حوار في الجول - أمير عابد زاده: ما تعيشه إيران يجبرنا على إسعاد شعبنا في كأس العالم

منذ 2 سنوات 174

في عالم كرة القدم، إتمام صفقة لا يعتمد بالضرورة على إمكانيات اللاعب، إذ تتحكم فيه العديد والعديد من العوامل الأخرى.

واحدة من أبرز تلك العوامل هي الجنسية وتبعاتها، في إسبانيا لو خصصنا الحديث، فالدوري الممتاز لا يسمح لأنديته إلا بتسجيل 3 لاعبين من خارج الاتحاد الأوروبي على حد أقصى.

بالنزول إلى الدرجة الثانية، يتقلّص العدد إلى 2، مما يجبر الأندية على اختيار هذا الثنائية بعناية فائقة، ويفضّل أغلبهم أن يكون اللاعبان في مراكز تصنع الفارق، مثل خط الهجوم مثلًا أو الجناح بحثًا عن مزيد من الأهداف.

لكن، من قال أن المراكز التي تصنع الفارق ليس منها حارس المرمى؟ سؤال طرحه ربما نادي بونفيرادينا.

النادي غير الاعتيادي، تحدّثنا عنه مطولًا على هامش مقابلة مع خابيير خيمينيز مدير الحداثة في بونفيرادينا، ثم سنحت لنا فرصة التوغل في جنباته أكثر عندما استضفنا لاعبه البلجيكي الشهير جوردان لوكاكو الشهر الماضي.

الآن جاء الوقت لنتحوّل إلى مركز حراسة المرمى، ونجري مقابلة مع أمير عابد زاده حارس مرمى منتخب إيران، وواحد من لاعبين اثنين من خارج الاتحاد الأوروبي في صفوف بونفيرادينا.

"سلام"، هكذا قابلنا أمير بمجرد وصوله لمكتب خابيير خيمينيز وظهر في مكالمة الفيديو، فابتسم.

لا نتحدث الفارسية بالطبع، ولكن "سلام" بالفارسية تعني مرحبًا، تقريبًا نفس معنى الكلمة في العربية.

وحتى هنا انتهت معرفتنا باللغة الفارسية، لكن هذا لم يمنعنا من خوض حديث شيّق مع حامي عرين الفُرس وأحد الأفراد المنتظرين في قائمة كارلوس كيروش بمونديال قطر 2022.

تلك القائمة النهائية والتي بمجرد إعلانها، ستكتب التاريخ لنادي بونفيرادينا الصغير، إذ سيعرف أول تمثيل مونديالي في تاريخه على الإطلاق للاعب بصفوفه.

الغريب، أن عابد زاده حقق رقمًا مشابهًا قبل 4 سنوات عندما كان أول لاعب يتواجد في قائمة مونديالية من نادي ماريتيمو البرتغالي.

مزحنا معه وسألنا: هل تخطط لرقم تاريخي ثالث في نسخة 2026؟ وه فهم ما وراء السؤال.

بدأ أمير حديثه: "إنه لشرف أن أكون جزءًا من هذا الفريق وأن أصير أول لاعب يذهب لكأس العالم. كل ما قمت به في مسيرتي كان هدفه أيضًا أن أكون إلهامًا".

"مروري عبر ماريتيمو ربما قد يشجّع مزيدًا من اللاعبين للانضمام إلى منتخبات بلدانهم في المستقبل. والأمر نفسه ينطبق على بونفيرادينا، نمتلك لاعبين موهوبين يستطيعون اللعب في المنتخب والمشاركة في المونديال".

"فيما يخص 2026، أحاول دائمًا التطور، وآمل أن أكون في دوري قوي وقتها، وفي فريق جيد يمتلك العديد من اللاعبين، وليس أنا فحسب للمشاركة في كأس العالم".

أمير عابد زاده (29 عامًا) انضم إلى بونفيرادينا مطلع الموسم الماضي بعد نهاية عقده مع ماريتيمو.

