شاهدت إعلاناً تجارياً ظريفاً هذه الأيام، بطله اللاعب الكويتي السابق لكرة القدم جاسم بهمن.
خلاصة الإعلان إصرار بهمن على أنَّه لن تقام بطولة كأس العالم في قطر، وهو الأمر الذي كان يردّده بهمن قبل حلول نوفمبر 2022 بسنوات، منذ إعلان حصول قطر على ميزة تنظيم كأس العالم عام 2010.
لعب الإعلان على فكرة الإصرار على الرأي رغم كل الدلائل التي تنقض هذا الرأي وتنفضه نفضاً، لكن بعيداً عن التوظيف التجاري لفكرة إصرار اللاعب المعتزل والمعالج الشعبي كما يقدّم نفسه حالياً، ماذا يقول الآن بهمن بعد انطلاق «المونديال» البارحة في قطر؟!
هل يخرج المعالج الشعبي الكويتي وحارس المرمى السابق، ليعتذر عن خطل اتجاهه السابق، ويقول للناس؛ آسف لقد أخطات وكنت أهرفُ بما لا أعرف، وكذب المنجّمون؟!
كان يردّد دوماً: «ماكو كاس عالم في قطر»، فهل يعود لعالم الواقع اليوم، الذي هو سيد البراهين؟
بعيداً عن الجدل السياسي وغير السياسي الذي صاحب هذا الحدث منذ 12 عاماً حتى اليوم، فهذا ليس غرض المقالة اليوم، نسأل هل لدينا عقلية تساؤلية تصحيحية عامّة؟ بعبارة أخرى، هل يسقط المرء عندنا إذا أخفق في اختبار للمصداقية؟
يعني هل لدى العقلية المجتمعية العامة آلية للتصحيح والانتقاء وتقديم أصحاب المصداقية ونبذ من سواهم، أم إن التعلّق بالأوهام، وممثلي هذه الأوهام، يظلُّ هو العنصر الأقوى والمحرّك الأبقى؟
نعم، جاسم بهمن، مع احترامي له، ليس شيئاً مذكوراً خارج الكويت، قبل خروجه بحكاية أنه «ماكو كاس عالم في قطر»، لكن ماذا عن الحالات «البهمنية» الأخرى؟
أقصد مثلاً، ماذا عن إصرار ميديا «جماعة الإخوان المسلمين»، ومطاياهم من المثقفين والإعلاميين العرب، ومستخدمي «الإخوان» من الأطراف الغربية، على أنَّ يوم 11 من شهر 11 الذي مضى وانقضى من هذا العام، سيكون يوم «ثورة» شعبية ضد الدولة المصرية، وضد الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً؟!
أجلب «الإخوان» برجلهم وخيلهم ومعهم فضائيات تبث من دول أعجمية وعربية وغربية، وحسابات بعوضية وذبابية من كل مستنقعات الأرض، وجاء يوم 11 الموعود، ومضى كغيره من الأيام.
هل يؤثر هذا الدجل الكبير على مصداقية «الإخوان»؟ هل يقوم الذهن العام بنبذ عرّافي «الإخوان»، مثلما يفترض مثلاً مع نبوءة جاسم بهمن «الخربوطية»؟
حين يتعلَّق المجتمع بمن يوصف بالداعية الإسلامي، بعدما ثبت عليه «قانونياً» أنَّه سارق لجهد غيره علمياً، فإنَّ العيب ليس في الداعية، وأمثاله، بل في الجموع التي تسير خلفهم أينما ساروا، ولا قيمة هنا للمصداقية والقيم.
الناس عندنا تخلق بهمن، ولو لم يوجد بهمن الذي نعرف، لصنع الناس بهامنهم الخاصة.