يُنتج العالم 57 مليون طن (52 مليون طن لكل متر) من النفايات البلاستيكية كل عام ويتخلص منها في أعماق المحيطات لتصل إلى أجساد البشر وفقًا لدراسة جديدة قالت إن أكثر من ثلثي هذه النفايات تأتي من جنوب الكرة الأرضية.
إن التلوث الذي ينتج سنويًا يكفي لملء حديقة سنترال بارك في مدينة نيويورك بالنفايات البلاستيكية وليصل ارتفاعها إلى ارتفاع مبنى إمباير ستيت، وفقًا لباحثين في جامعة ليدز في المملكة المتحدة.
فحص الباحثون النفايات التي يتم إنتاجها في أكثر من 50 ألف مدينة وبلدة في جميع أنحاء العالم من أجل دراسة نُشرت في مجلة "Nature" يوم الأربعاء.
فحصت الدراسة النفايات البلاستيكية التي تُلقى في البيئة الطبيعية، مستثنيةً تلك التي تُرسل إلى مكبات النفايات أو تُحرق بشكل صحيح.
وأوضح مؤلفو الدراسة، أن الحكومات تفشل في إدارة النفايات بشكل فعال بالنسبة لـ15% من سكان العالم، مشيرين إلى أن هذا العجز يساهم بشكل كبير في زيادة إنتاج النفايات البلاستيكية في مناطق مثل جنوب شرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وأكدت الدراسة أن هذه المشكلة تؤثر بشكل خاص على 255 مليون شخص في الهند.
وبحسب كوستاس فيليس، مؤلف الدراسة وأستاذ الهندسة البيئية في جامعة ليدز البريطانية، فإن مدينة لاغوس النيجيرية تُعتبر المدينة الأكثر تلوثًا بالبلاستيك على مستوى العالم. وتأتي بعد لاغوس في قائمة المدن الأكثر تلوثًا بالبلاستيك كل من نيودلهي، ولواندا في أنغولا، وكراتشي في باكستان، والقاهرة في مصر.
وتتصدر الهند دول العالم في إنتاج النفايات البلاستيكية، وتنتج 10.2 مليون طن سنويًا (9.3 مليون طن للمتر)، أي أكثر بكثير من ضعف الدول التي تليها في التلوث، أي نيجيريا وإندونيسيا.
وقال فيليس، إن الصين التي غالبًا ما تُوصم بالتلوث تحتل المرتبة الرابعة، لكنها تخطو خطوات هائلة في الحد من النفايات. أما الدول الأخرى الأكثر تلوثًا بالبلاستيك فهي باكستان وبنغلاديش وروسيا والبرازيل.
هذه الدول الثمانية مسؤولة عن أكثر من نصف التلوث الناجم عن البلاستيك في العالم، وفقًا لبيانات الدراسة.
وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة 90 في قائمة الدول من حيث معدلات التلوث البلاستيكي، حيث تسجل أكثر من 52,500 طن من النفايات البلاستيكية (47,600 طن لكل مليون متر مربع).
في المقابل، تأتي المملكة المتحدة في المرتبة 135، حيث تسجل حوالي 5,100 طن من النفايات البلاستيكية (4,600 طن لكل مليون متر مربع)، وفقًا للدراسة.
أول معاهدة بشان النفايات البلاستيكية
اتفقت معظم دول العالم في عام 2022 على إبرام أول معاهدة ملزمة قانونًا -تشمل المحيطات- بشأن النفايات البلاستيكية. وستعقد المفاوضات النهائية للمعاهدة في كوريا الجنوبية في نوفمبر/تشرين الثاني.
استخدمت الدراسة الذكاء الاصطناعي للتركيز على المواد البلاستيكية التي تم حرقها بشكل غير صحيح، ما يمثل حوالي 57% من التلوث، أو التي تم إلقاؤها فقط.
وقال فيليس إنه في كلتا الحالتين فإن المواد البلاستيكية الدقيقة للغاية أو البلاستيك المتناهية في الصغر هي التي تحوّل حجم المشكلة من مصدر إزعاج بصري على الشواطئ وتنغيصا على الحياة البحرية إلى تهديد لصحة الإنسان.
هذا العام، تناولت العديد من الدراسات انتشار الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الشرب وأنسجة البشر، بما في ذلك القلب والدماغ والخصيتين. ورغم هذه الأبحاث، لا يزال الأطباء والعلماء غير متأكدين تمامًا من مدى التهديدات الصحية المحتملة لهذه الجسيمات.
وأشار فيليس إلى أن "القنبلة الموقوتة الكبرى تتجسد في انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة، التي يتم تسريبها بشكل رئيسي إلى جنوب الكرة الأرضية". وأضاف: "المشكلة بالفعل هائلة، إذ نجد هذه الجسيمات في الأماكن الأكثر نُدرة، من قمم إيفرست إلى خندق ماريانا في المحيط، وفي الهواء الذي نتنفسه، والطعام الذي نأكله، والمياه التي نشربها".
وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع إنتاج البلاستيك من حوالي 440 مليون طن سنويًا إلى أكثر من 1200 مليون طن. وقد صرحت بأن "كوكبنا يختنق بالبلاستيك".