وفي عام مئوية النادي، قدّم بونفيرادينا موسمًا تاريخيًا وكان قريبًا جدًا من التأهل إلى ملحق الصعود للدوري الإسباني.

في تلك الرحلة الرائعة، شارك عابد زاده في 35 مباراة، وقدّم واحدًا من أفضل مواسمه.

يقول عابد زاده: "لطالما أردت القدوم إلى إسبانيا. وصلت لنقطة في مسيرتي في البرتغال كان كل شيء فيها متشابهًا، وبحثت عن تحدٍ جديد، وحلمي دائمًا كان القدوم إلى إسبانيا".

"ليس من السهل أن تكون لاعبًا من خارج الاتحاد الأوروبي ويتم التعاقد معك. في دوري القسم الثاني يمكن التعاقد مع لاعبين اثنين فقط، ومن النادر جدًا أن يتجه نادٍ لضم حارس مرمى من خارج الاتحاد الأوروبي".

"ولهذا لم أستطع الرفض عندما وصلني العرض، والنادي شرح جيدًا طموحه، لأنه كان عام المئوية وقد أرادوا تقديم موسم مميز".

"الأمور سارت بشكل جيد وبدأت بشكل قوي، فزنا وقتها بأول 5 مباريات

كان موسمًا مميزًا حقًا".

"الموسم الحالي لم يبدأ بشكل جيد مثل سابقه، لكن آمل أن نتحلى بالاستمرارية وأن نظهر بشكل جيد مثل العام الماضي".

ليس مثل سابقه دون شك، فالفريق فاز 4 مرات فقط في أول 14 جولة، ويحتل المركز 17 برصيد 16 نقطة.

الأسباب ربما تتعلق برفع سقف التوقعات بعد الموسم الماضي التاريخي، لكن إدارة النادي رأت أن مستوى الحكام كان مؤثرًا، وقررت إصدار بيان قوي تدين فيه الأخطاء التحكيمية.

من جانبه، لا يتشارك عابد زاده كثيرًا في الرأي مع إدارة ناديه، وقد فاجأنا برده: "أنا شخصيًا لست لاعبًا يشتكي كثيرًا. صحيح أنه كان هناك أخطاء من الحكام، لكن لا بأس".

"نحتاج أن نكون جيدين للغاية، وقتها حتى لو ارتكب الحكم خطأ، فإن ذلك لن يؤثر على نتيجة المباراة".

"ولهذا تركيزي شخصيًا أن أعمل بشكل جاد وأن أساعد فريقي وأن أخرج بشباك نظيفة لكي أساعد الفريق على الفوز".

"لا أهتم بالأعذار سواء التحكيم، الرياح، العشب، وتلك الأمور، أريد أن نكون فريقًا أفضل وأن نكون متحدين، وقتها ستتحسن النتائج".

وللحارس الإيراني ماضٍ في أوروبا، إذ خضع لاختبارات توتنام هوتسبير في صغره أثناء دراسته في إنجلترا: "انضممت للأكاديمية تحت 18 عامًا، كما خضعت لاختبارات وقتها مع برينتفورد عندما كان عمري 14".

"كان وقتًا جميلًا، تعلمت الكثير وكنت أدرس أيضًا خلال إقامتي في إنجلترا، لكني لم أستطع التوقيع مع النادي بسبب مشكلة الإقامة، وقد قرروا وقتها التعاقد مع حارس إيطالي بدلًا مني".

"لكن كل تلك العقبات التي مررت بها جعلتني الشخص الذي أنا عليه اليوم. أنا ممتن لكل شيء، سافرت إلى الولايات المتحدة، ثم عدت إلى إيران ثم رحلت إلى البرتغال وبعدها جئت إلى إسبانيا".

"أعتقد أن كل ما حدث جعلني الشخص الذي أنا عليه اليوم. أتطلع لمزيدٍ من التحديات لكي أتطور وأصير حارس مرمى أفضل وأحقق أحلامي".

