القوات الأوكرانية تدمر جسرا ثالثا في كورسك الروسية وزيلينسكي يتحدث عن منطقة عازلة كهدف نهائي

منذ 3 أشهر 42

في تطور لافت، كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن الهدف الحقيقي وراء العملية العسكرية التي شنتها قواته في منطقة كورسك الروسية. فقد أوضح زيلينسكي أن الغاية تتمثل في إقامة منطقة عازلة لحماية الأراضي الأوكرانية من الهجمات الروسية عبر الحدود.

وهي المرة الأولى التي يذكر فيها زيلينسكي بوضوح الهدف من العملية التي بدأت في 6 أغسطس. وكان قد قال في السابق إن العملية تهدف إلى حماية المجتمعات المحلية في منطقة سومي المتاخمة للحدود من القصف المستمر.

وقال زيلينسكي في تصريحات له يوم الأحد: "مهمتنا الأساسية الآن هي تدمير أكبر قدر ممكن من القدرات العسكرية الروسية والقيام بأقصى قدر من الهجمات المضادة. وهذا يشمل إنشاء منطقة عازلة على أراضي العدو، وهو ما نقوم به في منطقة كورسك".

من ناحيتها قالت موسكو إن أوكرانيا قصفت وألحقت أضرارا بجسر ثالث في منطقة كورسك بينما تحاول قوات كييف توسيع توغلها داخل الأراضي الروسية.

وأكدت لجنة التحقيق الروسية يوم الاثنين الهجوم على الجسر الواقع على طول نهر سيم الذي يمر عبر كورسك.

يأتي هذا التطور الميداني بعد قيام القوات الأوركانية بتدمير جسرين في كورسك في اليومين الماضيين.

وفي اعتراف ضمني بفداحة الخسائر، أقر مدونون عسكريون مقربون من الكرملين بأن تدمير الجسر الأول على "نهر سيم" قرب بلدة غلوشكوفو من شأنه أن يشل حركة الإمدادات الروسية في المنطقة. ورغم تأكيدهم على إمكانية اللجوء إلى وسائل بديلة كالمروحيات والجسور الصغيرة، إلا أن نبرة القلق كانت واضحة في تعليقاتهم.

وفي خطوة استعراضية، نشر قائد سلاح الجو الأوكراني الفريق أول ميكولا أوليتشوك مقطع فيديو يظهر لحظة انشطار الجسر إلى نصفين إثر غارة جوية مركزة. ولم تمض سوى ساعات حتى أعلن أوليتشوك، وبتأكيد من حاكم الإقليم الروسي أليكسي سميرنوف، عن استهداف جسر ثانٍ في المنطقة.

ورغم التكتم الرسمي حول موقع الجسر الثاني، إلا أن التكهنات تشير إلى أنه يقع في قرية زفانو على "نهر السيم" ذاته.

 وقد ذهب موقع "ماش" الإخباري الروسي إلى حد القول بأن الهجمات الأوكرانية لم تُبقِ سوى جسر واحد سليم في كامل المنطقة، وهو ما قد يعني شللاً شبه تام في حركة الإمداد والإخلاء الروسية إذا ما تأكدت هذه المعلومات.

ويكتسب هذا التطور أهمية استثنائية نظراً لموقع بلدة جلوشكوفو الاستراتيجي على بعد 12 كيلومتراً فقط من الحدود الأوكرانية و16 كيلومتراً من جبهة القتال الرئيسية في كورسك. أما زفانو، فتقع على بعد 8 كيلومترات إضافية إلى الشمال الغربي، مما يجعلها نقطة محورية في شبكة الطرق الروسية بالمنطقة.

وفي ظل الغموض الذي يكتنف الأهداف الحقيقية للهجوم الأوكراني، والذي يعد الأكبر على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، يبدو أن كييف قد نجحت في مباغتة الكرملين وإرباك حساباته. فقد توغلت القوات الأوكرانية بسرعة في عمق الأراضي الروسية من عدة محاور دون أن تلقى مقاومة تذكر، مما أثار حالة من الذعر دفعت بعشرات الآلاف من المدنيين إلى النزوح.

وفي تصريح مثير للجدل، زعم القائد العام للقوات الأوكرانية الجنرال أولكسندر سيرسكي أن قواته تمكنت من السيطرة على مساحة تقدر بألف كيلومتر مربع خلال أيام معدودة. ورغم صعوبة التحقق من صحة هذا الادعاء بشكل مستقل، إلا أنه يعكس حجم الزخم الذي اكتسبته العملية الأوكرانية في هذه المرحلة الحاسمة من الصراع.

 المناطق العازلة التي يسعى الجانبان إلى إقامتها

 في حديثه عن فكرة إنشاء منطقة عازلة، أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أن القوات الأوكرانية حققت "نتائج جيدة ومطلوبة بشدة".

