تجاوزات الهاتف أثناء الخطبة

منذ 1 أسبوع 27

تجاوزات الهاتف أثناء الخطبة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2024 ميلادي - 12/5/1446 هجري

الزيارات: 29


السؤال:

الملخص:

سائلة تأخَّر زواجها؛ فهي في الأربعين من عمرها، ولما خُطبت لابن عمها، أحبته، وتعلقت به، ووقعت بينهما تجاوزات لا يُستهان بها في الهاتف، وفجأة وبلا أسباب، تركته، وتابت إلى الله، وهي تريد الرجوع إليه، وتسأل: ما الحل؟ وكيف الثبات على الدين في زمن الفتن؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الأربعين من عمري، خطبني ابن عمي، ووافق عليه أهلي، وتعلَّقت به كثيرًا؛ لدينه وخُلُقِهِ الكريم معي، وقد ساندني في دراستي العليا، وفي ظروف قاسية مررت بها مع أهلي، ولم يكن يرفض لي طلبًا، ولكن تركته بدون سبب وبدون وعي وإدراك، كأنه سِحْرٌ أو عينٌ أُصبْتُ بها، وكنت أكلمه يوميًّا صوتًا وصورة، وكانت بيننا تجاوزات لا يُستهان بها، والآن ندمت على فسخ الخطوبة وقطع التواصل معه، وأريد إتمام الزواج به، فهل يجوز لي الاعتذار له عبر الهاتف، وتوضيح الأسباب له، خاصة أنها كانت أسبابًا واهية، وبدون إدراك؟ وأمر آخر أريد معرفته؛ فبَعْدَ أن تركت ابن عمي، اتجهتُ إلى الله، والتوبة النصوح من ذنوب الهاتف وما يقع فيه من مخالفات، واتجهت إلى طلب العلم، وحفظ القرآن، وترك المحرمات، وأريد الثبات على هذا الأمر طوال عمري إن شاء الله، فما هي وسائل الثبات في هذا الزمن؟ وما نصيحتكم لي ولبنات المسلمين اللاتي تأخر زواجهن؟ حفظكم الله، وجزاكم خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأشكركِ يا أختي على تواصلكِ مع قسم الاستشارات بموقع الألوكة، وأسأل الله العظيم أن يثبتكِ على طاعته، وأن يصرف عنكِ كل سوء وشرٍّ، وأن يعيننا على تقديم ما ينفعكِ؛ وإليكِ هذه الوقفات:

شرع الله الزواج من أجل بناء علاقة وثيقة بين الزوجين، وهو عبادة لله يُؤجَر الإنسان عليها، إذا كان قصده العَفاف وإكثار النسل؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].

التعارف والتواصل قبل الزواج له فوائده؛ كالتعرف على ما يرغب الشخص في شريكِ حياته من عبادات وأخلاق ومعاملات، ومن سلبياته الإفراط في العلاقة دون حاجة ضرورية؛ مما يُوقِع الشخص في الخطأ الشرعي أو العرفي مع الشريكِ الآخر.

لا بد من الوقوف على الأسباب الحقيقية في إلغاء الخطوبة، وهل هي مقبولة ومقنعة أو غير مقبولة؟ آمُلُ كتابتها في ورقة، سواء المتعلقة بكِ أو بالرجل، ومن ثَمَّ تصنيفها إلى أسباب مقبولة وغير مقبولة.

أنتِ تذكرين أن لكِ رغبةً في العودة إليه ثم الاقتران به، فهل لديه نفس الرغبة؟ وهل هو متأثر إلى الآن بفسخ الخطوبة؟ لذا أقترح عليكِ أن يتواصل معه أحد المصلحين من الأقارب، ويكون محبًّا لكما؛ ليعرف رأيه في الموضوع، وهل له رغبة في العودة؟ وهل في ذهنه استفسارات وملاحظات عنكِ تجعله يرفض العودة؟ أسئلة من الضروري أن يتعرف عليها المصلح قبل أن يجمعكما، ويصلح بينكما.

التوبة والرجوع إلى الله، وطلب العلم نعمة عظيمة من الله سبحانه لعباده، فإذا وفَّقكِ الله لها، فاحمدي الله واشكريه، واطلبي منه الثبات عليها؛ قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾ [القصص: 67]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَلَّهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده من أحدكم إذا استيقظ على بعيره، قد أضلَّه بأرضٍ فَلَاة))؛ [رواه مسلم].

تخلصي - يا أختي – من كل شيء يذكِّركِ بالأخطاء والمعاصي؛ حتى لا يذكِّركِ الشيطان بها، ويجعلكِ تقنطين من رحمة الله، سواء كانت رسائلَ أو صورًا.

تذكري أن التوفيق والبركة بيد الله، والمستقبل خيره وشره لا يعلمه إلا الله، نحن علينا الدعاء والالتجاء له، بأن يوفِّقَنا لكل خير، ونحن لا نعلم هل الخير في العودة والزواج من ابن عمكِ أو لا؟ لكن هذا لا يمنع من فعل الأسباب؛ قال الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

تفاءلي يا أختي، فالله سبحانه لا يأتي منه إلا كل خير، فقد يكون هذا ابتلاء تُؤجَرين عليه، فاصبري واحتسبي وافعلي الأسباب؛ قال تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].

لا تُعلِّقي قلبكِ بهذا الرجل، وكأن الخير كله في العودة إليه، وإنما توقَّعي كل شيء، احتمال العودة، واحتمال أن يرفض هو، أو ترفض الأسرة، نحن مطالَبون بفعل الأسباب فقط، المهم هو الزواج، وتكوين أسرة مسلمة، وذرية صالحة، ولو كان من غيره.

لو قدَّر الله أن هذه الخطوبة والرجعة لم تُوفَّقي إليها، فلا تحرمي نفسكِ من الاقتران من غيره، لو تقدم أحدهم بطلب الزواج منكِ، انتبهي أن تُعلِّقي قلبكِ بأن الخير فقط في العودة إليه، وادعي الله وألِحِّي عليه دائمًا أن يوفِّقكِ لكل خير.

أختي الكريمة، إن الثبات على طاعة الله ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى التعب والمجاهدة، فمن وسائل الثباتِ الاستمرارُ على فعل الواجبات والسنن، والدعاء الصالح بالثبات مع تحرِّي أوقات الإجابة، والصحبة الصالحة مع بعض الأخوات الكريمات، وطلب العلم وحضور مجالس العلماء، والعمل التطوعي ومساعدة المحتاجين، وقراءة سِيَرِ الصالحين والصالحات، والتحلي بالأخلاق الحسنة.

أسأل الله أن يوفقكِ لكل خير، وأن يرزقكِ الزوج الصالح والذرية الصالحة، وأن يثبتكِ على طاعته، وصلى الله على سيدنا محمد.