وهل تزاملت مع لاعبين مشهورين في توتنام؟

"لا أمتلك ذاكرة جيدة للغاية، ولكن هاري كين كان موجودًا، أعتقد أنه كان يلعب في وسط الميدان وقتها، هذا ظريف لأننا سنلتقي مجددًا في كأس العالم 2022".

عندما انتهت إقامته في إنجلترا، تحوّل عابد زاده للعب في نادي لوس أنجلوس بلوز الأمريكي لمدة عام، ثم عاد إلى بلاده إيران عام 2012.

لم نكن متأكدين من المعلومة، ولكن التواريخ متطابقة وتشير إلى عمله تحت قيادة مانويل جوزيه وأحمد ناجي الذي اصطحبه المدرب البرتغالي بعد رحيله عن الأهلي.

"نعم، نعم، عملت مع جوزيه، وأعرف أنه درّب أيضًا في مصر. في الواقع، تدربت تحت قيادة مدرب حراس مرمى مصري في تلك الفترة".

أحمد ناجي

"نعم! أحمد ناجي! إنه شخص لطيف للغاية".

وتحوّل عابد زاده للحديث عن تجربة التدرب مع جوزيه: "كنت شابًا وتدربت كثيرًا في الولايات المتحدة. لا أعرف إن كان هذا أفضل خيار لي، لكن كما قلت فكل ما حدث في مسيرتي له سبب".

"عملت مع جوزيه، وبصراحة لم يمر بأفضل تجربة ممكنة في إيران بسبب النتائج. لكن لا أعتقد أنه كان المسؤول الأكبر عن ذلك، لأن الإدارة باعت وقتها العديد من النجوم، والفريق لم يكن مقسمًا بالشكل الصحيح، أعتقد أننا امتلكنا 8 مهاجمين، ولاعبين في الوسط أتوا للخضوع لاختبارات في برسبوليس".

"لم يكن خطأ جوزيه، لكنه لم يحقق النتائج، كانت تجربة سريعة، لكنه عندما عاد إلى مصر وأعتقد أنه قام بعمل مميز".

"عندما ذهبت إلى البرتغال علمت أنه يمتلك اسمًا كبيرًا هناك وأنا ممتن للحصول على فرصة التتلمذ تحت يده".

وكيف كان العمل مع أحمد ناجي؟

"إنه شخص لطيف للغاية ومبتهج، نقل إلينا هذه الطاقة، وقد ساعدني في مسيرتي، لا أتذكر لأني لا أمتلك ذاكرة قوية، لكن أظن أنني تحدثت معه عدة مرات عبر فيسبوك لإلقاء السلام عليه. كما قلت كان شخصًا لطيفًا وسنحت لي فرصة تعلم أشياء عديدة منه".

—-----------

تحوّلنا بعدها للحديث عن عنصر مؤثر للغاية في حياة أمير عابد زاده: والده… أحمد رضا عابد زاده.

يعرفه جيل التسعينيات جيدًا، فقد كان قائد منتخب إيران بكأس العالم 1998، لُقب بـ "نسر آسيا" لتصدياته الهائلة، ويعتبر رمز حراسة المرمى الإيرانية بالمشاركة مع ناصر حجازي حارس مرمى إيران في مونديال 1978.

ومن الرائع أن تتعلم من الأفضل، لكنها قصة كل حارس مرمى كان والده حارس مرمى، لو أصاب، سيقولون بالطبع يجب أن يصيب لأنه ابن فلان، ولو أخطأ، فلن يقولوا إنه حارس سيئ، ولكن سيقولون إنه يلعب لأنه ابن علان.

فهل كانت تلك المعادلة سببًا في بحث أمير عابد زاده عن النجاح بعيدًا عن إيران للخروج من ظِل والده.

يرد أمير: "حسنًا، الاحتراف خارج إيران كان هدفي دائمًا منذ أن كنت طفلًا، حتى عندما كنت في إنجلترا وأثناء خضوعي للاختبارات شعرت دائمًا بقدرتي على اللعب في أوروبا، استمتعت بذلك كثيرًا".

