قمة العشرين الحالية ليست مثل سابقاتها في السنوات الأخيرة، فثمة ترقب لتغيير كبير في السياسة الدولية يتمثل في عودة دونالد ترامب الوشيكة في الولايات المتحدة، وسط توقعات بإحداثه انقلابات كبيرة في توجهات واشنطن على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي وعسكري.
انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، الاثنين، ورغم أن الدولة المضيفة (البرازيل) تولي اهتماما لموضوع الفقر في العالم، إلا أن الأزمات الدولية من غزة إلى أوكرانيا فرضت نفسها، فضلاً عن العودة المرتقبة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة.
وقال الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، في الجلسة الافتتاحية إن الجوع والفقر انتشرا في العالم نتيجة للقرارات السياسية.
وأعلن عن تحالف لمكافحة الجوع تشمل 81 دولة و26 منظمة دولية و9 مؤسسات مالية.
وقال الرئيس لولا لنظرائه: "إن الأمر متروك لنا نحن الجالسين هنا حول هذه الطاولة لمواجهة المهمة الحتمية المتمثلة في إنهاء هذه الوصمة التي تلطخ الإنسانية بالعار. وسيكون هذا هو إرثنا الأكبر".
ومن ناحيته، أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، انضمام بلاده إلى التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر الذي دعت إليه البرازيل.
وكشف عن 8 إجراءات لدعم التنمية العالمية، وقال إن بلاده ستعمل "على توسيع الانفتاح الأحادي الجانب على البلدان الأقل نموا، وستبني بشكل مشترك حزاما وطريقا بجودة عالية".
وتستمر أعمال القمة على مدار يومين هما 18 و19 تشرين الثاني/ نوفمبر، في مدينة ريو دي جانيرو الساحلية، بمشاركة الدول الأعضاء وممثلي الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
وتركز القمة على الإدماج الاجتماعي وإصلاح الحوكمة العالمية والتحولات في مجال الطاقة والمناخ. كما تتصدر التوترات الجيوسياسية والتجارية المستمرة قائمة جدول الأعمال هذا العام، بما في ذلك الحرب الدائرة في أوكرانيا وغزة.
ومن المقرر عقد أكثر من 100 اجتماع لمجموعات العمل التي تشكل مجموعة العشرين، سواء وجهاً لوجه أو افتراضياً، على المستوى الفني والوزاري، في المدن المضيفة في المناطق الخمس في البرازيل، وليس في ريو دي جانيرو وحدها، بحسب الموقع الإلكتروني للقمة.
ترامب الحاضر الغائب
ولا يشارك الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، في القمة الحالية، فهو لن يستلم منصبه قبل 20 كانون الثاني/ يناير المقبل.
ويمثل الولايات المتحدة في القمة، الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، لكنه يبدو ضعيفاً وسط بقية القادة، إذ لم يعد أمامه في البيت الأبيض سوى أسابيع قليلة.
ولا يعول القادة المشاركون في القمة على توقيع اتفاقات مع بايدن، بسبب قدوم ترامب الذي توعد بإحداث تغييرات كثيرة في السياسة الأمريكية، كالانسحاب مجددا من اتفاقية باريس للمناخ، علماً بأن تغير المناخ هو أحد أبرز الملفات المطروحة على القمة.
وتمثل دول مجموعة العشرين 85 % من اقتصاد العالم، وهي أكبر المساهمين في بنوك التنمية المتعددة الأطراف التي تساعد في توجيه تمويل المناخ.
وتقول وكالة "أسوشيتد برس" إن عودة ترامب الذي يرفع شعار "أمريكا أولاً" ربما يعيق الروح الدبلوماسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق واسع النطاق بشأن القضايا الخلافية.
مشاركة عربية
ويشارك في هذه القمة قادة وممثلون عرب، ومنهم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي هو الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي.
كما يشارك ولي عهد أبو ظبي، الشيخ خالد بن محمد بن زايد، ووزير خارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان.
وتأسست مجموعة قادة العشرين استجابة للأزمة المالية العالمية التي اندلعت إثر انهيار بنك ليمان براذرز، وعقدت أول قمة للمجموعة في واشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008.
وتعقد القمة حالياً بشكل سنوي في تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام.
وتقول أستاذة العلاقات الدولية في جامعة ساو باولو: "إن الدبلوماسية البرازيلية سعت بقوة في هذه المهمة (أي: مكافحة الفقر)، لكن توقع إعلان قوي وتوافقي في هذا العام 2024، مع صراعين دوليين خطيرين (غزة وأوكرانيا)، هو مبالغة كبيرة".