اتسعت رقعة الفوضى التي تضرب محافظة إب اليمنية (192 كيلومتراً جنوب صنعاء) بإشراف ورعاية رسمية من أعلى المستويات القيادية في ميليشيات الحوثي، حيث قتل 7 أشخاص على الأقل خلال يوم واحد، أثناء محاولة أحد مشرفي الميليشيات الاستيلاء على مساحة من الأرض يتنازع ملكيتها مع إحدى الأسر في مديرية فرع العدين غرب المحافظة.
وفي حين اتسعت عمليات السطو المسلّح في عاصمة المحافظة (مدينة إب) مع تنامي الفساد بصورة غير معهودة، جاء ذلك بعد أيام من إرسال زعيم ميليشيات الحوثي أهم قادته إلى المحافظة، وفي طليعتهم رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط، ومنافسه محمد علي الحوثي؛ بهدف احتواء الانفلات الأمني المتصاعد في المحافظة التي تعيش في حالة من الفوضى غير مسبوقة، لكنهم فشلوا في ذلك. وذكر اثنان من سكان مديرية فرع العدين أن مشرف الحوثي في المديرية؛ ويُدعى أبا حيدر المداني، قُتل ومعه أحد مؤيديه ويُدعى محمد المزحاني، واثنان من مرافقيهما، كما جُرح آخر، خلال مواجهة مع مجموعة أخرى يقودها منصور نعمان، بعد أن حاول المشرف الحوثي وأتباعه الاستيلاء على مساحة من الأرض في منطقة بني معيض يملكها نعمان.
ووفقاً لما قاله المصدران، فإنه وبمجرد دخول المداني الأرض جرى منعه، إلا أنه رفض وتطور الأمر إلى تبادل لإطلاق النار حيث قتل المشرف ومن معه واثنان من مرافقيهم، كما قتل مالك الأرض، وقام أبناء أتباع الميليشيات بإحراق منزله وإحراق 4 سيارات يملكها وإخوته.
في هذا السياق أوضح مرزوق الصيادي؛ وهو عضو الفريق الإعلامي في محور الضالع العسكري، لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات الحوثية أحرقت منزل منصور نعمان الذي يقطنه أقرباؤه فقط. ووفقاً للصيادي، فإن تفجير المنزل كان عملية انتقامية من مواقف نعمان المناهضة للانقلاب الحوثي، إذ حاول السكان منع الميليشيات من تفجير المنزل، إلا أنها أصرت على ذلك، كما هي الحال في كل مناطق سيطرتها.
الحادثة أتت متزامنة مع مواجهات مسلّحة شهدتها قرية المشاعبة في منطقة ميتم بضواحي عاصمة المحافظة (مدينة إب)، حيث تتنازع أسرتان ملكية قطعة من الأرض هناك، كما شهدت المدينة عمليات سطو مسلّح في المساء وبشكل مستمر، حيث يقوم مسلحون يستقلون دراجات نارية باعتراض المارة الذين يختارونهم بعناية وينهبون ما بحوزتهم من أموال أو هواتف أو خناجر تقليدية باهظة الأثمان، خصوصاً في منطقة الجباجب وشارع الثلاثين.
ووفق ما ذكره أحمد، لـ«الشرق الأوسط»؛ وهو أحد سكان المدينة، فإن عصابة كبيرة تقوم بترويع السكان ليلاً، وسبق أن أعلن القبض على بعض منتسبيها ولكن لم تجر محاكمتهم، فيما البقية يواصلون إرعاب سكان تلك الأحياء، دون أن تحرك الأجهزة الأمنية التي يقودها أبو علي الكحلاني الحارس الشخصي السابق لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، أي ساكن.
ويقول ساكن آخر اسمه سمير: «إن أعمال النهب بالإكراه وبقوة السلاح انتشرت مؤخراً في مدينة إب وفي خارجها، حيث تعرّض قبل أيام أحد العاملين في شركة أدوية لعملية سطو مسلح، عند عودته من مديرية السياني، حيث كان يقوم بتحصيل المبالغ المالية لدى الوكلاء، وعند عودته إلى المدينة اعترضه مسلحان على متن دراجة نارية، ووضعوا السلاح على رأسه، ونهبوا كل الأموال التي كانت بحوزته وهاتفه المحمول، ورغم إبلاغ الشرطة الخاضعة للحوثيين فإنها لم تقم بفعل أي شيء».
ومع انتهاء الزيارة التي قام بها إلى إب كل من محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الميليشيات، ورئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، والتي استمرت عدة أيام، برفقة قادتهم العسكريين والأمنيين، أبلغ المواطنون في مديرية جبلة في ضواحي عاصمة المحافظة بقيام مجموعة من المسلحين بالسطو على مساحة تخص مدرسة في قرية الفجرة، والتي جرى إعادة بنائها وتأهيلها على حساب الصندوق الاجتماعي للتنمية، كما طالت أعمال البسط أحد المقابر وأراضي الوقف وأراضي المواطنين الضعفاء.
ولا تقتصر الفوضى على القتل والبسط على الممتلكات، بل تعدّت ذلك، وفق ما يقوله السكان، إلى الاستيلاء على شوارع المدينة، حيث أكدوا أن النائب الأول لهيئة الأراضي والمساحة في المحافظة تسلم 15 مليون ريال (الدولار حوالي 560 ريالاً) من أجل تعديل وإزاحة مخطط أحد الشوارع، كما جرى العبث بمخططات عدد من الشوارع بعد دفع مبالغ مالية لمسؤولي مكتب الإسكان في المحافظة.