"أحد الأسباب الرئيسية لعودتي إلى إيران هو الانضمام للمنتخب الأولمبي، كنت أبلغ 19 عامًا وقتها، وذلك كله كان بهدف القدوم إلى أوروبا مجددًا، في رأسي دائمًا كنت أفكر في القدوم إلى أوروبا وتحديدًا إسبانيا، ولهذا اخترت الانضمام إلى بونفيرادينا".

"لكن حقيقة اللعب تحت ضغط اسم والدي، ذلك كان ملازمًا لي، لكني تأقلمت بعض الشيء وقد جعلتها نقطة قوة في مسيرتي، لأني فهمت أنه مهما أفعل فسيكون هذا الحديث موجودًا، سيكون هناك انتقادات، وسيكون هناك أيضًا إشادات، لكن ما يهم حقًا هو ما أفعله أنا".

"إذا ركزت مثلًا على أمور مثل عندما أتألق ويقول الناس هذا طبيعي لأنه ابن والده، أو عندما أخطئ، فيقولون إنه لن يكون مثل والده أبدًا، أرى هذه الأمور بمثابة مشتتات لا أكثر".

"الضغط جعلني أقوى في بداياتي، والآن بت أستمتع بالضغط، لكني أفهم في الوقت نفسي أنني أمامي طريقي الشخصي وأرى العديد من الأمثلة في كأس العالم مثل كاسبر شمايكل، أشاهد الأمر يتكرر معه في المقابلات التي يجريها".

"في كأس العالم 2018 لعب مباريات عظيمة، لكن رغم ذلك وفي المؤتمر الصحفي كان يتلقى 3 أو 4 أسئلة عن والده، وهو يفهم أن ذلك سيطارده في أي مكان".

"نحن اللاعبون الذين نمتلك والدًا كان أسطورة، الأمور تكون صعبة علينا، لكن في الوقت نفسه هذا جيد لأني أستطيع تعلم العديد من الأشياء منه. يمكن القول إننا نمتلك نفس الجينات وهذا قد يساعدني، أحاول التركيز على الأمور الإيجابية أكثر من السلبية".

وجميعنا نتذكر أول كأس عالم شاهدناه، قد تتذكر تفاصيل المباريات ونتائجها أكثر من آخر مونديال شاهدته حتى.

فماذا لو كان والدك قائدًا لأحد منتخبات هذا المونديال؟ حتى لو كانت ذاكرتك ضعيفة مثل أمير عابد زاده، فالطبع هناك ذكريات لن تناسها.

يبتسم أمير ويقول: "في الواقع لدي ذكرى من التصفيات، حدث ذلك عام 1997 في مباراة أستراليا، كانت واحدة من أفضل مباريات والدي".

"كنا خاسرين 0-2 وهو قام بحوالي 10 تصديات، وأتذكر أن أمي اصطحبتني أنا وشقيقتي خارج المنزل لأنها لم تستطع المشاهدة أكثر من ذلك، كانت الأمور منتهية بالنسبة لنا".

كانت الأمور منتهية بالفعل، فالذهاب انتهى 1-1 في ملعب أزادي التاريخي، وفي الإياب في ميلبورن أمام 85 ألف متفرج تقدّمت أستراليا بثنائية الشاب هاري كيويل، وأوريليو فيدمار.

أستراليا لم تكن قد تأهلت لكأس العالم سوى في نسخة 1974، وتحت قيادة الإنجليزي تيري فينابلز مدرب برشلونة ومنتخب إنجلترا الأسبق، وأمام الهجمات الشرسة لـ مارك فيدوكا ورفاقه، اعتقد البعض أن المباراة ستنتهي بنتيجة كارثية على إيران، وبالبعض نقصد زوجة أحمد عابد زاده التي لم تحتمل مشاهدة مرمى زوجها يتعرض للتسديدة تلو الأخرى.

لكن، شيء غير مفهوم حدث فجأة قبل ربع ساعة على نهاية المباراة، سجلت إيران فجأة بواسطة كريم باقري، وفي ظرف 4 دقائق تعادل خداداد عزيزي للضيوف وجعل أسبقية الهدف خارج الأرض في صالحهم.

