«البلدي يؤكل»... مثل شعبي كانت تضربه الجدات المصريات للتغزل في أطعمتهن، والتأكيد على أن الطعام البلدي فيه كل الخير والفائدة لذا فهو يلتهم ويؤكل بنهم... وإذا أردنا التحقق من صدق هذا المثل، فليس هناك أفضل من «الأرز المعمر».
فلا يزال هذا الطاجن المصري، سواء كان مالحاً أو حلواً، محتفظا برائحة الماضي كإحدى الأكلات التراثية القديمة، حاملا قيمة غذائية غنية وسعرات حرارية عالية بفضل ما يحتويه من فيتامينات ونشويات، وهي المنافع الجمة التي وضعت الجدات أساسها من خلال طريقة إعداده عبر مكونات الزبدة الفلاحي وحليب الجاموس أو البقر الدسم والقشدة، ثم طهيه داخل الأفران الريفية التقليدية للتحمير، فيكتسب طعما محببا ورائحة مميزة، أصبحا علامة مسجلة داخل المنازل المصرية على اختلاف طبقاتها وفئاتها.
يطهى الأرز المعمر في الأواني الفخارية، التي يطلق عليها «البرام»، وهو وجبة سريعة التحضير لا تأخذ وقتا طويلا لطهيها، ويعود سبب تسميته بـ«المعمر» لأنه عامر بالمكونات، فالأساس في هذا الطبق أن الأرز يطهى مع الحليب الجاموسي أو البقري وليس المعبأ، وكذلك القشدة أو الزبد البلدي وليس المصنع، بما يحافظ على الطعم والنكهة الأصلية.
يمكن أن تقدم ربات البيوت الأرز المعمر كطبق رئيسي مستقل بذاته إذا كان مالحاً، فهو من الأطباق المناسبة لوجبات الغداء أو الإفطار، كما يمكن أن يؤكل بين الوجبات إذا تم تحضيره بنكهة حلوة المذاق، فضلاً عن أنه ملائم لأن تقدم معه أصناف أخرى، من الخضراوات، أو مع صينية بطاطس بالفرن، أو اللحوم والدجاج، علاوة على ذلك يتم تقديمه ساخنا أو بارداً حسب الرغبة، لذا تفضله الكثير من ربات البيوت عند إقامة العزومات والولائم.
رغم مرور السنوات، يحتفظ «الأرز المعمر» بمكانته وبمذاقه الغني، كما استطاع أن يضيف لصفته الشعبية مكانة جديدة، بعد أن انتقل من الفرن الريفي البسيط إلى أفران المطاعم الكبرى والفنادق، التي لا تخلو قائمة طعامها من «الأرز المعمر»، سواء لتقديمة إلى المصريين أو السائحين من العرب والأجانب، خاصةً بعد أن انتقل الطاجن المصري من موطنه الأصلي إلى العديد من الدول العربية، ليدخل «الأرز المعمر» ضمن عاداتها الغذائية ويحظى بقاعدة جماهيرية فيها، حيث يعتبره كثيرون طبقهم المفضل.
يقول الشيف محمد الدري، أحد طهاة مطعم «مولانا» المتخصص في الأكلات الشرقية والمشويات بالقاهرة في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «الأرز المعمر أكلة تراثية قديمة ولها حضور كبير على موائد المصريين، ويرجع ذلك لتوفر الألبان بكثرة لدى الشرائح المجتمعية في الريف، ما جعله ضيفاً على موائدهم في أغلب الأوقات».
ويتابع: «رغم أن الأجيال الجديدة انصرفت إلى تناول الوجبات الغذائية السريعة، إلا أن طاجن الأرز المعمر استطاع أن يجذب مختلف الأعمار، لا سيما مع الابتكارات والتطوير الذي لحق بهذا الطاجن».
وأوضح أن بعض المطاعم تحرص على تقديم المعمر ضمن ركن الطواجن بشكل مبتكر، عبر الإضافات المختلفة التي تكسبه نكهات تلبي مختلف الأذواق»، وزاد: «خلال السنوات الأخيرة أصبح الطهاة يقدمونه بمذاقات متنوعة، منها: أرز معمر باللحم الضأن، وبالحمام، وبكبدة الدجاج، وباللحم البتلو، بالإضافة إلى تقديمه بالدجاج مع الكريمة، أو معمر بالجمبري».
يقدم الشيف محمد الدري طريقة عمل طاجن أرز معمر بالحمام:
- المكونات:
> 4 أكواب أرز
> 4 حمامات
> 4 أكواب من حليب الجاموس
> كوب ماء كبير
> شرائح بصل صغيرة
> 4 ملاعق كبيرة زبد
> نصف كوب قشدة
> 4 ملاعق كبيرة زيت
> ملح وفلفل
-ـ الطريقة:
> توضع شرائح البصل والملح والفلفل الأسود في وعاء مع التقليب
> يتم تتبيل الحمام من الداخل والخارج بهذا الخليط
> على درجة نار متوسطة يتم تذويب 2 ملعقة من الزبد، ثم القيام بعملية تشويح الحمام
> التشويح يستمر لمدة 3 أو 4 دقائق حتى يصبح لونه بنيا خفيفا
> على نار متوسطة يتم وضع الحليب والماء والملح والفلفل الأسود حتى الغليان
> يتم تسخين الفرن ثم وضع الطاجن فيه فارغا حتى يسخن
> يتم إخراج الطاجن من الفرن مع دهنه بالزبد، ثم وضع 2 كوب أرز، ثم وضع الحمامات مع خليط البصل، ثم تباعا يتم وضع باقي الأرز
> يتم توزيع القشدة فوق الأرز، ثم توزيع باقي الزبد
> يتم صب الحليب على أنحاء الطاجن
> يتم وضع الطاجن في الفرن لتمام النضج وحتى يحمر الوجه