تصفية ناشط يمني معتقل لدى الحوثيين تفجر غضباً شعبياً ورسمياً

منذ 1 سنة 231

تسبب مقتل ناشط يمني معتقل لدى الحوثيين بمحافظة إب في تفجير موجة غضب شعبية ورسمية، وسط مطالب بالتحقيق والاقتصاص له، في حين لقيت انتفاضة آلاف المشيعين الذين شاركوا في جنازته إشادة من رئيس مجلس القيادة اليمني، كما رأى فيها مراقبون نواة لانتفاضة أوسع لطرد الحوثيين من المحافظة.

وكان الآلاف من السكان في مدينة إب (293 كلم جنوب صنعاء) شيعوا الناشط حمدي عبد الرزاق الخولاني المشهور باسم «المكحل» ورددوا هتافات غير مسبوقة ضد الحوثي؛ حيث يتهمون الميليشيات بتصفية المكحل في السجن قبل تسلميه إلى أهله جثة هامدة.

وأفادت وكالة «سبأ» بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي عبر عن اعتزازه وافتخاره بالانتفاضة الشعبية في وجه جماعة الحوثي في محافظة إب، وذلك عقب متابعته التشييع الجماهيري للشاب حمدي عبد الرزاق الخولاني المعروف بالمكحل.

ونقلت الوكالة عن مصدر رئاسي أن العليمي وصف المكحل بأنه «صوت صادق في التعبير عن معاناة ملايين اليمنيين الذين أنهكتهم سياسات التجويع الممنهجة، وممارسات الميليشيات، وقياداتها الغارقة في الفساد، ومصادرة الحريات والممتلكات العامة والخاصة».

ووفقا للمصدر، أمر العليمي باعتماد راتب لعائلة الضحية المكحل ضمن قوات الجيش والمقاومة، وقال إن إجراءات الميليشيات الحوثية التي أعقبت الجنازة بما فيها الاعتقالات التعسفية الواسعة التي طالت الشباب الغاضب، تعكس مدى الرعب الذي تصنعه الأصوات الوطنية المطالبة بالحرية في قلوب قيادات الجماعة، ومشرفيها الطارئين، وتؤكد مدى ضعفها وهشاشتها أمام الإرادة الشعبية الملهمة.

في غضون ذلك، نددت منظمات حقوقية محلية دولية بواقعة وفاة الناشط المكحل واتهمت الميليشيات الحوثية بتصفيته، في السجن بعد اعتقاله.

وأوضحت منظمة «أور رايت» البريطانية أن القتيل جرى اختطافه عدة مراتٍ بسبب آرائه في حساباته الشخصية على منصات التواصل الاجتماعية، مشددة على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية في ملابسات الواقعة.

ولم تخفِ المنظمة شكوكها حول ملابسات الجريمة ورواية الميليشيات الحوثية حولها، التي تتحدث عن مقتل المكحل بعد هروبه من السجن، وعدتها دليلا ماديا واضحا على الوحشية التي تمارسها الميليشيات بحق المعارضين السياسيين والناشطين في مناطق سيطرتها.

وشيعت جماهير غفيرة (الخميس) في مدينة إب جثمان الشاب حمدي المكحل الذي توفي قبل أيام في ظروف غامضة داخل سجن تديره الميليشيات الحوثية في المحافظة، بينما زعمت الميليشيات أنها وجدت جثته بعد فراره من السجن.

وردد المشاركون في التشييع هتافات مناهضة للانقلابيين الحوثيين، مطالبين بالقصاص والثأر له من جماعة الحوثي التي اتهموها بتصفيته داخل السجن بعد خمسة أشهر من اختطافه بتهمة الدعوة إلى إثارة الفتن والتحريض على التمرد.

ونشرت الميليشيات الحوثية عناصرها فيما يشبه الطوق على مدينة إب منذ الإعلان عن موعد تشييع المكحل الثلاثاء الماضي، وخلال التشييع واجهت المشاركين في الجنازة بالاعتداءات وإطلاق النار لتفريقهم واختطاف عدد منهم.

وأعرب أهالي المدينة عن تضامنهم مع الضحية عبر تقليده بوضع الكحل على أعينهم؛ حيث شوهد المئات منهم وقد كحلوا أعينهم، في حين ترددت زغاريد النساء من بيوت مدينة إب القديمة خلال التشييع.

وطبقا لأهالي إب؛ فقد حاولت الميليشيات الحوثية منع المشيعين من الوصول إلى المقبرة بوضع الحواجز في الطرقات وإطلاق النار في الهواء، في حين رد المشيعون بإطلاق أعيرة نارية في الهواء، وترديد هتافات تتعهد بالانتقام.

وأعلنت الميليشيات الحوثية، الأحد الماضي، وفاة الشاب حمدي عبد الرزاق الملقب بـ«المكحل» في رواية غير رسمية صدّرتها عبر أتباعها وعبر منصات إعلامية واجتماعية مختلفة، مدعية أنه هرب من إدارة أمن محافظة إب ووجد ميتا بعد هروبه.

وحمّل ناشطون اجتماعيون وسياسيون وحقوقيون الميليشيات المسؤولية عن وفاة المكحل، داعين المجتمع الدولي إلى التدخل للتحقيق في الحادثة وكشف ملابساتها، وإلزام الميليشيات بالكف عن ممارساتها تجاه الناشطين ووقف تقييد الحريات وتكميم الأفواه.

واشتهر المكحل بمقاطع الفيديو التي يبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة لمواجهة الميليشيات الحوثية والتصدي لممارساتها وفسادها التي أدت إلى تجويع وإفقار اليمنيين، وهي المقاطع التي لقيت رواجاً كبيراً، وتناقلها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى حالة استنفار لدى الميليشيات الحوثية. وعقب نشر تلك الفيديوهات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ أظهرت الميليشيات الحوثية قلقها من استجابة مواطني المحافظة لدعوته، وحاصرت مدينة إب القديمة عدة أيام، وقطعت عنها خدمة الإنترنت حتى تمكنت من مداهمة منزل المكحل واختطافه وتغييبه في سجونها.

وانتقل الغضب إلى الشخصيات السياسية والاجتماعية المؤيدة للميليشيات الحوثية، التي بدورها شككت في رواية الميليشيات واتهمتها بالتستر على مرتكبي الجريمة.

وكتب عضو البرلمان الانقلابي الذي تديره الميليشيات أحمد سيف حاشد على حسابه في «تويتر»: «إب أرسلت رسالتها بقوة، ورسالة أخرى تكشف في فحواها ما تشهده وما بلغته من رفض واحتقان، حمدي المكحل اليتيم الطيب المستضعف تحتشد حوله إب، وينال تعاطف شعبنا في اليمن كله».

وتابع: «غرور السلطة واستمرار الاعتماد على سلطة الغلبة والإخضاع على حساب حقوق الناس، كل هذا سيصيبها في مقتل ولو بعد حين لا أظنه بعيدا».

من جانبه، استنكر محمد المقالح عضو ما كان يعرف باللجنة الثورية العليا للميليشيات، الجريمة ورواية الميليشيات حولها، التي نعتها بالألغاز التي ظهرت بعد غضب الناس لتؤكد تستر الميليشيات على المتورطين في السجن الذي كان محتجزا فيه.

وخاطب قادة الميليشيات قائلا: «كل من ترسلونهم من النهابة إلى إب صمتوا كالأفاعي ولم يصدروا بيانا توضيحيا واحدا بخصوص مقتل المكحل. سيورطونكم في دماء وأموال الناس ثم يهربون كالقطط ويتخلون عنكم وعن المسؤولية بكل بساطة».