بقلم: Hassan Refaei & Joshua Askew • آخر تحديث: 20/01/2023 - 14:00
جنود شيشانيون يستمعون إلى زعيمهم رمضان قديروف أثناء خطاب له أمام 10 آلاف جندي في العاصمة غروزني، 29 مارس، 2022. - حقوق النشر AP Photo
يتصدّر الشيشانيون الجماعات العرقية التي انخرطت في القتال على جانبي الحرب المستعرة في أوكرانيا، حيث تستخدم روسيا الشيشان الموالين للكرملين من أجل ارتكاب فظائم بحق المدنيين الأوكرانيين والتنكيل بالجنود الروس المعارضين للحرب، فيما يقاتل إلى جانب كييف شيشانيون من قدامى المحاربين في وطنهم وانفصاليون ملاحقون من قبل موسكو، وهم ذاتهم الذين كانوا وقفوا إلى جانب كييف خلال أزمة القرم التي بدأت في العام 2014.
الشيشان منطقة جبلية بالقوقاز أغلب سكّانها مسلمون، وخلال الحقبة السوفيتية تم الجمع بين الشيشان والانغوش القريبة عرقيا، وأصبحت غروزني عاصمة للإقليم، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1991 اختارت الانغوش أن تصبح جمهورية داخل روسيا بينما أعلنت الشيشان استقلالها.
قديروف وابنه رمضان
الزعيم الشيشاني السابق جوهر دوداييف وبعد أن أعلن الاستقلال في نهاية الحكم السوفيتي في العام 1994، أرسل الرئيس الروسي حينها بوريس يلتسن قوات قاتلت المحاولة الانفصالية، وفي العام 1999 أرسلت موسكو مجدداً قوات إلى الشيشان وشنت حرباً على الإنفصاليين استمرت حتى العام 2009، وتمّ خلالها تشكيل جمهورية الشيشان داخل الاتحاد الروسي وهي جمهورية تعمل مؤسساتها وإداراتها وفقًا للقوانين الروسية، ويعتمد الحكم فيها على قوات مسلحة محلية قوامها يتراوح ما بين 10 و30 ألف جندي ويتبعون رسمياً وزارة الخارجية الروسية والحرس الوطني.
وحين اعتلى فلاديمير بوتين كرسي الرئاسة قام بتعيين قادة شيشانيين موالين للكرملين لادارة الشيشان، وكان أول زعيم شيشاني يستعين به بوتين هو أحمد قديروف الذي اغتيل في العام 2004، وحالياً يتولّى ابنه رمضان قديروف رئاسة الشيشان، وهو من أشد الداعمين لبوتين ولحربه في أوكرانيا.
قديروف يحشد آلاف المقاتلين الشيشان
يقول الأستاذ المساعد في جامعة أوتاوا والمتخصص في الشأن الشيشاني، جان فرانسوا راتيل، عن الشيشان المؤيدون لموسكو في تصريح لـ"يورونيوز": "لقد تمّ استقطابهم من قبل النظام الروسي"، مشيراً إلى أنهم حصلوا من الدولة الروسية على أسلحة واستثمارات ومبالغ مالية تقدر بمليارات الدولارات في السنوات الماضية.
ومع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الماضي، حشد رمضان قديروف آلاف المقاتلين الشيشان ودفع بهم إلى القتال لصالح روسيا، وتتلقى هذه الميليشيات الدعم المادي واللوجستي من هيئة الأمن الفدرالية الروسية.
وعن تلك الميليشيات وما تمثله بالنسبة لقادروف، يقول محلل شؤون شمال القوقاز، هارولد تشامبرز لـ"يورونيوز : "إنها بمثابة جيشه الخاص"، مشيراً إلى أن "السبب الجوهري" لوجودها في أوكرانيا هو أن قادروف، المدافع القوي عن الحرب، يسعى إلى تعزيز مكانته لدى الرئيس الروسي.
وفي حمأة اندافعه في إظهار ولاءه لبوتين، أعلن قديروف في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي أن أبناءه الثلاثة، وجميعهم في سن المراهقة، يقاتلون في الخطوط الأمامية للحرب في أوكرانيا، وذلك من خلال مقطع مصوّر نشره على تطبيق "تليغرام" في الشبكة العنكبوتية، كما دعا موسكو في الشهر ذاته إلى التفكير في استخدام سلاح نووي منخفض القوة في أوكرانيا بعد هزيمة منيت بها القوات الروسية في ساحة المعركة.
ما هو تأثير الشيشان في أرض المعركة؟
مع بداية الحرب في أوكرانيا، تدفّق إلى أرض المعركة لصالح روسيا الآلاف من جنود المشاة الشيشان، وثمة تقديرات بأن عددهم يبلغ نحو 9 آلاف شيشاني، وثمة تقديرات تشير إلى أن عدد الذين انخرطوا في القتال إلى جانب طرفي الحرب يزيد عن الـ21 ألف شيشاني، وهم متمرّسون في عمليات القمع ومكافحة التمرد، وقد شاركوا في قتال الشوارع بماريبول سيفيرودونيتسك وبمناطق متفرقة من إقليم الدونباس جنوب شرق أوكرانيا.
