دراسة: اللياقة البدنية في منتصف العمر قد تُقلّل من خطر الالزهايمر والخرف

منذ 3 ساعة 11

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصّلت دراسة جديدة إلى أنّ ممارسة المزيد من التمارين الهوائية في منتصف العمر والشيخوخة، قد تقلّل من خطر الإصابة بالخرف، ضمنًا مرض الزهايمر.

وقالت ويلي شو، الأستاذة بمركز أبحاث الشيخوخة في معهد كارولينسكا بستوكهولم: "تؤكد دراستنا على الدور الحاسم للّياقة القلبية الوعائية في الحد من خطر الخرف، حتى بالنسبة لمن لديهم استعداد وراثي للإصابة بالزهايمر".

وأوضحت شو، مؤلفة الدراسة الرئيسية لـCNN: "يُعتبر تشجيع تحسين اللياقة البدنية التدريجية طريقة عملية ومؤثّرة، لدعم صحة الدماغ عبر مجموعات سكانية متنوّعة".

وبحسب الدراسة، تبيّن أنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بأفضل حالة قلبية تنفسية لديهم وظيفة إدراكية أفضل، وخطر الإصابة بالخرف بنسبة 0.6% فقط، مقارنة بمن لم يتمتعوا بلياقة كبيرة، وهذه فائدة أخّرت ظهور الخرف لديهم مدة 1.5 سنة.

إنّ القدرة على التحمّل القلبي التنفسي التي يتم تطويرها من خلال ممارسة التمارين الهوائية بانتظام، تعزّز امتصاص الأكسجين في الرئتين والقلب، وتساعد الناس على الاستمرار في الأنشطة عالية الكثافة لفترة طويلة من دون الشعور بالتعب.

ووجدت الدراسة أنّ الفائدة الأكبر لوحظت عند من لديهم استعداد وراثي لمرض الزهايمر. فمن لديه أكبر قدر على التحمّل القلبي التنفسي سُجّل لديهم خطر أدنى بنسبة 35٪ للإصابة بالمرض.

وقال طبيب الأعصاب الوقائي الدكتور ريتشارد إيزاكسون، مدير الأبحاث في معهد الأمراض العصبية التنكسية بفلوريدا، غير المشارك في الدراسة: "هناك مقولة تفيد بأنّ الجينات ليست مصيرنا، يمكننا جميعًا اتخاذ خيارات استباقية للمساعدة على الفوز بلعبة شدّ الحبل المضادة لجيناتنا. وهذه الدراسة تدعم ذلك".

وأضاف إيزاكسون في حديثه إلى CNN: "لطالما اعتبرت ممارسة التمارين الرياضية ’الدواء‘ المعجزة الذي لها تأثيرات معزّزة للدماغ".

وتابع: "في حين أظهرت هذه الدراسة أنّ اللياقة البدنية العالية وحدها تؤخّر ظهور الخرف لمدة 1.5 سنة، يمكننا أن نفعل ما هو أفضل من خلال اتباع نظام غذائي صحي، وإدارة الكوليسترول، وضغط الدم، وسكر الدم، وإجراء فحوص منتظمة للسمع والبصر، وإعطاء الأولوية للنوم".

أهمية اللياقة القلبية التنفّسية

تظهر الدراسات أنّ انخفاض مستوى اللياقة القلبية التنفسية يُعتبر مؤشّرًا قويًا لأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية، والوفاة المبكرة الناجمة عن جميع الأسباب، ضمنًا السرطان. 

وأشار إلى أنه من دون جهد، تتراجع اللياقة القلبية التنفسية مع تقدّم الناس في السن. إذ أفاد بيان علمي صادر عن جمعية القلب الأمريكية، أنّها تتراجع بمعدل 3% إلى 6% خلال العشرينات والثلاثينيات من عمر الناس، وتزداد بمعدل يزيد عن 20% لكل عقد في السبعينيات وما فوق.

وقامت الدراسة الجديدة، التي نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي الثلاثاء، بتحليل بيانات أكثر من 61 ألف شخص لا يعانون من الخرف، وتتراوح أعمارهم بين 39 و70 عاما، منتسبين إلى البنك الحيوي للمملكة المتحدة، وهي دراسة طولية لأكثر من نصف مليون مواطن بريطاني.

