بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 08/03/2023 - 22:31
خلال المظاهرة في تبليسي أمام مقر مجلس النواب - الأربعاء 8 آذار/مارس 2023 - حقوق النشر Vano SHLAMOV / AFP
استمرت المظاهرات الحاشدة في جورجيا الأربعاء لليوم الثاني على التوالي بعد ليلة أولى شهدت مواجهات في العاصمة تبليسي بين الشرطة والمحتجين، على خلفية قانون جديد ومثير للجدل تريد الحكومة إقراره.
ويوحي زخم اليومين الأولين للمظاهرات، إضافة إلى ردود الفعل الدولية التي صدرت عن دوائر القرار في بروكسل وواشنطن، بأن جورجيا تقف، على خطى أوكرانيا، بين موسكو والغرب.
شبح موسكو يخيّم على تبليسي
يتهم المعارضون الحكومة بأنها تسلك درب الكرملين لناحية التضييق على الإعلام واستهداف المنظمات غير الحكومية من خلال تشريع "العملاء الأجانب" الذي يذكر بقانون روسي تستخدمه موسكو لإسكات المعارضين.
وتظاهر عشرات الآلاف ضدّ القرار الأربعاء وردد بعضهم شعارات مناوئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي المساء، حاول البعض اقتحام مقر البرلمان في تبليسي ولكن الشرطة منعتهم، واستخدمت خراطيم المياه لتفريقهم، كما تلقت الدعم من شرطة مكافحة الشغب.
وخلال يومين اعتقلت الأجهزة الأمنية عشرات المحتجين الموالين للغرب.
وتسود مخاوف من أن تجنح الجمهورية القوقازية الصغيرة التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، نحو الاستبداد وتنحني أمام الضغوط السياسية التي يمارسها الحزب الحاكم.
وخاضت روسيا وجورجيا حرباً عام 2008 دامت خمسة أيام. وقتئذ تدخل الجيش الروسي بحجة حماية السكان الناطقين باللغة الروسية في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
ومع أن روسيا لم تضم المنطقتين إليها كما حصل مع المناطق الأربع بأوكرانيا، إلا أنها نشرت فيهما قوات عسكرية.
إضافة إلى ذلك، ثمة مخاوف من عودة حقبة سياسية تشبه الحقبة السوفياتية إلى حد ما. ذلك أن تصنيف "العميل الأحنبي" في جورجيا يذكّر بعبارة "عدو الشعب" العائدة للحقبة السوفياتية، واستخدمته السلطات آنذاك بشكل مكثّف للتخلص من المعارضين.
الاتحاد الأوروبي والناتو
قدمت جورجيا طلباً رسمياً للانضمام للاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدافيا بعد أيام على غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/فبراير العام الماضي. وفي حزيران/يونيو منح قادة الاتحاد رسميا وضع مرشح لكل من كييف وكيشيناو، لكنهم قالوا إن على تبليسي تطبيق عدد من الإصلاحات أولاً.
ويكرس الدستور الجورجي مساعي الانضمام لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ويؤيدها 80 بالمئة من الشعب على الأقل، وفق استطلاعات الرأي.
وقالت إحدى المتظاهرات في تبلسي "سبب مجيئي إلى هنا هو الاحتجاج على السياسة الروسية التي نرى أن حكومتنا تكشف عنها بالفعل بشكل واضح ومباشر.. اليوم، مرة أخرى، نشهد لحظة حاسمة جداً في تاريخنا لحماية قيمنا الأوروبية والقول إن جورجيا يجب أن تصبح جزءاً من أوروبا".
أما قالت تامونا كيرخفادزه، الخبيرة الاقتصادية البالغة 37 عاماً، والتي شاركت في التظاهرة فقالت لوكالة فرانس برس "نريد أوروبا، نريد الغرب"، مضيفةً "نريد مستقبلاً مشرقاً لنا ولأطفالنا".
إدانة أمريكية وأوروبية
دان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، القانون معتبراً في بيان مساء الثلاثاء أنه "يتناقض" مع قيم الاتحاد الأوروبي وهدف إعادة الانضمام للكتلة الأوروبية.
من جهتها، اعتبرت السفارة الأمريكية في جورجيا التشريع "مستلهماً من الكرملين" وقالت إنه يناقض رغبة تبليسي بالانضمام للاتحاد الأوروبي. وبعد قراءة أولى للقانون، قالت السفارة إن "هذا اليوم يوم مظلم للديمقراطية الجورجية".
زيلينسكي يأمل في "نجاح ديمقراطي"
الأربعاء أيضاً، دخلت أوكرانيا على الخطّ، حيث أعرب الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، عن أمله في أن يحقق المحتجون "نجاحاً ديمقراطياً". وقال زيلينسكي في مداخلته المسائية "ما من أوكراني لا يتمنى لجورجيا الصديقة النجاح. النجاح الديمقراطي، النجاح الأوروبي".
سياسة متوازنة؟
واجهت السلطات الجورجية انتقادات دولية متزايدة بشأن ما يُعتقد أنه تراجع عن الديمقراطية، ما أضر بشكل خطير بعلاقات تبليسي مع بروكسل. ولكن رئيس الوزراء، إيراكلي غاريباشفيلي، دافع دائماً عن سياساته "المتوازنة" المتعلقة بروسيا.
كرر غاريباشفيلي دائماً أن سياسته تهدف إلى ضمان "السلام والاستقرار" مع الجار الأكبر، روسيا. ولكن الرئيسة الجورجية، سالومي زورابيشفيلي، أعربت عن دعمها للمتظاهرين وتعهدت رفض التشريع.
ومؤخراً تعرضت الحكومة لانتقادات شديدة بسبب تردي الوضع الصحي للرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي، الذي كان بالمناسبة على رأس الدولة عندما خاضت البلاد حربا ضدّ روسيا عام 2008.