لكنّ جان فرانسوا راتيل يشكك بشأن أهمية القوات الشيشانية على صعيد رسم مسار المعركة، وقال: "إنها ليست قوة النخبة، لقد تم استخدامهم على الأرجح كقوة استنزاف.. فتداعيات مقتل جندي شيشاني في هذه الحرب هو أقل وطأة من مقتل جندي روسي".
وعلى الرغم من أنه لا يوجد عددٌ محدد ودقيق للقتلى الشيشان في الحرب، إلا أن تشامبرز يؤكد بأنهم "تكبدوا خسائر فادحة"، على حد تعبيره.
وتشير التقارير إلى أن المقاتلين الشيشان يتمّ استخدامهم لفرض الانضباط على الجنود الروس الساخطين، وقاموا بإعدام الفارين منهم أو الذين يحاولون الانشقاق والالتحاق بالجيش الأوكراني.
ويقول راتيل لـ"يورونيوز": "يتم تكليف (المقاتلين الشيشان) بمهام تنتهك قوانين الحرب"، وأضاف أنهم "يميلون إلى التصرف كمجرمين أكثر من كونهم جنود"، مؤكداً أنهم متورطون بعمليات تعذيب ونهب وسرقة.
دعاية الكرملين "النخبة المقاتلة"
بالتزامن مع بدء عملياتها العسكرية في أوكرانيا، شنّ الجيش الروسي حرباً نفسية عبر الشبكة العنكبوتية، إذ نشر مقاطع مصوّرة لمقاتلين شيشان يبدون فيها وكأنهم متوحشين، وذلك في محاولة لبث الرعب في نفوس المدنيين الأوكرانيين.
ويشير راتيل إلى أن موسكو "حاولت تسويق فكرة أن الجنود الشيشان هم مقاتلو النخبة، وجاؤوا إلى أوكرانيا من أجل تدميرها"، مؤكداً على أن "تأثير هذه الدعاية" كان أجوفاً إلى حد كبير واختفى أثره بعد تعثّر الهجوم الأول على كييف ودحره في الربيع.
وتابع راتيل قائلاً: إن المقاتلين الشيشان "متمرسون أكثر بالقتال عبر إنستغرام.. إن وضعهم في وسائل التواصل الاجتماعي أفضل من وضعهم في ساحات القتال".
ويشار إلى أنه في بعض الأحيان، تأتي الإعجابات والمشاركات على صفحات أو منشورات مقاتلي الشيشان في وسائل التواصل الاجتماعي بنتائج مميتة، وفي هذا الإطار يقول تشامبرز: إنه بسبب ما ينشرونه على وسائل التواصل الاجتماعي، كان ثمة "قضايا أمنية وعملياتية مهمة للغاية" أتاحت للقوات الأوكرانية تحديد مواقع القواعد الروسية وقصفها مما أسفر عن مقتل جنودها.
ويُزعم أن مادة دعائية قام أحد أبناء قديروف بنشرها على "إنستغرام" أثناء قيامه بجولة في أوكرانيا (في الصورة أدناه) ساعد كييف على تنفيذ هجوم صاروخي استهدف مواقع روسية، وفقًا لتشامبرز.
من هم الشيشان الذين يقاتلون من أجل أوكرانيا؟ ولماذا هم هناك؟
يقاتل إلى جانب أوكرانيا نحو 200 مقاتل شيشاني وهذا العدد أقل بكثير مقارنة مع عدد مواطنيهم الذين يقاتلون إلى جانب روسيا، يقول محللون إن الشيشان الذين انضموا إلى القوات الأوكرانية يشاركون أحياناً في مناوشات مع شيشانيين آخرين يقاتلون مع الجانب الروسي.
يقول راتيل: "لديك بوتقة تنصهر فيها أنواع مختلفة من البشر والأيديولوجيات"، موضحاً أن الشيشان الذين يقاتلون إلى جانب أوكرانيا هم "المعادون لروسيا وقدامى المحاربين ومنفيون يعيشون في أوروبا الغربية وتركيا"، وهؤلاء كان انتقل عدد منهم إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا في العام 2014 حين استولت موسكو بشكل غير قانوني على شبه جزيرة القرم، وهو الحدث الذي أطلق شرارة الأعمال العدائية بين البلدين.
ولهزيمة روسيا في أوكرانيا هدف سياسي للمقاتلين الشيشان مرتبط بمصير وطنهم، ويوضح تشامبرز أن "الخطوة الأولى في أذهانهم هي هزيمة روسيا ومن ثم استعادة الشيشان مرة أخرى"، قال: إنهم "يريدون تحرير الشيشان من الحكم الروسي".