أفاد تقرير حديث صادر عن شركة البحوث على الإنترنت "غرافيكا" (Graphika)، أن حملة صينية تُعرف باسم "سباموفلاج" (Spamouflage) أنشأت حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف الناخبين الأمريكيين والجنود. وتهدف الحملة إلى تعزيز الانقسامات داخل المجتمع الأمريكي قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024.
وأشار التقرير إلى أن الحملة الصينية أنشأت حسابات وهمية تظاهرت بأنها لناخبين وناشطين أمريكيين، وركزت على نشر محتوى حول قضايا ساخنة مثل حقوق الإنجاب والتشرد، ودعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، والسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل.
وانتقدت هذه الحسابات الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، وكذلك الرئيس السابق دونالد ترامب والحزب الجمهوري. واستخدمت الحملة أدوات الذكاء الاصطناعي أحيانًا لإنشاء المحتوى المزيف.
وقد حدد تقرير شركة "غرافيكا" وجود حوالي 15 حسابًا على منصة "إكس" (المعروفة سابقًا بتويتر)، وحساب واحد على تيك توك، بالإضافة إلى شخصية تروج لنفسها كوسيلة إعلام أمريكية شهيرة.
وادعت الحسابات أنها تعود لمواطنين أمريكيين أو لناشطين معترضين على السياسات الأمريكية والغربية.
ورغم ذلك، وباستثناء مقطع فيديو واحد على تيك توك، لم تحظَ معظم المنشورات بتفاعل كبير من جانب المستخدمين الحقيقيين عبر الإنترنت.
وأعلنت OpenAI، الشركة المسؤولة عن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل "شات جي بي تي"، يوم الخميس أنها قد قامت بإزالة عمليات التأثير المرتبطة بروسيا والصين وإيران.
"سلوكيات خادعة"
أوضح جاك ستابز، كبير مسؤولي الاستخبارات في شركة "غرافيكا"، أن هذا النشاط يبرز كيف تستغل الصين تقنيات متطورة ومخادعة لاستهداف فئات اجتماعية حساسة مباشرة.
وأشار ستابز إلى أن هذه المحاولات تُعتبر جزءًا من جهود أوسع تهدف إلى تصوير الولايات المتحدة كقوة عالمية تتراجع، مع قيادة سياسية هشة ونظام حكم فاشل.
وقالت مجموعة الاستخبارات الأمريكية في أحدث تحديث لها بشأن أمن الانتخابات في أواخر يوليو، إن عمليات التأثير الصينية "تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لبث الانقسامات في الولايات المتحدة وتصوير الديمقراطيات على أنها فوضوية".
ومع ذلك، يقول مسؤولو الاستخبارات إنهم لا يعتقدون أن بيكين تخطط للتأثير على نتيجة انتخابات الرئاسة، وهذا قد يفسر لماذا استهدفت مجموعة سباموفلاج Spamouflage التي حددتها "غرافيكا" الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
أوضح ستابز قائلاً: "بشكل عام، كانت الانتقادات الموجهة لبايدن شديدة، لكننا شهدنا أيضًا انتقادات موجهة لترامب. وفي الأسابيع الأخيرة، ركز النقد بشكل متزايد على كامالا هاريس منذ انسحاب بايدن من سباق الترشح. يبدو أنهم يسعون إلى تشكيل هوياتهم الوهمية بطريقة تقلل من التركيز على حزب أو مرشح محدد، وبدلاً من ذلك، يركزون أكثر على مفهوم الوطنية الأمريكية أو الفخر القومي".
أكبر شبكات الحسابات الوهمية عبر الإنترنت
"غرافيكا" هي شركة أبحاث متخصصة في تحليل الشبكات الاجتماعية ومجتمعات الإنترنت، وتقدم خدماتها للشركات، منصات التكنولوجيا، منظمات حقوق الإنسان، والجامعات.
استندت نتائجها إلى تقرير صادر عن معهد الدراسات الاستراتيجية، وهو منظمة غير ربحية متخصصة في دراسة التطرف والمعلومات المضللة. التقرير كشف عن وجود أربع حسابات إضافية ضمن حملة Spamouflage على منصة "إكس"، تتظاهر بدعمها للرئيس السابق ترامب وحركة MAGA.
"غرافيكا" كشفت لأول مرة عن عملية Spamouflage علنًا في عام 2019. منذ ذلك الحين، توسعت لتصبح واحدة من أكبر الشبكات التي تنشر حسابات وهمية على الإنترنت. ركزت هذه العملية بشكل رئيسي على تعزيز الروايات المؤيدة للصين، بما في ذلك مهاجمة المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ، الإشادة بطريقة تعامل الصين مع جائحة COVID-19، ونشر مقاطع فيديو إخبارية مولدة بالذكاء الاصطناعي للترويج للقيادة الصينية.
وصرح متحدث باسم تيك توك، أنه "تم حظر الحسابات المذكورة في هذا التقرير، وسنواصل العمل على إزالة الحسابات المزيفة والمعلومات المضللة الضارة لضمان حماية سلامة منصتنا، خصوصًا خلال الانتخابات الأمريكية".
وأضاف: "هم ببساطة يقومون برمي الكثير من الأمور، ومن حين لآخر قد يلتصق شيء منها. لكن من الواضح أن استراتيجية إلقاء المعكرونة على الحائط وانتظار التصاقها ليست طريقة ناجحة على المدى الطويل".