يواصل أمير عابد زاده حديثه: "خرجنا إلى الشارع، كنا في السيارة وبعد قليل رأينا الناس يرقصون وسمعنا الأغاني في كل مكان، فسألنا ماذا حدث؟ لماذا يحتفلون هكذا؟".

"أخبرونا أن المباراة انتهت 2-2 وأننا تأهلنا إلى كأس العالم، عندها اشترت أمي الحلوى ووزّعتها على الناس".

"تلك الذكرى الباقية معي منذ التصفيات، أتذكر أيضًا مباراة الولايات المتحدة التي فزنا بها، لكني لا أتذكرها بهذا الوضوح".

عادت إيران لكأس العالم بعد غياب 20 عامًا، والقُرعة أوقعتها في مباراة حظيت باهتمام شعبي غير مسبوق: ضد الولايات المتحدة الأمريكي.

كانت الولايات المتحدة صديقة لـ إيران طوال فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لكن مع قيام الثورة الإسلامية في يناير 1978 انقلب الوضع، فهرب الشاه واحتمى بأصدقائه في الولايات المتحدة، قبل أن تحدث الأزمة التي حطمت العلاقات بين البلدين للأبد على الأرجح.

في 4 نوفمبر 1979 اقتحم الحرس الثوري الإيراني السفارة الأمريكية واحتجز 52 دبلوماسيًا أمريكيًا كرهائن طوال 444 يومًا.

ومنذ 1980، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بالكامل بين البلدين، ولذا كانت مواجهة كأس العالم 1998 بعد حوالي عقدين من أزمة الرهائن الشهيرة، بمثابة اللقاء الأول الحقيقي الملموس بين البلدين.

ويقولون دومًا: لا لخلط الرياضة بالسياسة، لكن كيف يمكن ألا تُخلَط كل تلك الصدامات بكرة القدم؟ إنها المهمة المستحيلة، فشعب بأكمله يحمّلك مسؤولية نصرة الأمة.

يقول ضيفنا أمير عابد زاده: "لقد شاهدت تلك المباراة مرات عديدة بعدها، وما لاحظته دائمًا أن تركيز والدي كان عاليًا جدًا".

"هكذا هو والدي دائمًا، عندما يفعل أي شيء فلا شيء يمكن أن يقطع تركيزه، لو تحدثت إليه فإنه لن يسمعك من الأساس".

"ولهذا فكل ما أحيط بتلك المباراة من سياسة لم يؤثر عليه وقتها ومكّنه من تقديم مباراة مميزة، دوره كقائد كان حاسمًا في نقل هذا الهدوء إلى زملائه، وبتلك الطريقة فزنا بالمباراة، اللاعبون أرادوا إسعاد الجماهير ولا شيء أكثر".

عندها قررنا أن نقفز سنوات عديدة إلى الأمام، وعرضنا مقطع فيديو يجمع أمير بوالده أحمد رضا مباشرةً عقب التأهل إلى كأس العالم 2022.

أمير كان أحد أبطال التأهل الإيراني المبكر كحارس أساسي للمنتخب، وبمجرد أن انتهت المباراة، وجد والده أمام في أرض الملعب، فانهال على يده تقبيلًا، لقطة تم تخليدها بـ "جرافيتي" في شوارع طهران.

يعلّق حارس مرمى بونفيرادينا: "سأقول إنها واحدة من أجمل لحظات مسيرتي، خصوصًا مع المنتخب الوطني، تأهلنا وقتها إلى كأس العالم، كان أسرع تأهل للمونديال، وقد استطعت مساعدة الفريق، تمكّنت من المشاركة أكثر وقتها، لأني كنت موجودًا قبلها لعدة سنوات لكني لم أحصل على الفرصة حقًا لأشارك وأنقل طاقتي إلى الفريق، لكني هذه المرة ساعدت الفريق على التأهل".

