أعلن شقيق الناشط الإيراني في مجال حرية التعبير حسين روناغي، المعتقل في طهران والذي ينفذ إضراباً عن الطعام ويعاني من "حالة حرجة"، أنه سيبدأ برفض الماء بعدما رفضت السلطات الإفراج عنه لدواعٍ طبية.
أوقف حسين روناغي البالغ من العمر 37 عاماً بعد أيام على إدلائه علانية بتصريحات عارض فيها حملة قمع الاحتجاجات التي اندلعت في إيران في سبتمبر-أيلول على أثر وفاة مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق. وكتب شقيقه حسن عبر "تويتر"، "قال حسين في مكالمة من السجن إنه أصيب بنوبات عدّة مرّات في الآونة الأخيرة. اليوم انخفض ضغط (دم) حسين بشدّة وفقد الوعي".
وضع صحي هش
وأضاف أن إدارة السجن رفضت الإفراج عنه لدواعٍ صحية "على الرغم من أنه... في حالة حرجة"، مشيرًا إلى أنّ "حسين قال إنه سيبدأ في رفض الماء منذ الليلة".
وكان روناغي يُجري مقابلة مع قناة "إيران انترناشونال" التي تتخذ من لندن مقرّاً في الـ 22 سبتمبر-أيلول عندما حضر رجال الأمن إلى منزله، حسبما أفادت القناة.
ونشرت مقطع فيديو يُظهر حسين قلقاً ولكنه أصرّ على مواصلة المقابلة. وأضافت القناة أنّ الناشط الذي كان يكتب في صحيفة "وول ستريت جورنال"، تمكّن من التسلّل من المبنى الذي يقطن فيه عبر موقف السيارات، ونشر لاحقاً رسالة فيديو من مكان لم يكشف عنه.
ولكنّه اعتُقل وتعرّض للضرب من قبل عناصر الأمن عندما ذهب إلى سجن إوين في طهران للقاء النائب العام في 24 أيلول/سبتمبر، وفق شقيقه. وقال حسن عبر "تويتر" السبت "مهما حدث لحسين، فإنّ القضاء ووزارة الاستخبارات وتنظيم السجون، والمدعي العام ومكتب القائد، سيكونون مسؤولين".
قالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرّاً إنّ 326 شخصًا على الأقل قُتلوا في الاحتجاجات في مختلف أنحاء إيران، منذ وفاة أميني في الـ 16 من سبتمبر-أيلول، بعد ثلاثة أيام على اعتقالها لاتهامها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية. وأُلقي القبض على آلاف الأشخاص، بمن فيهم أكثر من عشرة محامين اعتُقلوا بعدما سعوا للدفاع عن محتجزين.
وقالت الحكومة إن وفاة أميني سببها مشكلات صحية كانت تعاني منها، وإن الاحتجاجات أذكاها أعداء إيران الأجانب ومن بينهم الولايات المتحدة. وتعهدت الحكومة بإعادة توطيد دعائم النظام. وتتهم الحكومة مسلحين انفصاليين بارتكاب أعمال عنف والسعي لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية.
مظاهرات عارمة
ويوم الجمعة خرج إيرانيون في جنوب شرق البلاد المضطرب في احتجاجات على حملة قمع نفذتها قوات الأمن في 30 سبتمبر-أيلول وعرفت باسم "الجمعة الدامية" في وقت استمرت فيه الاحتجاجات في أنحاء البلاد مطالبة بإنهاء حكم رجال الدين.
وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن قتلت بشكل غير قانوني ما لا يقل عن 66 شخصا، بينهم أطفال، في ذاك اليوم بإطلاق الذخيرة الحية والخرطوش والغاز المسيل للدموع على المحتجين في زاهدان عاصمة إقليم سيستان-بلوخستان.
وتأجج الغضب الشعبي قبل إطلاق النار في 30 سبتمبر-أيلول بسبب مزاعم باغتصاب ضابط شرطة لفتاة في سن المراهقة. وقالت السلطات إن القضية قيد التحقيق.
ووقع بعض من أسوأ الاضطرابات في المناطق التي تسكنها أقليات عرقية لها مظالم قائمة منذ فترة طويلة ضد الدولة، بما في ذلك إقليم سيستان-بلوخستان ومناطق تركز الأكراد.
وإقليم سيستان-بلوخستان القريب من الحدود الجنوبية الشرقية لإيران مع باكستان وأفغانستان هو موطن لأقلية البلوخ التي يقدر عددها بنحو مليوني شخص. وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن أقلية البلوخ عانت من التمييز والقمع على مدى عقود. كما أن الإقليم واحد من أفقر مناطق البلاد وبؤرة للتوتر تتعرض فيها قوات الأمن الإيرانية للهجوم من مسلحي البلوخ.