تم إجراء اختبار أساسي للياقة القلبية التنفسية عندما التحق الناس لأول مرة بين عامي 2009 و 2010، بالتزامن مع اختبارات الوظيفة الإدراكية والمخاطر الجينية. 

بعد اثني عشر عامًا، بحث العلماء لمعرفة إذا ما كان هناك من صلة بين لياقة المجموعة قبل أكثر من عقد من الزمان وأي تشخيص حالي للخرف.

وقال إيزاكسون: "وجدت هذه الدراسة تأثيرًا يعتمد على الجرعة، بمعنى أنّ المزيد من اللياقة البدنية انعكس بشكل أفضل على العديد من الأنواع الحيوية من الأداء الإدراكي، أي أنواع مختلفة من الذاكرة، مثل تذكر كلمات وأرقام معينة، أو تذكر القيام بعمل مستقبلي مخطط له، مثل تحديد موعد، يمكن للياقة القلبية التنفسية أن تحرك الإبرة حقًا".

وأضاف أنّ الرياضة الهوائية يمكن أن تحسّن أيضًا من سرعة تفكير الدماغ، كما هي الحال في مدى سرعة انتقال الكلمات والأفكار من النقطة "أ" إلى النقطة "ب" في الدماغ.

لياقة بدنية يقول الخبراء إن ركوب الدراجات، والجري، والركض، والسباحة، والمشي لمسافات طويلة، والمشي السريع، يمكن أن تحسّن جميعها اللياقة القلبية التنفسية.Credit: FreshSplash/E+/Getty Images

محدودية الدراسة

قال طبيب القلب الدكتور فالنتين فوستر، رئيس مستشفى ماونت سيناي فوستر للقلب، ورئيس الأطباء في مستشفى ماونت سيناي بمدينة نيويورك، إن الدراسة كانت مراقبة، ما يعني أنه لا يمكن تحديد السبب والنتيجة المباشرة.

وأضاف فوستر، الذي شغل سابقًا منصب رئيس جمعية القلب الأمريكية والاتحاد العالمي للقلب، أنّ نتائج الدراسة يجب تفسيرها بحذر بسبب المخاوف الصحية للأشخاص الذين يعانون من انخفاض اللياقة القلبية التنفسية.

وقال فوستر: "عندما تنظر إلى مجموعات المرضى الذين يعانون من انخفاض اللياقة القلبية التنفسية مقابل من يتمتّعون بلياقة بدنية متوسطة أو عالية، فهناك أمر مذهل جدًا. فمن عانوا من انخفاض اللياقة البدنية هم الذين أصيبوا بارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكوليسترول، والسمنة المفرطة".

وقال إنّ كل هذه الحالات الصحية تُشكّل محفزات لأمراض القلب والأوعية الدموية وتلف الأوعية الدموية الصغيرة، تشمل تلك الموجودة في الدماغ. وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة قلبية تنفسية عالية كانوا أكثر عرضة للمحافظة على أنفسهم، وبالتالي حماية الاتصال بين القلب والدماغ.

واعتبر فوستر أنّ "هذا الأمر، الاتصال بين القلب والدماغ، بالغ الأهمية للمستقبل. إذ قد تلعب عوامل الخطر التي تؤثر على أمراض القلب والأوعية الدموية عينها دورًا في تطور الخرف الوعائي، وحتى أن هناك بعض البيانات تشير إلى أنها تلعب دورًا في تسريع مرض الزهايمر".

كيفية بناء اللياقة الهوائية

ما هي أفضل طريقة لزيادة لياقتك القلبية التنفسية وحماية قلبك ودماغك؟ يقول الخبراء: اختر تمرينًا هوائيًا ومارسه بكثافة على نحو يصعب عليك إجراء محادثة.

ورأى فوستر أن "التمارين الهوائية تتمثّل إما بركوب دراجة هوائية ذات مقاومة منخفضة، أو جهاز جري ذات مقاومة منخفضة، أو المشي في الشارع بسرعة معقولة، ولكن افعل ذلك لمدة نصف ساعة بالحد الأدنى، خمسة أيام في الأسبوع".

وتشمل الخيارات الأخرى الرقص القوي، والمشي لمسافات طويلة، والركض، والجري، والتجديف، وصعود السلالم أو السباحة. كما تعمل الرياضات الجماعية مثل كرة السلة وكرة القدم والهوكي على رفع معدل ضربات القلب وتعزيز تدفق الأكسجين.