"حدث ذلك في وطني، في ملعب أزادي، كان ذلك مميزًا للغاية، وفي نهاية المباراة أثناء الاحتفالات، كنت أعلم أن والدي موجودًا في المدرجات، كنت متوترًا بعض الشيء لأني كنت منتظرًا قدومه وكان هناك الكثير من الناس، وفجأة عندما التفت وجدته وخرج مني ذلك رد الفعل، تلك كانت لحظة مميزة للغاية".

بعد 20 عامًا من ظهور والده، نال أمير فرصة تذوق المونديال وتواجد في قائمة إيران بنسخة 2018.

لم يشارك في أي دقيقة وكان حارس احتياطيًا لـ علي رضا بيرانوند، لكنه بالتأكيد عايش الأداء الرائع لبلاده تحت قيادة كارلوس كيروش.

"كان كأس عالم مميزًا حقًا رغم أننا لم نتأهل للدور الثاني، أرضينا جماهيرنا وجعلناهم فخورين وسعداء. كانت مجموعة صعبة جدًا، بدأنا جيدًا بفوز على المغرب وهذا أعطانا آمالًا كبيرة أيضًا".

"خسرنا بسبب سوء الحظ أمام إسبانيا ثم تعادلنا أمام البرتغال، النتائج كانت جيدة للغاية، هناك منتخبات في مجموعات أخرى تأهلت بـ 3 نقاط، نحن امتلكنا 4 نقاط ولم نتأهل، كان سوء حظ".

"حصدنا 4 نقاط ولعبنا بشكل جيد وعندما عدنا إلى بلدنا رأينا أن الجمهور تفهّم ما قدمناه، أعتقد أنها كانت تجربة مميزة وستساعدنا على التحسن".

رحل كيروش عن إيران، تحوّل لتدريب كولومبيا، ثم مر سريعًا عبر مصر وكاد يكتب التاريخ، وفي النهاية استقر به المطاف أخيرًا في إيران حيث كسب قلوب شعبها لسنوات.

يقول عابد زاده عن كيروش: "حظيت بشرف العمل معه لسنوات، كان أول مدرب ضمني إلى المنتخب الوطني. أعتقد أن كل اللاعبين يحبونه، إنه يجلب الكثير من الانضباط للفريق ونحن نحتاج إلى مزيد من التنظيم والاتحاد".

"آمل أن يقوم معنا بعمل مميز، وأرى إشارات بالفعل، إنه مدرب عمل معنا لسنوات ثم عاد إلينا في آخر لحظة قبل كأس العالم، هذا دليل على معرفته الجيدة باللاعبين وبالبلد".

"يمكنه أن يقودنا، ونحن اللاعبون نشعر بحافز كبير وبالاتحاد لتقديم كأس عالم مميز وأن نجعل شعبنا سعيدًا".

المقابلة تمت تزامنًا مع الاحتجاجات الشعبية الإيرانية الشديدة عقب مقتل الشابة مهسا أميني بعد تعرضها للاحتجاز والضرب المبرح من عناصر الشرطة.

عابد زاده تحيّن المقابلة وتطرق للأحداث بوجه حزين: "الكثير من الأمور تحدث الآن في بلدي، والناس غير سعداء حقًا".

"واجبنا أن نحاول إسعادهم، لو سنجعل شخصًا واحدًا سعيدًا فهذا إنجاز، هذا يجعلنا نقدّم أقصى ما لدينا، نريد إسعاد الناس ورفع الحالة المعنوية في البلاد".

بالعودة لمسيرة عابد زاده مع منتخب إيران، فقد شهدت مسيرته الدولية انتفاضة في الجولات الأخيرة من تصفيات كأس العالم.

المدرب الصربي دراجان سكوشيتش قرر الاعتماد على عابد زاده بدلًا من بيرانورد.

فهل إقالة سكوشيتش وعودة كيروش أضرت فرص بيرانورد في اللعب أساسيًا؟

يعترض عابد زاده: "أعتقد أن التوقيت أيضًا ساعد على ذلك، فبعد رحيل كيروش لعبت موسمين مميزين للغاية مع ماريتيمو وتم ترشيحي لجائزة أفضل حارس مرمى في القارة، كما خضت موسمًا رائعًا مع بونفيرادينا".