وقال مجلس أمن الإقليم إن معارضين مسلحين هم الذين استفزوا اشتباكات زاهدان مما أدى إلى مقتل أبرياء، لكنه اعترف بوجود "نقاط ضعف" من الشرطة مما أدى إلى تسريح بعض أفرادها. وتجد القوات الأمنية صعوبة في السيطرة على الاحتجاجات رغم تحذيرات الحرس الثوري الإيراني وجهود ميليشيا الباسيج التي تقود حملة القمع.
330 محتجا قتلوا في الاضطرابات
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) إن 330 محتجا قتلوا في الاضطرابات حتى يوم الخميس، بينهم 50 قاصرا. وأضافت أن 39 فردا من قوات الأمن لاقوا حتفهم أيضا. واعتُقل نحو 15100 شخص.
وأفدت وكالة أنباء شبه رسمية في 31 أكتوبر-تشرين الأول أن القضاء الإيراني سيجري محاكمات علنية لنحو ألف شخص متهمين بالاضطرابات في طهران.
وهؤلاء الأشخاص متهمون بارتكاب أعمال تخريب أو اعتداء أو قتل أفراد من قوات الأمن أو إضرام النار في الممتلكات العامة. وحث خبراء في مجال حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة السلطات الإيرانية في بيان يوم الجمعة على الكف عن توجيه اتهامات يعاقب عليها بالإعدام لأشخاص شاركوا، أو يُزعم أنهم شاركوا، في احتجاجات سلمية.
وعبر الخبراء، وهم مقررون خاصون، عن قلقهم من أن النساء والفتيات اللائي كن في طليعة الاحتجاجات قد يتم استهدافهن بشكل خاص. وظهر في مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، قيل إنها من بلدة سارافان في سيستان-بلوخستان، محتجون يرتدون ملابس البلوخ التقليدية ويطالبون بموت المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والباسيج.
ورصدت منظمة العفو الدولية أسماء 100 شخص على الأقل من المحتجين والمارة والمصلين، من بينهم 16 طفلا، قتلوا على أيدي قوات الأمن في سيستان-بلوخستان منذ 30 سبتمبر-أيلول.
وقال عبد الحميد إسماعيل، أبرز رجل دين سني في إيران ومنتقد منذ فترة طويلة للزعماء الشيعة في إيران، في خطبة صلاة الجمعة في زاهدان "أين تدربت القوات العسكرية على إطلاق النار على الناس؟ اتضح اليوم أن الناس قتلوا ظلما. يتعين على السلطات إدانة هذه الجريمة، ويجب تقديم من أمر بأحداث الجمعة الدامية ومرتكبيها للمحاكمة".
"الموت للطاغية"
والتوترات قد تتفاقم فيما يبدو مرة أخرى في زاهدان. وقال قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، البريغادير جنرال محمد باكبور، أمام تجمع لشيوخ العشائر السنية والشيعية والزعماء الدينيين في زاهدان "الطريق نحو الهدوء في المنطقة يتمثل في الوجود المسؤول للزعماء الدينيين".
ونقل التلفزيون الرسمي عن باكبور قوله "على زعيمنا الروحي، سواء أكان شيعيا أم سنيا، أن ينتبه لما يقول". وأظهر المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي حشدا عند مقبرة بهشت زهرا (جنة الزهراء) في طهران لتأبين أمیر مهدي فرخي بور ذي الـ 17 ربيعا، والذي يقال إن قوات الأمن قتله قبل 40 يوما. وظهر المشاركون وهم يهتفون "الموت للطاغية" بعد ترديد أغنية وطنية.
ونشرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) مقطعا مصورا قالت إنه من بلدة راسك، في جنوب شرق البلاد، وظهر فيه محتجون يتولون رعاية محتج أصيب برصاصة في ظهره وآخر أصيب في ذراعه.
عقوبات على إيران
وأظهرت مقاطع مصورة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات في خاش، في جنوب شرق البلاد، التي قتلت فيها قوات الأمن 18 شخصا على الأقل في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني، وفقا لمنظمة العفو الدولية. وأظهرت المقاطع أيضا احتجاجات في مدن أخرى في جنوب شرق البلاد، منها إيرانشهر التي ظهر فيها محتجون وهم يركضون لتفادي قنابل الغاز المسيل للدموع وسط أصوات لما قد يكون إطلاق نار. ولم ترد الحكومة على تقرير منظمة العفو، لكنها استنكرت انتقادات مماثلة واصفة إياها يالتحيز.
وفي سياق متصل بالمظاهرات في إيران والوضع الدولي، قال المستشار الألماني أولاف شولتس السبت إنه يميل لفرض الاتحاد الأوروبي جولة جديدة من العقوبات على إيران هذا الأسبوع. وذكر شولتس في مقطع مصور نُشر على تويتر "نريد مواصلة تكثيف الضغط على الحرس الثوري والقيادة السياسية".