′-ثنائي ميثيل بنزيدين وأو-تولويدين، وهي صبغات تستخدم لتلوين البلاستيك والورق.

وعلقت كاي قائلة: "يمكن استخدام الأصباغ في صناعة البلاستيك، والورق، والكرتون، وما شابه، ويمكن أن تحتوي على بعض الخصائص السامة جدًا. البلاستيك ليس الجاني الوحيد".

وعندما وجدت الدراسة أن الجزء الأكبر من عملية التعرض للمواد المسرطنة جاء من المواد البلاستيكية المستخدمة في تغليف المواد الغذائية، تم العثور على 89 مادة مسرطنة مشتبه بها في حاويات الورق والكرتون.

وقالت مونكي: "يحتوي الورق على إضافات مثل المستحلبات والمواد اللاصقة، مثل إذا تم لصق الأوراق معًا، أو وُجدت طبقة بلاستيكية ملتصقة بالورق".

كان عدد من المواد الكيميائية الموجودة في الدراسة عبارة عن مواد بيسفينول، أو فثالات، أو بيرفلوروألكيل وبولي فلورو ألكيل، المعروفة باسم PFAS، وهي مواد كيميائية مثيرة للقلق تم ربطها بالعديد من المخاوف الصحية.

غالبًا ما يُطلق عليها اسم "المواد الكيميائية الأبدية" لأنها لا تتحلل في البيئة، وتستخدم PFAS في تغليف المواد الغذائية لمنع نقع الشحوم والماء في أغلفة الطعام وأكواب المشروبات. 

يمكن أيضًا العثور على PFAS في الحبر المستخدم لطباعة الشعارات والتعليمات على حاويات المواد الغذائية.

الوقاية

رغم أن الأمر متروك للوكالات التنظيمية من أجل إجراء تغييرات شاملة لحماية الإمدادات الغذائية، إلا أن هناك خطوات يمكن للمستهلكين اتخاذها لتقليل مخاطر المواد الكيميائية السامة والمواد المسرطنة، وفقًا لما ذكره موقع "Silent Spring".

  • تجنب حرق الطعام أو تفحمه، لأن لحوم البقر، أو لحم الخنزير، أو الأسماك، أو الدواجن، تنتج مواد كيميائية تضرّ بالحمض النووي عند شويها على درجات حرارة عالية، أو على اللهب المكشوف. استخدم مروحة تهوية عند الطهي.
  • تتراكم الملوّثات مثل ثنائي الفينيل متعدد الكلور أو PCBs في الدهون، لذا قم بإزالة الدهون والجلد من اللحوم والأسماك قبل الطهي، وتخلّص من أي شيء يتشكل أثناء إعداد الوجبة.
  • اختر مأكولات بحرية أصغر حجمًا وأصغر سنًا تحتوي على كمية أقل من الزئبق والسموم الأخرى، عوض المأكولات البحرية الأكبر حجمًا والأقدم.
  • رغم ابتعاد العديد من الأطعمة المعلبة، والكرتون المبطن عن مادة BPA، إلا أن بعضها لا يزال يستخدم المادة الكيميائية الموجودة في البطانة. تشمل البدائل راتنجات الأكريليك والبوليستر، بالإضافة إلى راتنجات البولي فينيل كلورايد أو PVC. لكن العلماء ليسوا متأكدين من مواصفات السلامة لهذه البدائل.
  • اختر المنتجات العضوية، واللحوم، ومنتجات الألبان، عوض المنتجات التقليدية، لأن الأغذية العضوية تتعرض لعدد أقل من المبيدات الحشرية.
  • تخلص من الحاويات البلاستيكية، وخزّن جميع الأطعمة بحاويات من الزجاج، ولا تستخدم حاويات الطهي غير اللاصقة واستبدل أي زجاجات بلاستيكية وآلات صنع القهوة بالزجاج أو الفولاذ المقاوم للصدأ.