ترمب و«الليلة الكبيرة»

منذ 1 أسبوع 26

لم تكن المباراة النهائية بالدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، «سوبر بول»، منذ انطلاقها قبل 60 عاماً، تستأثر باهتمام في العالم يوازي شعبيتها وشهرة نجومها داخل الولايات المتحدة، وفشلت عشرات الأفلام الهوليوودية في إقناع جماهير الرياضة خارج البلاد بالإقبال على ممارستها أو الاهتمام بأخبارها حتى في الجارة المكسيك، غير أن السنوات الأخيرة عرفت تغييراً في استراتيجية «رابطة الدوري» بتسويق حقوق بث المنافسات عالمياً وإقامة بعض المباريات منذ 2005 في كندا وإنجلترا وألمانيا؛ مما زاد من شهرة اللعبة ومتابعة مبارياتها.

وباتت مباراة الـ«سوبر بول» منذ 1966 المناسبة الجماهيرية الأهم في أميركا، قبل أن تضع الشركات التجارية يدها وتحول يوم إقامة المواجهة إلى مهرجانات للعروض الفنية بحضور مشاهير هوليوود، ومشاركة نجوم الغناء لتقديم فقرات موسيقية راقصة بين شوطي المباراة، فضلاً عن فتح نقاط بيع المشروبات والوجبات السريعة، مع أطنان من البيتزا التي ربطتها الإعلانات على مدى 60 عاماً بهذه المباراة حتى أصبحت في ذهن المشجع ضرورة لا تكتمل المتعة من دونها.

حمى الـ«سوبر بول» بلغت ذروتها في نسخة 2024 من خلال عدد المشاهدين وأرقام العائدات المالية؛ مما زاد من الإقبال على تذاكر مباراة عام 2025، ورفع تكاليف الإعلانات وأسعار حقوق البث. ويبدو أن الإقبال على المناسبة قاد دونالد ترمب ليصبح أول رئيس أميركي يحضر المباراة خلال مدة ولايته، خصوصاً أنها تمنحه نشوة الظهور مجدداً أمام أكبر عدد من مواطنيه. وبالفعل، تمكن ترمب من امتطاء الـ«سوبر بول»؛ بدءاً من مغادرته إلى نيو أورليانز، مروراً بإجراء مقابلة مع شبكة «فوكس» قبل المباراة، والدخول إلى أرض الملعب ومصافحة النجوم، وانتهاءَ بمغادرة المكان و«قصف» المغنية تايلور سويفت بوابل من عبارات التهكم من على منصته «تروث سوشيال».

شعبية الـ«سوبر بول» زادت في المباراة الأخيرة بعدما بُثّت في 180 دولة بـ20 لغة، وشاهدها ملايين الناس حول العالم، من بينهم 132 مليون شخص تابعوها عبر شبكة «فوكس» وقنواتها مثل «فوكس ديبورتيس» و«تيليموندو» وخدمة «توبي» للبث المباشر التابعة للشبكة نفسها، محققة رقماً قياسياً في عدد مشاهديها عبر شبكة واحدة. هذه الشعبية كانت سبباً في بيع الإعلان لمدة 30 ثانية مقابل 8 ملايين دولار، بعد إقبال الشركات على استهداف الجمهور من خلال الـ«سوبر بول»؛ مما جعل وسائل إعلام أميركية تتوقع ارتفاع أرباح المناسبة إلى 18 مليار دولار.

نجاح مباراة الـ«سوبر بول» الأخيرة يؤكد أن كرة القدم الأميركية تسعى لمزاحمة نظيرتها التقليدية في العالم، بعدما أصبح «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» يلتهم الأخضر واليابس حتى في الولايات المتحدة، مستفيداً من قوته التسويقية في الاستيلاء على حصة كبيرة من كعكة الإعلانات والرعاية التجارية وحقوق البث في بلاد العم سام. ومن المرجح أن تنطلق اللعبة الأميركية خارج محيطها بدعم من شركات التسويق العملاقة بهدف الانتشار لجني عائدات مالية أكبر، في انتظار سباق محموم ربما يصل إلى مرحلة كسر العظم مع «فيفا» في مستقبل الأيام.