من جهة أخرى يرى المحللون أنه رغم محاولات أوكرانيا تعزيز مكاسبها داخل الأراضي الروسية، فإن هذه الخطوة قد تحمل مخاطر كبيرة، بسبب نقص الموارد المتاحة لكييف، حيث أن خطوط إمداداتها التي الواصلة في عمق منطقة كورسك قد تكون عرضة للخطر.

وقد أظهر التوغل الأوكراني قدرتها على استعادة زمام المبادرة، مما ساهم في رفع معنوياتها التي تضررت جراء هجوم مضاد غير ناجح في الصيف الماضي، بالإضافة إلى أشهر من الخسائر الفادحة في منطقة دونباس الشرقية.

من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته للصين في مايو/أيار، إن الهجوم الذي شنته موسكو في ذلك الشهر في منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا كان يهدف إلى إنشاء منطقة عازلة. وقد أسفر هذا الهجوم عن فتح جبهة جديدة وشرد آلاف الأوكرانيين. وأوضح بوتين أن هذه الهجمات كانت ردًا على القصف الأوكراني لمنطقة بيلغورود الروسية، حيث قال: "لقد قلت علنًا إنه إذا استمر ذلك، سنضطر إلى إنشاء منطقة أمنية، منطقة صحية. هذا ما نقوم به".

تشبه العملية الأوكرانية في كورسك الهجوم السريع الذي قادته أوكرانيا في سبتمبر/أيلول 2022، والذي تمكنت فيه من استعادة السيطرة على منطقة خاركيف الشمالية الشرقية بعد استغلال نقص القوات الروسية ونقص التحصينات.

في يوم السبت، دعا زيلينسكي حلفاء كييف إلى رفع القيود المتبقية على استخدام الأسلحة الغربية لمهاجمة أهداف في عمق روسيا، بما في ذلك كورسك، مؤكدًا أن قواته يمكن أن تحرم موسكو "من أي قدرة على التقدم والتسبب في الدمار" إذا ما مُنحت قدرات كافية بعيدة المدى.

 وذكر زيلينسكي على منصة X: "من الضروري أن يزيل شركاؤنا الحواجز التي تعيقنا عن إضعاف المواقع الروسية بالطريقة التي تتطلبها هذه الحرب. شجاعة جنودنا وصمود ألويتنا القتالية تعوض عن نقص القرارات الأساسية من شركائنا".

في السياق نفسه، زعمت وزارة الخارجية الروسية والمدونون الموالون للكرملين أن قاذفات "هيمارس" الأمريكية الصنع قد استخدمت لتدمير الجسور على نهر السيم، ولكن لم يتم التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل.

سعى قادة أوكرانيا مرارًا للحصول على تفويض لشن ضربات بعيدة المدى على القواعد الجوية الروسية وغيرها من البنى التحتية المستخدمة في قصف منشآت الطاقة الأوكرانية.

على صعيد آخر، يبدو أن موسكو قد زادت من هجماتها على كييف، حيث استهدفت العاصمة يوم الأحد بصواريخ باليستية للمرة الثالثة هذا الشهر، وفقًا لرئيس الإدارة العسكرية البلدية سيرهي بوبكو. وأشار بوبكو في منشور على تطبيق تلغرام إلى أن الضربات "المتطابقة تقريبًا" التي استهدفت العاصمة في أغسطس/آب "استخدمت على الأرجح" صواريخ KN-23 التي زودتها كوريا الشمالية. وتبعت ذلك محاولة أخرى لاستهداف كييف في حوالي الساعة السابعة صباحًا بصواريخ كروز من طراز إسكندر، حيث أكد بوبكو أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تمكنت من إسقاط جميع الصواريخ التي أُطلقت في كلا الهجومين.

في سياق متصل، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أن بلاده، الحليفة لروسيا، قد حشدت "ما يقرب من ثلث" جيشها على الحدود مع أوكرانيا، ردًا على نشر أكثر من 120 ألف جندي أوكراني على الحدود التي تمتد بطول 1084 كيلومترًا. وأشار لوكاشينكو في حديثه للتلفزيون الروسي الرسمي إلى أن عدد الجنود المحترفين في الجيش البيلاروسي يتجاوز 60,000 جندي.

من جانب آخر، نفى المتحدث باسم قوات الحدود الأوكرانية، أندري ديمتشينكو، وجود أي علامات على حشود بيلاروسية على الحدود.

يشار إلى أن لوكاشينكو، الذي يتولى الحكم منذ ثلاثة عقود، قد اعتمد على الدعم الروسي لقمع الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها بلاده بعد إعادة انتخابه عام 2020، والتي اعتبرت على نطاق واسع مزورة. كما سمح للقوات الروسية باستخدام أراضي بيلاروسيا كقاعدة للغزو الأوكراني، ووافق على نشر بعض الأسلحة النووية التكتيكية على أراضيه.