"أعتقد أنني كنت سألعب أيضًا مع كيروش لو ظهرت بذلك الشكل في فترته الأولى، الأمر كله يتوقف على التوقيت، وأنا أقدر حقًا ما قدّمه لنا المدرب السابق".

"في الوقت نفسه، الحراس الآخرين الذين ينافسونني في المنتخب الوطني، وعندما ذهبوا إلى أوروبا لم يشاركوا بالشكل الكافي، ولذلك رأى المدرب أنني أستطيع مساعدة الفريق أكثر".

"قمت بأفضل ما لدي وأنا سعيد أننا تأهلنا إلى كأس العالم، كيروش عاد الآن وهو الشخص الذي يتخذ القرارات، يجب أن نثق في اختيارات مدربنا الذي يقودنا، هذا ما يجعل الفريق متحدًا، أن تثق في مدربك وزملائك، سندعم بعضنا البعض من أجل تقديم الأفضل للمنتخب".

في النهاية قررنا تكوين حارس المرمى المثالي مع عابد زاده، وقد جاءت اختياراته كالآتي:

بناء الهجمة: إيدرسون

سرعة رد الفعل: أوبلاك

التمركز: "لا أشاهده يلعب الآن، لكن منذ عدة سنوات أحببت بياتوف"

حركة القدمين: "بما أنني أعطيت بناء الهجمة لـ إيدرسون، سأختار الآن تير شتيجن"

التعامل مع العرضيات: "بناءً على ما أشاهده الآن، سأختار نيك بوب، إنه مميز للغاية. على سبيل المثال هو ليس عظيمًا بالقدمين، لكن بسبب قامته هو عظيم في ألعاب الهواء"

الشخصية: كاسبر شمايكل

ركلات الجزاء: "أحب دييجو ألفيش"

تسجيل الأهداف: مانويل نوير.

تسجيل الأهداف، مهارة لم تعد شائعة في حراس المرمى كما اعتدنا مع خوسيه لويس تشيلافيرت، روجيريو سيني، هانز يورج بوت، وآخرين، فهل تسجيل الأهداف لم يعد مغريًا لحراس المرمى الآن؟

يرد عابد زاده في نهاية الحديث: "ليس حقيقيًا أننا لا نرغب في تسجيل الأهداف، لكن كرة القدم تطورت للغاية".

"على سبيل المثال، لو تقدّم الحارس لتنفيذ ركلة حرة، وارتدت الهجمة عليه

فكرة القدم الآن باتت متطورة وفي ظرف تمريرات قليلة سيسجل الفريق الآخر".

"الوضع لم يكن كذلك في السابق، مارادونا -لعله يرقد في سلام- واجه أساليب دفاعية مختلفة تمامًا عما هي الآن، كل شيء تطور، حتى العرضيات، بيتر شمايكل كان يعتاد على الإمساك بالعرضيات بكل سهولة

لكن العرضيات الآن اختلفت طريقتها، العشب اختلف، والكرات باتت رطبة للغاية".

"ولهذا لا يمكن حقًا المقارنة مع الأمور وقتها وتسجيل حراس المرمى للأهداف، لا أعتقد أننا سنرى أبدًا حارسًا مثل خورخي كامبوس يخرج من مرماه ويراوغ اللاعبين".

"أيضًا أفكار المدربين تطورت ولم يعودوا يسمحون بهذه الأشياء، مدربي الآن يخبرنا أن نلعب السهل، وفي العام الماضي مدربنا السابق كان يطالبنا بلعب كرات طولية خلف الدفاع لخلق الفرص".

"المدربون يسيطرون الآن أكثر، واللعبة تطورت، ولهذا تشاهد حراسًا أقل يتقدمون ويسجلون الأهداف، ربما لو كنت متأخرًا بهدف فتقدّم وجرب حظك، أنا شخصيًا سبق وأن فعلت ذلك وتقدمت، نرى هذه الأمور ولكنها ليست معتادة مثل السابق".