بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كاملة تضطر لترك المدرسة لإعالة أسرهم

منذ 14 ساعة 13

بقلم:  Aseel Duzdarيورونيوز

هناك العديد من الأسر في تركيا التي تعاني وتكافح من أجل إيجاد ثمن ما تأكله وتشربه، ولدفع إيجار مكان يحويها ولو كان متواضعا جدا أو حقيرا، الأمر الذي يؤثر على صغار السن. قال تقرير مشترك صدر عام 2023 عن اليونيسف والمعهد الإحصائي التركي إن 7 ملايين طفل من أصل 22.2 مليونا في تركيا يعانون من الفقر.

قد تكون للفقر عواقب مأساوية. إذ توفى 5 أطفال في حريق في مدينة إزمير في تشرين الثاني/نوفمبر بينما كانت والدتهم تجمع الخردة للبيع. وتسببت صورة والدهم الباكي الذي تم اصطحابه من السجن وهو مكبل اليدين لحضور جنازة أطفاله، إفي ثارة غضب واسع النطاق إزاء العجز الذي تواجهه الأسر الفقيرة.

وقد صنفت اليونيسف الدولة التركية في المرتبة الـ38 من بين 39 دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث فقر الأطفال بين عامي 2019 و2021، وووصل معدل فقر الأطفال إلى نسبة 34 بالمئة.

فما الذي تعيشه الأسر الفقيرة؟ وهل يمكن للطفل أن يعمل ويتعلم في الوقت ذاته؟

قصة واحدة فقط

في شقة ذات غرفة واحدة في أحد أفقر أحياء إسطنبول، يجلس الطفل أتاكان شاهنين (11 عاماً) على أريكة مهترئة مع أشقائه الثلاثة لمشاهدة التلفاز بينما تقلب والدتهم قدراً من المعكرونة. وفي الليل، ينامون أحيانًا على صوت الفئران التي تتجول عبر المبنى.

تقول والدتهم رقية شاهين ( 28 عاما): "انظروا إلى حالة أطفالي. لدي أربعة أطفال. لا يحصلون على فرصة تناول الدجاج، ولا يأكلون اللحوم. وأرسلهم إلى المدرسة بأحذية ممزقة".

تعيش عائلة شاهين على بعد بضع دقائق سيرًا على الأقدام من شارع الاستقلال، وهو مكان سياحي مليء بالمتاجر والمطاعم ذات الوجبات الغالية. ما يعني أنهم يمكن أن يعثروا على ما يعتاشون منه في هذه المنطقة الحيوية.

ويقضي الطفل أتاكان أيامه في مساعدة والده في البحث داخل حاويات القمامة عن مواد قابلة لإعادة التدوير، لكسب دخل ولو كان ضئيلا للأسرة.

أما عن حقه في التعليم فقال: "لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة لأنني لا أملك المال".

يجلب الأطفال الفقراء في اسطنبول المال لأسرهم من خلال بيع أشياء صغيرة مثل الأقلام أو المناديل أو الأساور في الحانات والمقاهي، ويعملون حتى وقت متأخر في الغالب.

خلفية اقتصادية واجتماعية

إن ارتفاع معدلات التضخم بشكل مستمر جعل أسرا عديدة تكافح من أجل لقمة العيش. وبلغ معدل التضخم 47% في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أن بلغ ذروته عند 85 بالمئة في أواخر عام 2022.

كما كانت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية أعلى بنسبة 5.1% في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة بالشهر السابق.

يذكر أن التضخم في تركيا أتى بسبب انخفاض قيمة العملة والسياسات الاقتصادية غير التقليدية التي انتهجها الرئيس رجب طيب إردوغان وقد تراجع عنها لاحقا.

تتلقى رقية وزوجها 6000 ليرة (173 دولارًا) شهريًا من الرعاية الاجتماعية الحكومية للمساعدة في تغطية تكاليف المدرسة، لكنهما يدفعان المبلغ كله لإإيجار منزل يؤوي العائلة. ورغم أن الحكومة في أنقرة تخصص مليارات الليرات للأسر المتعثرة، إلا أن التضخم يلتهم أي مساعدة يمكن للدولة أن تقدمها.

تركيا تربي جيلا ضائعا

هناك مواطن يدعى محمد يرالان (53 عاما) يجلب من تلقاء نفسه الضروريات الأساسية للفقراء في تارلاباسي كالمعاطف والدفاتر والأرز. وقال:"أطفالنا لا يستحقون هذا.. الأسر موضوعة في مواقف صعبة للغاية. والناس لا يمكنهم شراء الطعام لأطفالهم وإرسالهم إلى المدرسة". وأضاف قائلا: إن "الأطفال في الشوارع يبيعون المناديل الورقية لدعم أسرهم. ونحن نشهد فقرًا مدقعًا هنا."

وقالت هاجر فوغو، وهي باحثة وناشطة في مجال الفقر، إن تركيا تربي جيلًا ضائعًا يضطر إلى ترك المدرسة من أجل العمل. وأضافت أن الخيار الآخر للطفل هو أن يتم توجيهه إلى برامج مهنية، حيث يعمل الطفل أربعة أيام ويدرس يومًا واحدًا في الأسبوع، ويتلقى جزءًا صغيرًا من الحد الأدنى للأجور.

وقالت: "يعيش مليونا طفل في فقر مدقع. وأصبح عمل الأطفال شائعًا جدًا. إذ تختار الأسر برامج التعليم والعمل هذه لأن الأطفال يجلبون بعض الدخل. إنه ليس تعليمًا حقيقيًا، بل مجرد عمل أرخص".